تبدو حكومة محمود عباس أبو مازن عالقة في مكان يرشحها لتلقي قدر غير يسير من شظايا كل انفجار او تصريح متفجر. اذا اغتالت حكومة آرييل شارون مسؤولاً في "حماس" اصابت بعض الشظايا حكومة ابو مازن علاوة على المستهدف. واذا فجرت "حماس" حافلة في القدس اصابت بعض الشظايا حكومة ابو مازن علاوة على المستهدفين. في الحالة الاولى يقول قسم من الفلسطينيين ما جدوى حكومة لا تستطيع لجم سياسة الاغتيالات الاسرائيلية. في الثانية يقول قسم من الاسرائىليين ما جدوى حكومة فلسطينية لا تستطيع وقف العمليات الانتحارية. انها حكومة مرشحة للاصابة في كل انفجار. اذا اطلق جورج بوش تصريحاً قاسياً ضد "حماس" و"المنظمات الارهابية" اصيبت حكومة ابو مازن. واذا اطلق الرنتيسي التهديد والوعيد كان على الحكومة نفسها ان تنتظر الشظايا. هذا من دون ان ننسى الجروح التي تحدثها السكاكين "العائلية". فالرئىس ياسر عرفات تجرّع حكومة ابو مازن كمن يرغم على تناول دواء مر يحلم بالتوقف عن تعاطيه عند اول فرصة. واجتماعات مركزية "فتح" حفلت منذ ولادة هذه الحكومة بميل الى تغليب نهج تصفية الحسابات مع اخفاء الخناجر تحت عبارات واسعة وشعارات براقة. من يريد نجاح حكومة ابو مازن؟ من حق اي مراقب ان يطرح هذا السؤال في ضوء ما يراه او يسمعه. لا مصلحة لشارون في نجاح هذه الحكومة ما دام خيارها يستبعد تماماً احتمال الاندفاع في حرب اهلية. ولا مصلحة له في عودة العلاقات الاميركية - الفلسطينية عبر حكومة ابو مازن واتخاذ واشنطن مواقف داعمة لهذه الحكومة حتى وان افتقر هذا الدعم الى الحد الأدنى من الضغط الضروري على حكومة شارون. ولا مصلحة ل"حماس" في نجاح حكومة ابو مازن. والمسألة واضحة. كل نجاح في استعادة السيادة الفلسطينية على مدينة لا بد ان تقابله ضمانات واجراءات، ثم ان العملية برمتها تقوم على التفاوض وبناء الثقة وطي صفحة العمليات الانتحارية والانتفاضة. وهذا يعني ببساطة نزع سلاح "حماس" او منعها من استخدامه وانهاء برنامجها القائم اصلاً على خيار "الحرب المفتوحة" وان تخللتها هدنات او عمليات وقف للنار. هذا علاوة على حسابات الرئىس ياسر عرفات والحسابات المعقدة داخل معسكر "فتح" وهو معسكرات. كتب على محمود عباس ان يكون آرييل شارون "شريكه" في البحث عن السلام. وهو شيرك قاتل قادر على تلغيم كل الطرق الواردة في "خريطة الطريق". ثم ان نجاح عباس يتناقض تماماً مع البرنامج الحقيقي لشارون. كلما اغتيل ناشط اصيبت حكومة ابو مازن. والأمر نفسه كلما انفجرت حافلة. وحين تذهب الحكومة بجسدها المثخن الى اجتماعات قيادة المنظمة او "فتح" يتضاعف عدد جروحها. ولكن ماذا لو جمع ابو مازن اوراقه وغادر مستقيلاً؟ ماذا يفعل عرفات؟ وماذا تفعل "حماس"؟ فموازين القوى معروفة والمشهد الاقليمي قاتم والوضع الدولي لا يحتاج الى شرح.