بددت زيارة وفد مجلس الحكم الانتقالي في العراقلعمان أمس الحذر الذي طبع العلاقة بين الطرفين خلال الأسابيع الماضية، إذ أظهرت المحادثات "تفهماً عميقاً للملفات السياسية والاقتصادية" لا سيما قضيتي رئيس "المؤتمر الوطني العراقي" أحمد الجلبي، والأرصدة العراقية التي يتحفظ عليها الأردن. وأعربت عمان عن دعمها حضور ممثل للعراق اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الشهر المقبل. في ما بدا اعترافاً أردنيا ضمنياً بالمجلس الانتقالي، اعتبر وزير الخارجية مروان المعشر بعد محادثات أجراها وفد المجلس برئاسة رئيسه إبراهيم الجعفري مع رئيس الوزراء علي أبو الراغب ومسؤولين آخرين أنه "ليس من المنطقي أن نطالب بانتخابات في العراق في هذه المرحلة، وبعد شهور قليلة من سقوط النظام السابق، وبالتالي على العالم العربي أن يتعامل مع مجلس الحكم الذي وان لم يكن منتخباً، إلا أنه يمثل أطياف الشعب العراقي كافة، ويمثل الخطوة الأولى على طريق الحكومة العراقية المقبلة، بعيداً عن الحديث عن الاعتراف بالمجلس أو عدمه الآن" وزاد: "لا بدّ أن ترسل الدول العربية رسالة إيجابية الى الشعب العراقي، تؤكد رغبتها في الوقوف معه وصولاً الى تحقيق مصالحه"، معلناً أن "الأردن يدعم حضور وفد من مجلس الحكم اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة، وسيبحث مع الدول في الآليات التي يتمّ من خلالها هذا الحضور". وأكد المعشر أن الأردن الذي كرر مرات عدم اعترافه بالمجلس الانتقالي "نقل للوفد رغبته ملكاً وحكومة وشعباً في التعامل الإيجابي مع كل الأطياف السياسية في العراق، ومع مجلس الحكم الانتقالي، فنحن نريد إنجاح هذه التجربة آملين بأن تقود الى حكومة عراقية ممثلة للواقع السياسي" في هذا البلد. وشدد أبو الراغب على "ضرورة التواصل السياسي والاقتصادي والإنساني بين البلدين" داعياً مجلس الحكم الى "تحمل مسؤولياته في شكل اكثر فاعلية لإدارة شؤون البلاد، ليحظى بدعم العراقيين الذي سيكون كفيلاً بضمان تعامل الدول العربية معه كممثل الشعب العراقي في هذه المرحلة الانتقالية". ولفت الى "أهمية الإسراع في إيجاد منظومة قوانين وتشريعات في إطار دستور عراقي ينظم العلاقات مع دول الجوار في المجالين التجاري والاقتصادي". أما الجعفري الذي امتدح مطولاً "علاقات الجوار التاريخية" بين الشعبين، و"المكانة الخاصة" لعمان لدى العراقيين، واصفاً المملكة بأنها "رئة العراق"، فأكد في مؤتمر صحافي أن للبلدين "مصالح مشتركة تدعو للمزيد من التقارب، كما أنهما يواجهان أخطاراً مشتركة أظهرها حادث تفجير السفارة الأردنية" في بغداد مطلع الشهر. وذكر أن "العراق لم يعثر بعد على معلومات دقيقة حول المتورطين بالحادث، ونحن حريصون جداً على أن نفهم من هي الأطراف المتورطة". ووصف نتائج محادثات الوفد بأنها "ممتازة"، منوهاً ب"تفهم جيد" لمسه لدى المسؤوليين الأردنيين، وذكر أن "الوفد لمس تفهماً أردنياً يبعث على الاطمئنان حيال الجهود التي يبذلها العراق الجديد في الإطلالة على الأفق العربي والدولي"، كما "تطابقت وجهات النظر حيال ضرورة أن يكون للعراق مقعد في اجتماعات وزراء الخارجية العرب". وشدد الجعفري الذي رافقه عدنان الباجه جي وغازي عجيل وأحمد سباع البراك على أن "شرعية مجلس الحكم لم تشغل أعضاءه خلال جولتهم العربية، لأن تشكيلته تمثل مقاربة للمشهد السياسي في العراق وتحفظ التنوع، وهذه هي الشرعية التي تتجسد عبر التوافق، إذا لم يكن بالإمكان تجسيدها عبر صناديق الاقتراع". وعن قضية عضو المجلس الانتقالي أحمد الجلبي المحكوم في قضية فساد مالي في الاردن عام 1992، قال الجعفري: "لهذه المسألة خصوصيتان شخصية وسياسية، ونحن نفرق بينهما، لجهة أن قضية الجلبي في الأردن قضائية، ومن حقه أن يدافع عن نفسه، فيما نتعامل معه في مجلس الحكم على أساس كفاءته السياسية". وأشار الى أن وفد المجلس ناقش مع المسؤولين الأردنيين مسألة "الأرصدة العراقية الموجودة في الأردن نحو بليون دولار ووجد شفافية متناهية تؤكد أن الأردنيين أمناء على العراق"، موضحاً أن "للأردن استحقاقات مالية على النظام السابق وسيجري مستقبلاً بحث التفاصيل الفنية، وتدوير الأموال بين البلدين". وأعلن الجعفري أن "جولة الوفد التي بدأت من الإمارات وانتهت في الأردن، لن تقوده الى اليمن كما كان مقرراً"، على أن يعد لجولة عربية ثانية قريباً.