تفرض سباقات "السبرنت" في ألعاب القوى امتلاك المشاركين فيها التقنيات الاكثر مثالية، على رغم ان المعاينة الجماهيرية لأداء عدّائي "الخط المستقيم" توحي غالباً بالبساطة المطلقة في استخراج السرعة القصوى ضمن صراعات متقاربة تحسمها الاجزاء من الثانية. ربما ارتبطت النظرة البسيطة لسباق 100 متر، الذي يحدد اسرع عداء وعداءة في العالم، بمعادلة الفوز الاكثر سهولة والتي تتجسد في عدم خفض ايقاع الجري في الامتار الاربعين الاخيرة والتي صنعت انجازات ابرز الابطال العالميين على غرار الاميركيين موريس غرين وكارل لويس وماريون جونز. واذ يُظهر ذلك عموماً مشهد المجهود القاسي من اجل استخلاص القدرات الجسدية الكاملة في الامتار الاخيرة، الا ان الحقيقة الخادعة تتمثل في ان العدائين لا يمكن ان يجنوا الثمار الجيدة لهذه الاستراتيجية الا في حال الارتخاء الكامل حيث يتحول مجهود القسم الاول من السباق الى طاقة دفع آلية، علماً ان هذه الظاهرة تفسر ايضاً تسجيل العدائين أرقامهم الافضل في السباقات التمهيدية وليس النهائية حيث يخضعون لضغوط الفوز النفسية. ويحدد بطل فرنسا السابق ستيفان كاريستون استراتيجية سباق 100 متر الاكثر تكاملاً في انها تبدأ بالوضعية المناسبة للانطلاق من اجل تأمين ايقاع سرعة مستقر ضمن الثواني الثلاث التي تليه والتي يستقيم فيها جسم العداء. وليس من الضروري شعور العداء بالراحة لدى التمركز على قاعدة الانطلاق، لكن لا يجب اغفال معايير صلابة القاعدة التي تضمن قوة الدفع المناسبة عند اعطاء اشارة البدء. وتوجب المرحلة التالية الارتقاء غير العنيف ضمن زاوية تتراوح بين 35 و40 درجة كحد اقصى عبر استعمال عضلات الساقين والمعدة من دون اغفال التحرك المناسب للساق على الجزء الخلفي من قاعدة الانطلاق، من اجل دفعها بسرعة الى الامام تمهيداً لمواكبة الايقاع ورد الفعل. وتشكل الامتار من 10 الى 30 محطة بارزة لايجاد التوازن بين نوعية الاداء وفاعليته في مواكبة ايقاع بقية المنافسين، والذي يتطلب عموماً الافادة من الشحنة العصبية من دون الافراط في ردود الفعل القاسية. ويترافق ذلك عموماً مع إنحناء رأس العدائين، ما يدل على ان التركيز ينحصر في استخلاص المجهود الاكبر، علماً ان هذه الوضعية يمكن ان تستمر مسافة اطول لدى عدائين كثر في مقدمهم غرين الذي لا يتخلى عنها قبل مسافة 40 متراً على الاقل. اما الامتار من 40 الى 60م فتشهد محافظة العدائين على ايقاعهم وتحكمهم به بالاعتماد على حركات ارتفاع الجسم وتقدم القدمين الى الامام على غرار اليدين ضمن امتداد واسع. ويدخل العداؤون في الامتار من 60 الى 100م مرحلة الهبوط المحتم للسرعة، ما يتطلب بذل المجهود الاكبر حجماً من اجل تفادي الهبوط الحاد في الايقاع، علماً ان اياً من العدائين لا يمكن ان يتفادى هذا التراجع وتقتصر محاولاته بالتالي على تقليصه الى الحد الادنى مقارنة ببقية منافسيه ضمن معادلة قدرة تحمل السرعة العالية. وهنا يتضح مقدارالارتخاء الضروري لدى العدائين ضمن معادلتي الثقة المعنوية والخبرة في مواجهة ضغوط المنافسة، واللذين يحددان تفوق عداء على حساب آخر، وكذلك أهمية الارتماء لكسب المسافة على خط الوصول والذي يتفوق فيها عداء الحواجز البريطاني كولن جاكسون. زائد منعطف وبالانتقال الى سباق 200م، يلاحظ إتساع اطار تدخل الخطط الميدانية في معطيات الفوز بسبب وجود المنعطف، ما يفرض على عدائي سباق 100م نظرة مختلفة الى المنافسات يواكبها وضعهم من مضاعفة المسافة الاعتيادية لديهم، علماً ان الاميركي مايكل جونسون جسد احد الامثلة الاستثنائية في جمعه بين التفوق الباهر في سباقي 200م و400م معاً من دون ان ينضم الى لائحة عدائي السبرنت البارزين. وتبرز صعوبة سباق 200م بحسب المدرب الفرنسي غي اونتانون منذ الانطلاق، حيث يهتم العداؤون في شكل كبير باكراً باسلوب خوضهم المنعطف، علماً ان انطلاقهم يحصل بوضعية ارتفاع احد الكتفين عن الآخر بسبب موضع القاعدة غير المستقيم، ما يقلص قوة الدفع مقارنة بسباق 100م. ويهتم العداؤون تحديداً بتأخير بذل المجهود الاكبر حجماً في المسافة الممتدة من 30 الى 35 متراً، ما يجعلهم يقتصدون في عطائهم الفني والبدني، قبل ان يسرعوا ايقاعهم تلقائياً عبر ملازمة الجهة الخارجية من الخط لدى اقترابهم من المنعطف من اجل توفير الدخول الملائم في الامتار ال100 الاخيرة. وهنا يتوجب على العدائين تفادي الالتواء الكامل للكتف والذي يمكن ان يرهق جسدهم في شكل كبير وسريع ويعرضهم لاحتمال خسارة تركيزهم، ما يُفشل باكراً محاولتهم زيادة سرعتهم في الامتار المئة الاخيرة خصوصاً ان السرعة القصوى ترافق عادة الامتار من 90 الى 130م. وتتطلب الامتار الخمسين التي تلي الانعطاف زيادة التحكم بالايقاع عبر الجزء العلوي من الجسم وحركات اليدين ضمن مسار واسع، قبل السعي الى المحافظة على السرعة المكتسبة ضمن خط مستقيم في الامتار الخمسين الاخيرة. ويتحقق ذلك من خلال المجهود الذي اُقتصد في بداية السباق وحجم الليونة العضلية والارتداد غير القاسي لدى الاحتكاك بأرض المضمار، علماً ان الناميبي فرانكي فريدريكس اعتبر صاحب التقنية الافضل في هذا المجال. سبرنت جماعي اما سباق التتابع 4×100م فيمثل المعادلة الفوز الاكثر تعقيداً انطلاقاً من استبعادها الحساب المنطقي في أن واحد زائد واحد يساوي اثنين، اذ لا يمنع انضمام عداء لم ينزل مرة واحدة تحت حاجز العشر ثوانٍ الى آخر اكثر بروزاً من تسجيل رقم قياسي عالمي يعكس مقولة "في الاتحاد قوة". وترتبط التقنية الاكبر حجماً في هذا السباق باجراء تبادل العصا تمهيداً لتقليص الزمن المهدور عبره الى الحد الادنى، وهي تفرض تكامل عملية التبادل عبر تقدم العداء المانح منافسيه بمسافة غير قليلة وسرعة انتزاع المتلقي للعصا عبر التركيز الكبير. ويعتبر فيليب لورو مدرب فريق التتابع الفرنسي للسيدات ان الانطلاق من الممر الاول صعب كونه لا يمنح العدائين القدرة على تحديد موقعهم من منافسيهم لانه يتم من منعطف، علماً ان مسافته تبلغ 90 متراً فقط قبل المبادرة الى تسليم العصا الى العداء الثاني الذي يحدد موقع التسليم عبر حساب المسافة بالخطوات ويتخذ وضعية رؤية الجزء الاعلى لكتف زميله لحظة التسلم، من اجل تفادي ضياع تركيزه عبر رؤية الجمهور. ويتكيف العداء المتلقي مع مهمة الانطلاق من موضع الوقوف وايجاد التوازن للجري عبر القوة الدافعة من الاعلى وليس الاسفل كما في حالة استعمال قاعدة الانطلاق، والذي يتطلب نحو 24 م لاستخلاص السرعة القصوى.