طوى القضاء المغربي فجر الثلثاء ملف من يُعرفون ب"شيوخ السلفية الجهادية" و"الانتحاريين" الناجين من تفجيرات الدار البيضاء. وأصدر أحكاماً بإعدام أربعة متهمين مباشرة بالتفجيرات والسجن المؤبد ل37 و30 عاماً ل17 و20 عاماً ل16. وتوقف مراقبون عند شدة هذه الأحكام قائلين انها تعكس إصرار السلطات على توجيه رسالة حازمة الى المتشددين الإسلاميين بأنها لن تتهاون معهم بعد اليوم راجع ص 6. وأسفر "صيف المحاكمات" في المغرب حتى الآن عن صدور 13 حكماً بالإعدام، تسعة منها لمنتمين الى تنظيم "الصراط المستقيم" الذي يتزعمه يوسف فكري المدان بجرائم خطف وقتل لأهداف دينية، وأربعة لمدانين بتهمة التورط المباشر في تفجيرات الدار البيضاء التي أوقعت 45 قتيلاً بينهم 12 انتحارياً في 16 أيار مايو الماضي. ومثل أمام محكمة الدار البيضاء أكثر من ثمانين متهماً، موزعين ما بين انتحاريين مفترضين لم يُفجّروا أنفسهم، وآخرين كانوا يعتزمون تنفيذ هجمات في مراكش والصويرة وأكادير وطنجة، إضافة الى أربعة مُنظّرين يُطلق عليهم "شيوخ السلفية الجهادية". وطوت المحكمة في ساعة متقدمة ليل الإثنين - الثلثاء ملف هذه الشبكات، بعدما أصدرت سابقاً أحكاماً في ملفات لها علاقة بالموضوع طاولت من يعرف ب"الأفغان المغاربة" ومتهمين بالضلوع في تفجيرات الدار البيضاء. كذلك يتوقع ان تبت محكمة الاستئناف في الرباط في ملفات مرتبطة بهجمات الدار البيضاء بينها خلية يتزعمها الفرنسي بيار ريشار. وتعود وقائع المحاكمات الحالية الى الخيوط التي كشفها "الانتحاري" محمد العماري الذي لم يفجّر نفسه في "فندق فرح" في الدار البيضاء، مما أدى الى كشف خلايا "انتحاريين" آخرين في مقدمهم جليل رشيد وياسين الحنش وحسن الطاوسي. وكشفت التحقيقات ان الإعداد لهجمات الدار البيضاء استمرت ثلاثة شهور، وانها كانت مقررة في 9 ايار، وليس 16 منه، لكن كمية المتفجرات لم تكن كافية. وتردد اسم عبدالحق مول الصباط الذي توفي خلال نقله من فاس الى الدار البيضاء، أثناء التحقيق معه، بوصفه "الأمير الوطني" لكل المجموعات التي توزعت على خلايا نفّذت أربع منها هجمات الدار البيضاء، في حين كانت الخلايا الأخرى تنتظر صدور الأوامر. لكن الوقائع الكاملة للأحداث لن تنجلي قبل اعتقال مطلوبين هاربين، بعضهم في إسبانيا وآخرون في أماكن غير محددة. وقال مصدر قضائي ان المغرب لا يزال يسعى الى تسلم المتهمين، على رغم ان صدور أحكام بالإعدام قد يعيق خطوات التسليم من الدول التي تمنع حكم الإعدام. وتوقعت مصادر مطلعة ان تُنفّذ أحكام الإعدام على رغم الجدل الحاصل في شأنها. وكان الملك الراحل الحسن الثاني خفف أحكام الإعدام في حق المتورطين في هجمات مراكش صيف 1994. وتعود وقائع تنفيذ آخر حكم بالإعدام لعام 1993 ضد عميد الاستخبارات المدنية مصطفى ثابت الذي دين باغتصاب عشرات النساء. وقال رويترز، أ ف ب محامي الإمام محمد الفزازي الذي حكم عليه بالسجن 30 عاماً وهو من الذين يوصفون بشيوخ "السلفية الجهادية"، ان موكله سيستأنف الحكم. وكان الفزازي وهو امام مسجد معروف من طنجة شمال القى خطبة امام المحكمة قال فيها انه مواطن صالح لم يكفر قط مسلماً، واعلن معارضته "لجريمة الدار البيضاء" مثل جميع المسلمين قائلاً انها يجب الا تتكرر. ورأى المسؤول في جماعة "العدل والاحسان" الاسلامية فتح الله ارسلان ان الاحكام التي صدرت في قضية تفجيرات الدار البيضاء "قاسية جداً. هناك عدد محدد من الاشخاص الذين خططوا او نفذوا الاعتداءات بينما عدد المتهمين ضخم جداً والاحكام قاسية جداً".