شباب "السينما المستقلة" موصومون بأنهم مجموعة من الذين فضّلوا الخروج عن القيود والتقاليد ورفضوا الانصياع للخطوط العامة المفروضة في الحقل السينمائي، لذلك أنشأوا ما يسمى بالسينما المستقلة. والسينما المستقلة التي ابتكرها هؤلاء الشباب في مصر يفضل الكثيرون تسميتها "سينما البيت" او سينما الرجل الواحد، فالشاب هو المؤلف والمخرج، وهو مصمم الرقصات، اما الابطال فهم اصدقاؤه من هواة التمثيل، الذين يعتبرون انفسهم موهوبين فعلاً، لكنهم لن يحصلوا على فرصة حقيقية في ظل الظروف الراهنة التي يواجهها شباب سينمائيون، ابتكروا سينماهم الخاصة. سينما الشباب أو "سينما البيت" مصطلح أطلقه خبراء السينما على نوعية السينما المستقلة، التي ظهرت في الولاياتالمتحدة الاميركية، وأسسها شباب هدفهم الاساسي الهروب من مقاييس ومواصفات سينما هوليوود التي تحتاج الى تقنيات عالية وتكاليف انتاجية ليست في قدرتهم، لذلك بدأوا يحملون كاميراتهم بأنفسهم ويصورون افلاماً قصيرة تعبر عنهم ليعرضوها على الاهل والاصدقاء. وعندما استورد "شباب السينما المستقلة" في القاهرة هذه الفكرة حاولوا بدورهم الهروب من سيطرة النجم الواحد على ساحات السينما المصرية، واعتمدوا في الوقت نفسه على اقل التكاليف فأنتجوا افلاماً تعرض في المراكز الثقافية وصالات الاجتماعات في الفنادق، الامر الذي ادى بعد فترة وجيزة الى ظهور "غيتو" يتنازعه القيل والقال. واول ما يقال عن هؤلاء الشباب انهم "مدّعون" او على الاقل يبحثون عن فرصة خارج القنوات الشرعية ومن دون اي مقومات. صلاح حامد، احد مخرجي السينما المستقلة للشباب يقول: "ليس عيباً ان نبحث عن فرصة وليست جريمة ان نحاول التعبير عن آرائنا على طريقتنا لانه من المفروض ان اي وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي يجب أن تستوعب كل الاراء والطموحات، وقد حاولنا وضع احلامنا في افلامنا، وليس من المنطقي ان يحكموا على تجارب ما زالت وليدة". أما ريهام سامح 28 سنة فتقول: "كنا نعتقد أن مشكلات السينما سيتم حلها بعد دخول شركات انتاج كبيرة المجال، لكن الوضع ظل كما هو. فبدلاً من ان يكون هناك نجم واحد، ظهر سبعة نجوم، معهم سبعة مخرجين ومعهم عدد ضئيل من الفنيين والعاملين في المجال السينمائي، بشكل لم تعطِ الفرصة للشباب. فأثبتت تجربة السينما المستقلة انها الحل الوحيد". وفيما يعزو شباب السينما المستقلة ظهور هذا الاتجاه الى قلة الفرص في المجال السينمائي، يبقى السؤال كيف يتطور اصحاب السينما المستقلة من دون خضوعهم للتدريب المستمر على يد اساتذة وكيف يدخلون مرحلة النضج من دون معاناة شرعية تبدأ في التدرج في العمل مع مخرجين كبار في البلاتوهات. تقول نيفين السمري: "ارى ان الاخراج احساس قبل ان يكون علماً، والعلم لا ينقصنا لأن معظمنا حاصلٌ على مؤهلات تتنوع بين بكالوريوس اخراج وبكالوريوس سيناريو ونقدم تجاربنا على اساس ما درسناه اضافة الى الخبرة الحياتية والسينمائية المعايشة". وتضيف: "لا يمكن ان ينكر أحد أن لنا جمهوراً لان معظم رواد المراكز الثقافية الاجنبية في القاهرة يعرفون ولو اشياء بسيطة عن مخرجين وممثلين لا يعلم رجل الشارع العادي عنهم شيئاً، لكن هذا لا يقلل من موهبتنا او على الاقل مواهب 90 في المئة منا". وفي المقابل، يرى البعض ان هؤلاء الشباب "اصحاب السينما المستقلة" مدّعون يطلبون دخول الحقل السينمائي من دون ادنى معاناة وتحت اي ظرف، لكن هذا في الوقت نفسه لا يقلل من شأن "افلام المستقلين" كلها، فهناك بعض الافلام التي اشاد بها كل من شاهدها من النقاد وتأثر بها عدد لا بأس به من المشاهدين في شكل جعلهم متابعين دائمين لهذه النوعية الشبابية من الفنون. فيلم "ليل الصبر" على سبيل المثال كان نموذجاً ناجحاً، وعرضه المركز الثقافي السويسري اكثر من ثلاث مرات. ويقول مخرجه هاني الشيتي: "فيلمي لم تزد كلفته على 20 الف جنيه مصري، المركز السويسري قام بدعمي، كذلك قدمت لي جهات شبابية اخرى دعماً للمونتاج، حتى ابطال فيلمي وكلهم من هواة السينما غير المعروفين لم يطالبوني بأجر نظير عملهم معي". ويضيف الشيتي: "في النهاية قدمنا فيلماً شبابياً خالصاً، غير خاضع لمواصفات المنتجين الذين يتعاملون مع السينما بتوليفة معينة لمجرد أنها اسرع وافضل الطرق للعائد والمكسب السريع". وينهي الشيتي كلامه مؤكداً ان "صناعة السينما يجب ألا تتحدد قاعدتها والفرصة يجب ان تكون للجميع، أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن كثيراً من الموهوبين لن يجدوا امامهم إلا طريق السينما المستقلة وربما نجح الكثيرون منهم". الناقد السينمائي عصام زكريا يرى أن "السينما المستقلة يجب ألا تكون وصمة تنتقص من قيمة العاملين فيها". وعن افلام الشباب المستقلين يعلق قائلاً: "لا شك في ان اي مجال تدخله نوعيات مختلفة ومن جميع التركيبات، منهم المدّعي ومنهم الموهوب الحقيقي ومنهم من يريد التجربة لمجرد التجربة، وربما الباحث عن الشهرة، لكن هذا لا يعني ابداً الحكم على الكل لان بعضهم سيئ". ويضيف زكريا: "الهجوم على هؤلاء الشباب ليس هو الطريقة المثلى، فإذا كان الغرض التصحيح والتوعية فالاعتراف بوجود موهوبين حقيقيين بين هؤلاء هو بداية الطريق. اما إذا كان الغرض المصادرة وتسفيه أعمالهم فهذا يعني تهميش قطاع لا يستهان به في الوسط السينمائي اليوم".