على رغم ان العراق اثناء حكم الرئيس السابق صدام حسين لم يكن دوماً المكان الامثل لقضاء العطلات، إلا ان هذه البلاد اجتذبت أعداداً من السياح في معظم الأوقات. غير ان هذا العدد ليس سوى نسبة صغيرة من السياح الذين يمكن ان تجتذبهم بلاد ما بين النهرين التي تضم مواطن حضارات قديمة مثل سومر وبابل وأشور، الى جانب وجود العتبات الشيعية في مدينتي النجف وكربلاء، اضافة الى الصحارى والبحيرات والجبال الجميلة. ويعلق العراقيون آمالاً كبيرة على السياحة على المدى البعيد. لكن في الوقت الراهن حيث يوجد احتلال عسكري واعمال عنف وفوضى، فان مجال السياحة في العراق تراجع الى الصفر تقريباً، مع أن وكالة سياحة بريطانية تتجاهل ذلك وتعتزم تنظيم رحلة الى العراق في وقت لاحق من العام الجاري. وأمام مقر هيئة السياحة العراقية الذي أصبح مجرد مبنى محترق نتيجة عمليات النهب التي اعقبت إنهيار النظام في نيسان أبريل الماضي يقف باسم محمد حمزة قائلاً انه وامثاله من المرشدين السياحيين حرموا من مصدر رزقهم طوال أشهر. ويشتكي حمزة من هذا الوضع قائلاً "نحن 128 مرشداً، وهذا يعني 128 اسرة مع اطفال". وكان المرشدون السياحيون يحصلون على نسبة من رسوم دخول السياح الى المناطق الاثرية. ويقول حمزة ان آخر فوج سياحي عمل معه جاء في شباط فبراير الماضي وكان من المانيا وتركيا. ويضيف "لا توجد مجموعات من السياح الان، فكيف لنا ان نكسب قوتنا؟". ولم تصرف قوات "التحالف" للمرشدين أية مبالغ كما فعلت مع العاملين في القطاع العام الذين لم يتمكنوا من العمل بعد الحرب بسبب تفشي الفوضى في البلاد. ويقول مسؤولون انه لا يحق للمرشدين السياحيين الحصول على أي من هذه المبالغ لأنهم غير معينين في وزارة الثقافة. لكن المرشدين يردون بالقول ان وزارة الثقافة تعاقبهم لان بعض المسؤولين فيها يعتقدون بأنهم كانوا يتجسسون على الزوار الاجانب لحساب أجهزة استخبارات النظام السابق، وهي تهمة ينفيها المرشدون. إلا ان رعد علاوي، المدير العام في وزارة الثقافة والذي يحلم بمستقبل باهر للسياحة العراقية، يؤكد بان المرشدين السياحيين لم يحصلوا على المال في مرحلة ما بعد الحرب لأنهم ليسوا من المعينين في الوزارة وليس لأي سبب اخر. وكان علاوي مديراً سابقاً لاحد الفنادق الكبرى في بغداد، وهو يعتقد بأنه يمكن للسياحة يوماً ما أن تدر أموالاً قد تزيد عما تجلبه صناعة النفط. ويتذكر علاوي رواج أعمال منظمي الرحلات والفنادق الكبرى في العراق مثل مريديان وهيلتون خلال السبعينات قائلاً "كان هناك فنادق خمس نجوم وكان معظمها يعج بالزوار الاجانب". بعد ذلك جاءت الحرب مع ايران في الثمانينات ثم الحرب بسبب غزو الكويت في اوائل التسعينات قبل ان تواجه البلاد العقوبات الدولية طوال ما يزيد عن عقد من الزمن. ولا تزال فنادق الدرجة الاولى موجودة، غير أن تجهيزاتها أصبحت قديمة ومتخلفة عن المستويات التي يتوقعها الغربيون في فنادق راقية هذه الايام. ويقول علاوي ان أفواج السياح الكبيرة الوحيدة التي وصلت الى بلاده خلال السنوات الأخيرة كانت مجموعات الزوار الشيعة التي جاءت من ايران المجاورة بمعدل يصل الى نحو ثلاثة الاف زائر أسبوعياً، إلا ان الاعداد إنخفضت بسبب الفوضى التي عمت البلاد بعد الحرب. ومع ذلك فإن البريطاني جيف هان لا يزال يخطط لتنظيم رحلة لمجموعة من الزوار الى العراق تستمر اسبوعين إبتداء من السابع من أيلول سبتمبر المقبل في حال فتح مطار بغداد أمام الملاحة الجوية. ويستخدم المطار حالياً قاعدة عسكرية أميركية. وقد سُجل في هذه الرحلة ستة أشخاص حتى الآن. ويقوم هان، الذي يدير شركة سياحة اسمها "هينترلاند ترافل" بترتيب رحلات إلى العراق منذ السبعينات. وخلال حكم صدام حسين كان مراقبون حكوميون يرافقون المجموعات السياحية التي كان ينظمها ويحددون تحركات أفرادها في العراق. وسيعتمد هان على حراس عراقيين في حماية السياح، وهو يعتقد بأن السياح سيكونون في أمان لأنه سيكون من الواضح بسبب ملابسهم أنهم ليسوا جزءاً من قوات "التحالف" التي تحتل العراق والتي تتعرض لهجمات من جانب العراقيين. وإضافة إلى المشكلات الأمنية يشعر هان بالقلق من احتمال تعثر الوصول إلى العديد من الأماكن الأثرية بسبب تمركز القوات الأميركية فيها، علماً بأن هذه القوات تقوم حالياً بترتيب الزيارات لهذه الاماكن يومين اسبوعياً.