عندما نبحث عن كتب الرحالة الغربيين نجد أن أغلبهم إنجليز، أو بشكل عام أوروبيون من هولندا أو ألمانيا. لدينا لورنس وداوتي وثيزيجر والليدى بلنت. الليدي آن بلنت البريطانية، رحالة صادقة أضافت إلى أدب الرحلات رحلات فريدة إلى بلاد الرافدين وشمال الجزيرة العربية، وهي سليلة علم وأدب.. وحفيدة للشاعر البريطاني الكبير اللورد (بيرون) وتتميز عن غيرها من الرحّالات الغربيات اللاتي تجولن في الوطن العربي بكونها أديبة تتقن فن الوصف والتشويق. من ذكرت كانوا إنجليزيين وليسوا أمريكيين. فالأوائل متأنون في بحوثهم واستقصاهم، وتسألهم المشورة وزارة المستعمرات البريطانية آنذاك. وقولهم إضافة جيدة للسياسة البريطانية. الأمريكيون "عجلين شوي" في كل حركاتهم، حتى مزاجهم يأتي وتأتي نتائجه على عجل. يُعرف عن الأمريكي انه عندما يغضب من واقعة مفاجئة، كأن يكتشف مثلا أن إطار مركبته مفرغ الهواء، يعبر عن سخطه ضاربا الإطار برفسة برجله. وإذا كانت لحظة الغضب داخل المنزل ف.. "يشوت" !، أي شيء قريب.. كرسي.. مخدّه.. صندوق (كرتون)... أيّ شيء. ولا أدري هل تلك العادة في شعوب أخرى أم أنها عند الأمريكي فقط. يقول لي أحد معارفي إنه صادف أن يكون ضمن فوج سياحي من تلك الأفواج التي تنظمها الفنادق الكبيرة الأوروبية. كانت العاصمة روما، وكان مجمل الفوج من الأمريكيين. وأغلبهم - ومن ضمنهم صاحبي - يحملون آلات التصوير. وحدث أن مرّوا بصخرة لها شكل غير معهود، لكنها لا تعني قيمة أثرية أو ظاهرة غير طبيعية أو معلماً ثقافياً. وقف صاحبي متظاهراً أنه يصورها من كل الجوانب، ثم يقترب منها.. ثم يبتعد..! ثم ينظر حوله، ثم يرفع رأسه إلى الأعلى ناظراً إلى السماء..! فما لبث جميع أعضاء المجموعة أو الفوج.. أو ال.. GROUP أن عملوا مثله مقلدين كل حركاته.. والمرشد السياحي الإيطالي يرفع حاجبيه تعجباً.. وبعد انتهاء التصوير، رجعوا إلى المرشد السياحي الإيطالي يسألونه عن القيمة الأثرية أو التراثية أو العلمية عن ذلك الحجر فهز المرشد كتفيه ويديه على طريقة الإيطاليين قائلاً: لا شيء.. صخرة عادية. أما كان يجب عليكم أيها الأمريكيون أن تتريثوا وتسألوا؟ ويجوز لي هنا أن أقارن بين هذا الموقف وبين ركض الساسة الأمريكيين إلى ترجمة رواية "زبيبة والملك" لكاتبها صدام حسين. والتي اهتمت بها الاستخبارات الأمريكية ووظفت نفسيين يقرؤونها ويحللونها ويعيدون قراءتها وتحليلها، على أمل أن يتوصلوا إلى أعماق نوايا الرجل إبان حكمه العراق..!