كنت في 24 من الشهر الماضي نشرت بعضاً من رسائل القراء ورددت عليها، واختتمت برسالة من نوري عبدالرزاق حسين الذي وصف نفسه بأنه السكرتير العام لمنظمة التضامن الأفريقي - الآسيوي، فقد بكى معاناة اليهود العراقيين، ورفضت كلامه لأن العراقيين كلّهم عانوا، لا اليهود وحدهم. لا أزال منذ ذلك الحين أتلقّى بريداً عن الموضوع، بل ان الدكتور عدنان حافظ الرمالي، نشره في صفحة على الانترنت اختار منها أول سطورها وهي: يهودي أكثر من اليهود قطب ما يسمى بالمعارضة العراقية نوري عبدالرزاق حسين الذي يستغل موقعه كسكرتير عام لمنظمة التضامن الأفريقي - الآسيوي، ومهندس تحالف هذه المنظمة مع رابطة الدفاع اليهودي، أكثر المنظمات الصهيونية إرهاباً، يكشفه أمام الجميع هذه المرة جهاد الخازن ضمن عموده اليومي في جريدة "الحياة". هذه الصفحة ورسالة تلقيتها من القارئ شادي مكرم حجازي، من كوبى في اليابان، تحدثتا عن المغني العراقي الكبير كاظم الساهر، وهو موضوع يستحق الشرح. كنت تلقيت رسالة عبر البريد الإلكتروني تزعم انها من كاظم الساهر، وتقول انه في صدد تلحين وغناء قصيدة للشاعر فاروق جويدة عنوانها: "بغداد لا تتألمي"، ويسألني ان اقترح الأبيات التي يغنيها من القصيدة الطويلة، وتلك التي من الأفضل ان يسقطها. وفي البداية سرّني ان يستشيرني كاظم الساهر في ما يغنّي، غير انني شكاك بحكم المهنة، وبعد قراءة الرسالة مرّة ثانية، قررت انها مزيفة، ولم أرد عليها. صفحة الانترنت رجحت ان الرسالة مزوّرة، وتتضمن كلمات نابية لا يعرف عن كاظم الساهر ترديد مثلها. غير ان القارئ شادي الذي يواصل دراساته العليا في اليابان، مخبر سرّي هاوٍ من الطراز الأوّل، فهو ربط بين عناوين عدة على البريد الالكتروني، وذكّرني برسائل عن معاناة يهود اليمن أو يهود سورية من المصدر نفسه، وعن كلام منسوب للمشاهير ويسيء اليهم. وأخونا شادي يقرأ الصحف العربية من اليابان، كما لا نقرأها نحن، وعلمت منه ان صحفاً عربية سقطت في فخّ رسالة كاظم الساهر وتعاملت معها كأنها حقيقية. وقد حوّلت الى الزميل سلامة نعمات تعليق شادي مكرم حجازي على افتتاحية كتبها، كما أشكره على ترجمته مقالاً لفرانسيس فوكوياما بعنوان "الامبريالية الأميركية المترددة" نشرته جريدة يابانية. وأكمل برسالة من الأخ حميد الخاقاني، وهو عراقي يقيم في الولاياتالمتحدة، واختار منها نقاطاً محددة: - أرجو من كل من يدّعي الحمية من العراقيين التريث قليلاً، فقد صبرنا على جرائم صدام 35 عاماً، ومهما كان الأميركيون فهم ليسوا أسوأ منه ولا بأس باعطائهم فرصة، ثم ليكن بعد ذلك ما يكون. - آمل ألا تقود أجواء الحرية المتوافرة حالياً الى حال من الانفلات تجعل الناس يترحمون على أسوأ خلق الله لأن فرصة عودة العراق مزدهراً مندمجاً في الأسرة الدولية ليست بعيدة، فلنتناولها قبل ان تفلت الأمور من عقالها، ولات ساعة مندم. - الأقلام التي راهنت على الاقتتال الداخلي، سنّة مع شيعة، عرب مع أكراد، كلها ردت الى نحورها، والاحتواء العجيب الذي تمّ لبعض الحالات يعكس مدى تفهّم العراقي لحساسية الظروف، ووجود ما هو أهم. - ما دمنا في ذكر الأقلام، أتمنّى على الأخوة العرب من مختلف المشارب ألا ينسوا ان العراقي في شكل عام يشعر بأنه طعن في الصميم، وعليهم ان يكفوا عن المزايدة، وان يسهموا ولو قليلاً في خلق شعور جديد لدى العراقي بأن الأخوة من الأردنيين والفلسطينيين والمصريين هم هارون وليسوا فرعوناً. النقطة الأخيرة مهمة وتعطيني فرصة تعليق سريع فقد لاحظت ان عراقيين كثيرين يقولون الآن ان العرب الآخرين خذلوهم، ولم يتصدوا لنظام صدام وهو يبطش بشعبه. وأجد هذا الموقف كلمة حق أريد بها باطل، حتى ولو كان ذلك من دون قصد، فالعراق بلد قوي ثري كبير، وكان يشكل خطراً على القريب والبعيد، والعرب في المقابل لا يملكون من أمرهم شيئاً، وهذه الحقيقة، ولا يستطيعون تغيير الأوضاع أو التأثير فيها في الصومال وجزر القمر، وأرى ان من الظلم ان يتهم عراقيون الآن العرب الآخرين بالتقصير بحقهم، فهم قصروا لو كانوا قادرين، الا انهم ليسوا كذلك، ولا أحد "يتهمهم" بالقدرة. اما القارئ سامي البشاري، المقيم في الدنمرك على ما أعتقد، فهو بعث اليّ برسالة الكترونية تعليقاً على السلسلة التي نشرتها عن المحافظين الجدد، ويقول انه عرضها على عدد من اصدقائه الدنمركيين، ويطلب مني ان أجمعها، ثم يسأل هل هناك ترجمة لها بالانكليزية. هناك ترجمة جيدة موجودة على موقع "الحياة" على الانترنت، واذا لم يستطع القارئ الوصول اليها، فهو يستطيع الاتصال بي في لندن، لأرشده إليها، وأنا الآن في صدد إعادة صياغة المنشور والزيادة عليه ثم جمعه في كتيب أو كتاب. وتلقيت رسالة عن الموضوع نفسه من القارئ لبيد الفخري المقيم في دبي، وهو يشير الى جهل الأميركيين بسياسة بلادهم، لأن المعلومات التي تصل اليهم ناقصة أو مجتزأة، ويقترح جمع مقالاتي عن المحافظين الجدد تحت عنوان واحد ضمن صفحة "الحياة" على الانترنت لتكون مرجعاً عن الموضوع. ضاق المجال، وقد رددت على عدد من الرسائل، رداً مباشراً، الا انني أختتم بالاعتذار الى قراء آخرين، بعضهم ضاعت رسائلهم الالكترونية، وأنا على سفر، وبعضهم الآخر عجزت عن فك رموز رسائلهم، لأن الكومبيوتر المحمول الذي يلازمني أقل قدرة من الأجهزة في مكاتب "الحياة".