قال "بنك الكويت الوطني" ان الأسواق رأت الجانب المشرق فقط في بعض الأرقام الاقتصادية الضعيفة التي صدرت من الولاياتالمتحدة، لافتاً الى ان الاسواق ربما هي على حق ولهذا فلا عجب من استمرار قوة الدولار الأميركي الأسبوع الماضي. وأضاف البنك في تقريره الاسبوعي ان تولي ميرفين كينغ منصب حاكم بنك انكلترا المركزي الجديد، وهو يبدو أقل تشدداً من سابقه، زاد من احتمالات خفض أسعار الفائدة في بريطانيا في وقت أقرب مما هو متوقع. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: أجمع أهم 54 اقتصادياً في العالم تم استبيان آرائهم في صحيفة "وول ستريت جورنال" أخيراً على رؤية "النصف المليء" وليس "النصف الفارغ" من الكأس الاقتصادي الأميركي. ولا شك أن أحد دعائم الأسواق هو وجود رأيين وإلا لكنا قد انتهينا بوجود بائعين أو مشترين فقط. ويرى هؤلاء الاقتصاديون أن التحفيز في السياسة المالية، كتخفيض الضرائب وارتفاع فرص زيادة أرباح الشركات، على أنهما أمران مهمان سيعملان على النهوض بالاقتصاد الأميركي في النصف الثاني من السنة الجارية. إلا أن "وول ستريت جورنال" حذرت من التمادي في تفسير هذه التوقعات، أقله لأن هؤلاء الاقتصاديون أنفسهم ما فتئوا يتكهنون بتحسن الأوضاع الاقتصادية منذ ما يناهز ثلاثة أعوام. والحقيقة أنه لا عجب من أن الأسواق العطشى للأخبار السارة باتت ترى الأرقام السيئة على أنها أرقام جيدة خصوصاً بعد هذه التوقعات من هذه المجموعة من الاقتصاديين. وقد شاهدنا الأسبوع الماضي كيف أن الأسواق رأت الجانب المشرق فقط في بعض الأرقام الاقتصادية الضعيفة، فعلى سبيل المثال على رغم انخفاض مؤشر شيكاغو لمشتريات المدراء في حزيران يونيو إلى 52.5 نقطة فيما كانت التوقعات تشير إلى 53 نقطة، رأت الأسواق أن هذا الرقم كان أفضل مقارنة ب52.2 نقطة لشهر أيار مايو. ولكن التشكيك في عافية هذا الرقم من قبل بعض المتعاملين قد رفع مع ذلك أسعار سندات الخزانة وأثر على أسعار الأسهم الأميركية لفترة وجيزة. وتم تكرار هذا التفاؤل أيضاً بعد الإعلان عن تقرير المعهد الإداري للإنتاج الصناعي، اذ انخفض الإنتاج الصناعي لشهر حزيران إلى 49.8 نقطة وهو أقل من مستوى ال50 نقطة والذي يعتبر المعدل الفاصل بين الانتعاش وبين الركود الاقتصادي. كما أنه الانخفاض الشهري الرابع على التوالي... لكن مهلاً، أليس هذا الرقم أفضل من أل49.4 نقطة المعلن في أيار... ومرة أخرى يتم التركيز على النصف المليء من الكأس حيث سلطت الأضواء على ارتفاع إنتاج الطلبات الجديدة في هذا الرقم، إذ ارتفعت هذه الطلبات من 51.9 في أيار إلى 52.2 في حزيران. وفي المقابل لم يسلط أي ضوء على انخفاض المخزون السلعي للإنتاج من 46.1 في أيار إلى 41.3 في حزيران، ما يشير إلى أن المصانع ما زالت تخفض من مخزونها. وعندما يشير أحدهم إلى هذا الجانب السلبي في هذا التقرير يكون الجواب جاهزاً وهو أنه كلما قامت المصانع بتخفيض مخزونها السلعي الآن كلما احتاجت لبناء هذا المخزون في مرحلة لاحقة. وكان معدل البطالة ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ تسع سنوات عند 6.4 في المئة في حزيران مع استمرار فقدان الوظائف للشهر الخامس على التوالي، إذ انخفضت الوظائف غير الزراعية بمقدار 30 الف وظيفة مقابل توقعات الأسواق بخسارة 25 الف وظيفة. أليس هذا رقماً سيئاً؟ للإجابة عن هذا التساؤل ما عليك الآن سوى أن تسأل وزيرة العمل الأميركية الين تشاو، إذ نسبت هذا الرقم السيئ إلى زيادة أعداد الأشخاص الذين أعادوا تسجيل أنفسهم ضمن قوة العمل الأميركية، وبتقديرها فإن هذا مؤشر على عودة الثقة في الأوضاع الاقتصادية ... ومرة أخرى فإن تفسير الأمور يعتمد على كيفية رؤيتنا لها. وبشكل عام علينا أن نغفر للأسواق ميلها إلى التفاؤل، فمن يدري فربما هي على حق ولهذا فلا عجب من استمرار قوة الدولار الأميركي الأسبوع الماضي كما أن أسواق الأسهم كانت جيدة إلى حد ما هي الأخرى، لكن الأسبوع الحالي هو أسبوع جديد آخر وفي هذا الجو من عدم الاستقرار فالأجدى أن تكون العقول أكثر انفتاحاً وتقبلاً لما سيجد من احتمالات. أوروبا منطقة اليورو مع تركيز الأسواق بشكل مباشر على مجريات الأمور في الولاياتالمتحدة، استمر اليورو يعكس تحسن الشعور العام بالنسبة للعملة الأميركية، إذ تم تداوله الأسبوع الماضي ما بين مستوى 1.14 و1.1650 دولار. وكانت معدلات التضخم الأوروبية قد ارتفعت إلى مستوى اثنين في المئة في حزيران من نسبة 1.9 في المئة المسجلة في الشهر السابق نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع أسعار المواد الغذائية. والملفت أن الاقتصاديين الأوروبيين ليسوا أقل تفاؤلاً من نظرائهم الأميركيين، إذ يتوقعون انخفاض التضخم تدرجاً في أوروبا لبقية السنة الجارية. كما يرون ارتفاع أرقام شهر حزيران على أنها شذوذ عن القاعدة وبذلك يتوقعون قيام المصرف الأوروبي المركزي بتخفيض أسعار الفائدة في الربع الثالث من السنة. ومرة أخرى نرى أن هناك رأيين، فالبعض يشير إلى خيبة الأمل في النمو الاقتصادي الأوروبي ويرى هؤلاء إلى أنه لا بد أن تعيد الأسواق تركيزها في نهاية الأمر على هذا الأمر وسيكون ذلك عاملاً ضاغطاً على العملة الأوروبية خصوصاً بعد ارتفاع اليورو الأخير والذي من شأنه أن يؤذي الاقتصاد الأوروبي. وقد أشار المستشار الألماني غيرهارد شرودر إلى هذه الحقيقة عندما حذر من تأثير ارتفاع اليورو على المصدرين الأوروبيين، ولكن قد ينظر البعض إلى تعليقات المستشار الألماني على أنها تعليقات سياسية لا تحوي قناعات اقتصادية. المملكة المتحدة لم تتأثر الأسواق من تسليم حاكم بنك انكلترا المركزي أدي جورج مهام منصبه لخليفته ميرفين كينغ. ونتساءل هنا إذا كانت الأسواق ستكون بهدوء الأسواق البريطانية نفسه عندما يتقاعد الن غرينسبان رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي من منصبه يوماً ماً. وفي مقابلة مع صحيفة "التايمز" البريطانية ظهر كينغ كما هو معروف عنه "من الحمائم"، أي اقل تشدداً، ما زاد من احتمالات خفض أسعار الفائدة في بريطانيا في وقت أقرب مما هو متوقع، خصوصاً بعد إشارته إلى أن قوة الجنيه الإسترليني الأخيرة هي الحدث الأهم منذ الاجتماع الأخير للمصرف المركزي والتي جعلت الأسواق تتوقع أنه في حال بقاء الجنيه الإسترليني قوياً في الأسابيع المقبلة فإن فرص خفض أسعار الفائدة ستزيد في بريطانيا. اليابان أظهر استفتاء "تانكان" لبنك اليابان المركزي أن الأسواق كانت تقلل من قوة الوضع الاقتصادي الياباني في الشهور الاخيرة. وارتفع مؤشر ثقة المؤسسات الصناعية الكبرى في هذا الاستفتاء الى ناقص خمسة من ناقص عشرة، إذ أبدت هذه الشركات وللمرة الاولى منذ الربع الأول من عام 2000 رغبتها في مزيد من الإنفاق على المصانع والمعدات. والواضح أن عدة أسباب كانت وراء هذا التفاؤل، كاحتواء ازمة مرض الالتهاب الرئوي الحاد سارز ونهاية الحرب في العراق وارتفاع الأسهم اليابانية، إذ ارتفع مؤشر نيكاي من أدنى مستوى له عند 7600 نقطة في أيار إلى مستوى 9900 نقطة عند نهاية تعاملات الأسبوع الماضي. وارتفع الين الياباني نتيجة هذه التطورات، لكنه ما زال بعيداً عن مستوى ال115 المهم والذي دافع عنه بنك اليابان المركزي بشراسة حتى الآن. وبشكل عام ليس هناك ما يدعو، حتى الآن، الى تغيير توقعاتنا لمسار الدولار مقابل الين على المدى المتوسط بين حدود 115 و122 يناً.