أعلن الرئىس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده "لن تخضع لابتزاز الإرهابيين". ووصف المقاتلين الشيشان بأنهم أصبحوا "إحدى الحلقات الأساسية" لمنظمات الإرهاب الدولية، وشدد على وجوب "استئصالهم من مخابئهم والقضاء عليهم". وكان بوتين يتحدث خلال اجتماع عقده في الكرملين مع قادة الأجهزة الأمنية، وحمل المقاومة الشيشانية مسؤولية التفجيرات الانتحارية التي وقعت قرب موسكو السبت الماضي، وأسفرت عن مقتل نحو عشرين شخصاً وجرح عشرات آخرين. وقال بوتين إن الإرهابيين يسعون إلى تدمير التسوية السلمية التي بدأتها موسكو في الشيشان وربط بين التفجيرات الأخيرة والإعلان عن إجراء انتخابات رئاسية في الشيشان مطلع تشرين الأول أكتوبر المقبل. وشدد الرئىس الروسي على أن بلاده "لن تتراجع عن المسيرة السلمية"، لكنه طالب في الوقت نفسه قادة الأجهزة الأمنية باتخاذ تدابير حازمة في مواجهات العمليات الإرهابية. وقال إن موسكو "أدركت دائماً ارتباط المقاتلين" مع الشبكات الإرهابية الدولية. وشدد على أن موسكو لن تخضع للابتزاز، مشيراً إلى أن تطورات الأحداث أثبتت أنه "لا فائدة من القيام بأعمال احترازية" حيال الإرهابيين، بل "يجب استئصالهم من مخابئهم والقضاء عليهم". وجاء حديث بوتين في وقت شهدت الشيشان تصاعداً ملحوظاً لنشاط المقاتلين وأعقبت التفجيرات الانتحارية في موسكو السبت الماضي، سلسلة عمليات شنها المقاتلون ضد المراكز الفيديرالية في مناطق مختلفة من الشيشان، كما أسفر تحطم مروحية من طراز "مي 8" عن مقتل خمسة عسكريين وجرح 14 آخرين. وعلى رغم أن النيابة العامة الروسية ذكرت أن عطلاً فنياً سبب تحطم المروحية التي هوت بعد دقائق على إقلاعها من مطار عسكري قرب غروزني، فإن وكالة "إيتارتاس" الرسمية نقلت عن أحد خبراء الانقاذ الذي ساعد في إخراج المصابين أنه شاهد آثار طلقات على هيكل المروحية، ما يؤكد أنها تعرضت لنيران المقاتلين. وأثار تصاعد المواجهات خلال الآونة الأخيرة ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والبرلمانية الروسية. وفي وقت دعا أعضاء في مجلس الدوما إلى إدخال تعديل يسمح بفرض عقوبة الإعدام ضد من يثبت تورطهم في أعمال إرهابية، شكك كثر في قدرة المركز الفيديرالي على فرض تسوية سلمية تتجاهل قادة المقاومة الشيشانية. وعقد عدد من رؤساء منظمات حقوق الإنسان مؤتمراً صحافياً في موسكو أمس، دعوا فيه إلى إبداء نوع من المرونة وفتح باب الحوار مع من وصفوهم ب"قادة المعارضة الشيشانية" وذكرت رئىس مركز "ميموريال" تاتيانا كاساتكينا أن الوسيلة الوحيدة ل"سحب البساط من تحت أقدام الإرهابيين"، هي الشروع فوراً في حوار تحضره جميع الأطراف المعنية. من جهته أكد مدير مركز الدفاع عن حرية الكلمة آليكسي سيمونوف أن المفاوضات مع المنظمات والمجموعات الشيشانية تعد الأداة الأنجح للتوصل إلى حل للصراع، فيما دعت ممثلة "مجموعة هيلسنكي" في موسكو لودميلا آليكسييف إلى إشراك وسطاء دوليين من أجل تسوية ملف الشيشان. وحملت آليكسيف بشدة على السلطة الروسية وقالت إن الكثير من الصراعات في العالم سوّيت عبر تدخل دولي، معتبرة أن السلطات الفيديرالية في روسيا "تمتلك فهماً خاصاً للنزاهة". وذكر ل"الحياة" أصلان بيك أصلاخانوف عضو البرلمان الروسي عن الشيشان، أن الأحداث الأخيرة أظهرت "ضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات" مع قادة المقاومة بمن فيهم الرئيس المنتخب أصلان مسخادوف. واستغرب مسارعة قادة الأجهزة الأمنية الروسية إلى توجيه اتهامات للشيشانيين قبل بدء التحقيقات الرسمية. وسأل عن السبب الذي يدفع "الإرهابيين" إلى اصطحاب وثائقهم الشخصية معهم عند تنفيذ العمليات، في إشارة إلى إعلان الأجهزة الأمنية العثور على بطاقة هوية تعود لإحدى منفذتي الهجوم الانتحاري الأخير قرب موسكو. ولم يستبعد أصلاخانوف أن تكون جهات روسية متورطة في التخطيط للهجمات الانتحارية بهدف إضعاف فرص الرئىس الروسي فلاديمير بوتين في ترشيح نفسه إلى ولاية رئاسية ثانية.