جديد عالم المعلوماتية هو التنوع والتعدد. وفي نظم التشغيل، يعني هذا الامر اعتماد نظام "لينوكس" المفتوح المصدر، جنباً إلى جنب مع نظام "ويندوز" الشهير الذي تنتجه شركة "مايكروسوفت". وفي الرقاقات، يعني التعدد الاعتماد على رقاقات "انتل" المتنوعة، اضافة إلى رقاقات آثلون Athlon التي تنتجها شركة "آيه أم دي" AMD المنافسة ل"انتل". وما عدا التعدد، فإن الأبرز هو ذلك الرهان الضاري على الادوات الرقمية المتنقلة واللاسلكية، الذي لا تخفيه شركات الكومبيوتر والاتصالات وتنطق به بأعلى صوت. تلك هي الأمور التي يمكن استشفافها في المبادرة الاستراتيجية الجديدة في الاسواق العربية، التي تخوض غمارها شركة "هييوليت باكارد" HP للمعلوماتية. استهلت المبادرة من دبي في وقت مبكر من الشهر الجاري، وجاء مؤتمر الشركة أخيراً في بيروت ليكون احدى محطات الصراع الضاري بين شركات المعلوماتية في اسواق الشرق الأوسط، واستضافه فندق "موفنبيك". والمعلوم انHP هزت عالم المعلوماتية قبل اقل من سنتين حينما اشترت شركة "كومباك"Compac للكومبيوتر في صفقة بلغت قيمتها 25 بليون دولار، هي الأكبر في تاريخ الاقتصاد الأميركي والعالمي المعاصر. وفي مؤتمر بيروت، قدمت هذه الشركة مجموعة متطورة من كومبيوترات المكتب من نوعي دي 330 و دي 330 ودي 530 تدعم عمليهما شاشات عرض مونيتور مسطحة من نوع "أل 1-925". وتبدأ أسعارهما ما دون الستمئة دولار. وركزت الشركة على الحاسوب المحمول الدفتري نوت بوك Note Book من نوعي "أن اكس 9000" nx 9000 و"ان اكس 9010" nx 9010 . ويتميزان بشاشة عريضة 15 بوصة ذات نقاء عال "اكس جي آيه" XGA. ويعملان برقاقة بانتيوم 4 المتخصصة في هذا النوع من الأدوات، وهي من صنع شركة "انتل" العالمية. كومبيوتر الدفتر اللاسلكي ويلفت في المؤتمر عينه، كومبيوتر الدفتر اللاسلكي "ان سي 4000" Wireless Notebook nc4000 المعد ليكون جهازاً متنقلاً بامتياز. ويبلغ وزنه 58،1 كيلوغرام ولا تزيد سماكته على 8،2 سنتيمتر. وتعمل بطاريته لمدة 7 ساعات متواصلة ويصل الى الأسواق العربية خلال الشهر الجاري، ويتوافق مع شبكات اللاسلكي المحلية من نوع لان LAN، اضافة إلى الشبكات اللاسلكية العادية. ويعطيه نظام "بلوتوث" القدرة على التنسيق مع الاجهزة الالكترونية الاخرى مثل الهاتف الخلوي، بطريقة مباشرة. ماذا يعني كل هذا؟ يعني ان هذا الجهاز قابل للعمل مع اكثر من نظام معلوماتي، وانه يتأقلم مع اكثر من نظام واحد للشبكات اللاسلكية، وانه قابل للتطور المستمر مستقبلاً، ولعله من نماذج ما يعطيه التعدد في عالم الكومبيوتر من ايجابيات. وفي تصريح خاص الى "الحياة"، لم يخف كريستوف شيل، مسؤول نظم الاجهزة الشخصية في الشرق الاوسط، الاهمية الخاصة التي تعطيها شركته الى المصنع الذي اتفق على انشائه في المملكة العربية السعودية. وأشار الى ان طاقة المصنع تصل الى ربع مليون جهاز في العام، ما يعني مساهمته في تغطية احتياجات سوق الشرق الاوسط كلها. وهو الثالث من نوعه في العالم، ويضم قسماً خاصاً بالابحاث والتطوير يهتم بالاحتياجات الخاصة في المنطقة العربية. استثمار العرب في التعليم وشدد شيل على ان شركته تنظر الى المنطقة العربية باعتبارها واحدة من اهم الاسواق الصاعدة في العالم، ونوه بان الحكومات العربية تستثمر كثيراً من الأموال في التعليم، اضافة الى القطاعين المصرفي والنفطي. وينطبق الوصف نفسه على القطاع الخاص عربياً. ولاحظ ان قطاع التعليم يمثل اشكالية خاصة. فمن ناحية، هناك تفاوت كبير تماماً في المقررات والمناهج التعليمية عربياً إذ ان ما يصنع ليلائم المناهج اللبنانية مثلاً لا ينفع في شيء بالنسبة الى المناهج السعودية. ومن ناحية اخرى، فإن وجود جمهور واسع يمتد عبر رقعة جغرافية كبيرة ويتفاهم بلغة واحدة، هي العربية، يعطي امكان لصناعة محتوى قوي طالما ان جمهوره سيكون بمئات الملايين. وثمة وجه آخر لهذه الاشكالية نفسها يتعلق بنظم التشغيل وصناعة برامج المعلوماتية. فالجامعات العربية تخرج سنوياً مئات المبرمجين. وفي المقابل، يستخدم معظم العرب برمجيات وتطبيقات جاهزة من صنع كبرى شركات المعلوماتية. ولا يترك ذلك سوى هامش ضيقٍ بالنسبة الى المبرمجين والمطورين العرب. وتعطي البرامج المفتوحة المصدر Open Source، مثل "لينوكس" Linux فرصة مهمة لهؤلاء المبرمجين، وتمكنهم من صنع تطبيقات وبرامج تناسب الذائقة الثقافية والحضارية للعالم العربي. ونظراً الى رخص ثمن النظم المفتوحة، فانها تتيح للمبرمجين العرب امكان بيع برمجياتهم وتطبيقاتهم باسعار منخفضة، ما يزيد في انتشارها ويعطيها القدرة على منافسة البرمجيات العالمية في السوق العربية الواسعة. والحال ان الشركات الكبرى في الكومبيوتر، مثلHP باتت تميل الى نظم مثل "لينوكس" بفعل فارق السعر، ولأنه يمثل فرصة للتنوع والمنافسة في السوق.