تناولت الحلقتان الأولى والثانية وصفاً لعملية اغتيال الشيخ راغب حرب، وسيرته على ألسنة اصدقائه، خصوصاً لجهة حضوره المبكر في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للبنان، وفي المقابل تعريفاً بصاحب الاعترافات وكيف اصبح عميلاً لإسرائيل ودوره في اغتيال الشيخ راغب حرب تخطيطاً وتنفيذاً، كذلك مشاركته في خطف الشيخ عبدالكريم عبيد والقيام بعمليات تفجير وترويع في قرى الشريط الحدودي المحتل سابقاً. حسين علي عباس يتحدث من سجنه في الدنمارك عبر رسائل موثقة، فيتناول اسماء ووقائع عن مرحلة الاحتلال والجرائم التي نفذت بأوامر الاستخبارات الإسرائيلية، شاملة عمليات قتل وتفجير وخطف. وفي ما يلي الحلقة الثالثة الاخيرة: اطل عام 1984 على لبنان وفي طياته كوارث امنية واجتماعية وسياسية. فرئيس الجمهورية الشيخ امين الجميل يواجه ضغوطاً عربية لالغاء اتفاق 17 ايار مايو 1983 الشهير بين لبنان واسرائيل والولايات المتحدة الاميركية، والذي كاد ان يكون كامب ديفيد لبنان. لكن تدخل سورية تؤيدها ولو صامتة دول عربية عدة، وحنكة الزعيمين اللبنانيين نبيه بري ووليد جنبلاط وتصاعد المواجهات العسكرية على خطوط التماس في بيروت والجبل والشحار الغربي، وارتفاع نسبة العمليات العسكرية ضد الاحتلال الاسرائيلي، وضرب المصالح الاميركية وبعض الدول الغربية الاخرى في لبنان، دفع الرئيس امين الجميل الى توجيه البوصلة الاستراتيجية نحو دمشق فلم يوقع على اتفاق 17 ايار الذي ولد ميتاً. لم يكن الشيخ راغب حرب في تلك الفترة مهتماً باللعبة السياسية بقدر ما كان منكباً على تفعيل المقاومة المدنية الشاملة. الجدير ذكره ان تلك المقاومة الشاملة لم يكن لها لون سياسي معين سوى انها موجهة ضد الاحتلال الاسرائيلي، وكان راغب حرب احد اهم اساساتها، لذا قامت اسرائيل في سنة 1983 باعتقاله لبضعة ايام لأنه بدأ يشكل عبئاً امنياً وسياسياً وحتى اجتماعياً. فاسرائيل، كما يقول السيد هاني فحص: "كانت تحاول في تلك الفترة تشريع وجودها في الجنوب عبر التطبيع مع اهله، لذا فور احتلالها القرى الجنوبية حاولت ان تبني جسوراً بينها وبين مخاتير ومشايخ ووجهاء القرى الجنوبية". الا ان راغب حرب رفض ذلك وبدأ يفكر بطرق مختلفة لنسف الجسور الاسرائيلية التي بنيت ابان تلك الفترة مع بعض الشخصيات اللبنانية. بدأت اسرائيل بتضييق الخناق على كارهيها وباشرت عمليات اعتقال لرموز دينية في صيدا والجنوب امثال الشيخ محرم العارفي، ولاحقت الشيخ ماهر حمود وشخصيات اخرى كان لها دور اساسي في تجييش الشارع الجنوبي ضد اسرائيل. الشيخ ماهر حمود من الشخصيات الدينية التي كانت تربطها صلات صداقة وجهاد مع الشيخ راغب حرب. يشرح الشيخ حمود ان امام بلدة جبشيت "لم يكن معروفاً لدى الاسرائيليين قبل الاجتياح الثاني للبنان عام 1982 فهو كان منكباً على توعية اهل بلدته وناشطاً في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى. الا ان عملية الاجتياح دفعته الى اخذ موقع متقدم على ساحة المواجهة مع اليهود الغزاة. حاولت اسرائيل اسكاته، مرة عبر المصافحة التي رفضها ومرة اخرى عبر ممارسة ضغوط عدوانية تمثلت في اعتقاله". اما السيد هاني فحص فيعتقد أن "عملية الاعتقال التي حصلت سنة 1983 جعلت الشيخ راغب حرب احد اهم رموز المواجهة للاحتلال الاسرائيلي. اتسعت دائرة شعبيته واصبح ركناً اساسياً من اركان المقاومة وهذا يعني انه اصبح يشكل خطراً على اسرائيل". تخلصت اسرائيل من الشيخ راغب ولدى اعادة جثمانه من النبطية استقبل الموكب بتظاهرة حاشدة وعفوية من الأهالي عند مثلث النبطية-الدوير-حاروف. ولدى اقتراب الموكب من حاجز مشترك لجيش الاحتلال والقوات المتعاملة معها من ميليشيا جيش لبنانالجنوبي اطلق عناصر الحاجز النار على التظاهرة الحاشدة وجرحوا 6 اشخاص. في الاعترافات التي ادلى بها حسين علي عباس اكد انه هو ومسؤول الحرس الوطني في جبشيت عباس بدر الدين والمسؤول الامني في ميليشيا العملاء فؤاد فحص وامرأة اسمها فاطمة ف. والعميل نبيل شكيب حيدر اشتركوا في اغتيال الشيخ راغب حرب. نعت الاحزاب الاسلامية واللبنانية والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ومنظمات غير حكومية الشيخ راغب حرب. وعلى رغم انه كان خرج وقتذاك من كنف حركة "امل"، قامت قيادة الحركة بنعيه على انه عضو فيها لاهمية موقع راغب حرب المعنوي في الحركة، وقال الرئيس نبيه بري وقتذاك انه "لو ابادت اسرائيل شعب الجنوب كله فلن تسمع صوتاً يتعاون معها". بما ان "امل" كانت تتمتع بقوة عسكرية وسياسية مهمة على الساحة اللبنانية عموماً وفي الجنوباللبناني خصوصاً، كان من المهم لقيادة الحركة ان تصنع معجزة وتعتقل قتلة الشيخ راغب حرب. وبالفعل هذا ما حصل في الثاني من شهر نيسان ابريل 1984، اذ جلس عضو المكتب السياسي والمسؤول الاعلامي في الحركة الشيخ حسن المصري امام عدسة الصحافيين وإلى جانبيه محمد كامل بشر 24سنة ورضوان الفقيه 18 سنة، واعترف الشابان بأنهما شاركا باغتيال الشيخ راغب حرب. ولكن في حال كانت اعترافاتهما صادقة، فمن المنطقي ان تكون اعترافات حسين علي عباس التي يدلي بها للمرة الاولى كاذبة. ولكن، عند مقارنة وقائع عملية الاغتيال والأمور المعروفة عن حيثياتها في ذلك الوقت مع اعترافات محمد كامل بشر ورضوان الفقيه يتبين الاتي: اعترف محمد كامل بشر "حضرنا عصر يوم اغتيال الشيخ راغب الى ثكنة النبطية، وفي الليل وصلنا الى منزل الشيخ راغب حرب في جبشيت حيث صعد نعيم حريبة ولحقه فوزي كلوت اسماء وردت في التحقيق معهما وقرع حريبة باب المنزل ففتح له الشيخ راغب فأطلق الرصاص عليه، وعلى الفور فتحنا نحن الثلاثة النار في اتجاه الشيخ حرب حتى فرغت مخازن رشاشاتنا، ثم طلب منا قائد المجموعة نعيم حريبه الانسحاب الى ثكنة النبطية، وهناك اعطوني مكافأة مبلغ 10 آلاف ليرة". وتابع الشابان اعترافاتهما بالقول ان اسرائيل اغرتهما بالمال وانهما نادمان على فعلتهما، وانهما اعتقلا في بيروت على يد عناصر امن حركة "امل" قبل ان يتمكنا من تنفيذ عمليات اغتيال ضد قياديين في الحركة لأن اسرائيل تعتبر الحركة "في طليعة المقاومة الوطنية اللبنانية". وانتهى المؤتمر الصحافي بتوجيه سؤال الى الشيخ حسن المصري عن مصيرهما، فأجاب: "يسأل الحكم الشرعي بذلك لكن قضيتهما من خصوصيات حركة امل". الشيخ راغب حرب لم يغتل في بيته اذ قتل اثناء مغادرته بيت جاره في القرية الحاج محمود يونس، بحسب تأكيد هذا الاخير، كما ان الحاج يونس يشدد على ان حرب لم يصب بطلق ناري من الجهة الامامية لجسده، اضافة الى ان عدد الرصاصات الذي اخترقه ليس كثيراً. هذا يؤكد ان اعترافات محمد كامل بشر ورضوان الفقيه غير منطقية. بعد مرور 19 عاماً على عملية الاغتيال طرقت باب مكتب الشيخ حسن المصري في منطقة الجناح في بيروت، وسألته عن مصير بشر والفقيه، فتذكر: "اعتقد اننا نفذنا حكم الاعدام بهما". طلبت منه مجدداً ان يكون دقيقاً في جوابه عما اذا كان يعتقد انهما اعدما، او انهما اعدما فعلاً. فرفع جهازه الخلوي واتصل بأحد مسؤولي الامن في حركة "امل" وسأله عن مصيرهما. بعد مرور بضع دقائق قال الشيخ المصري للشخص الآخر: "تحت التعذيب؟ حسناًِ حسناً". التفت الشيخ حسن المصري إليّ وقال: "نحن لم نعدمهما، اذ تبين انهما ادليا باعترافاتهما تحت التعذيب، وهما لم يشتركا بقتل الشيخ راغب حرب". ولكن، اين يعيشان الآن؟ يقول الشيخ المصري: "نحن عندما اطلقنا سراحهما اشترطنا ان يغادرا لبنان الى المانيا وإلى الأبد، وهما يعيشان الآن في المانيا". هذه الايضاحات تعيد اعترافات حسين علي عباس الى دائرة الضوء مجدداً، خصوصاً انها تتطابق ووقائع عملية الاغتيال. لكن حسين علي عباس يضيف ان اسرائيل اوكلت اليه مهمات امنية اخرى، منها محاولة اغتيال الشيخ ماهر حمود في صيدا. لا شك انه في فترة الاجتياح الاسرائيلي للبنان سنة 1982 كان الشيخ ماهر حمود شخصية وطنية استهدفتها البندقية الاسرائيلية للتخلص منها، فهو يقول انه تعرض "لأكثر من 15 عملية اغتيال، ولكن، الحمدالله، نجوت منها". يعترف حسين علي عباس انه شخصياً قام بأكثر من ثلاث محاولات لاغتيال الشيخ ماهر حمود في صيدا لكنها "فشلت". من المعروف ان حسين علي عباس عاش ودرس في صيدا لذا من الطبيعي ان توكل اسرائيل اليه عمليات امنية في تلك المدينة. ويعترف حسين انه استخدم امرأة من قرية عيترون في جنوبلبنان في محاولاته الفاشلة لاغتيال الشيخ حمود. لا يتذكر الشيخ ماهر اسم حسين علي عباس الا انه يؤكد ان اسرائيل حاولت اغتياله مراراً بعد الاجتياح الثاني للبنان 1982، ويقول ان "مجموعة من بلدة القريّة ادلت قبل سنتين باعترافات انهم حاولوا اغتيالي سنة 1985 عبر زرع عبوات ناسفة لسيارتي. ولكن لم تنجح تلك المحاولات. كما وصلتني معلومات انه كان هناك مخطط لاغتيالي قرب مسجد قطيش في صيدا. واختيار مسجد قطيش بدلاً من منزلي الذي يقع بالقرب من مستشفى حمود سببه ان المسجد بعيد من المستشفى، وفي حال نجحت عملية الاغتيال ولم تكن الاصابة قاتلة فسيكون من الصعب انقاذ حياتي لان المستشفى بعيد من المسجد". نجا الشيخ ماهر حمود من الاغتيالات وعاد الى صيدا مع انسحاب الجيش الاسرائيلي. يشير حسين علي عباس انه كان كلما انسحبت اسرائيل من منطقة في الجنوباللبناني كان ينسحب معها. فهي بعد ان انسحبت من صيدا وجبشيت انسحب معها الى داخل الحزام الامني المتاخم للحدود اللبنانية - الاسرائيلية. يعترف حسين علي عباس انه اثناء فترة وجوده في الشريط الحدودي كان وشركاؤه، من العملاء، يقومون بزرع عبوات ناسفة في قرى الجنوباللبناني "واتهام "حزب الله" بزرع تلك العبوات من اجل زعزعة الامن في جنوبلبنان ومن اجل اثارة غضب الجنوبيين على حزب الله، وبهذه الطريقة كنا نكسب انصاراً لنا. ولكننا كنا نحرص على عدم إلحاق الضرر بالارواح اذ اننا كنا نزرع العبوات في قرى مثل قرية ميس الجبل وجوارها بالقرب من محلات مقفلة". ويعترف حسين انه في منتصف الثمانينات وضع سيارة مفخخة بالقرب من "دكان في قرية ميس الجبل مقابل محطة وقود لها عينة واحدة، ولكن على الارجح تغيرت معالم محطة الوقود الآن". وبالعودة الى الاحداث السابقة كان قد سجل انفجار قوي وقع عام 1985 مقابل تلك المحطة بالقرب من دكان تابع لعائلة حجازي واحتراق الدكان بكامله في ميس الجبل. كما يذكر حسين انه شارك "مع العميل عزت غضبان من قرية ميس الجبل باختطاف اثنين من آل سلوم في منطقة يحمر الشقيف ولا أعرف مصيرهما. فالموساد طلب منا تنفيذ العملية لأن الشابين تعاملا مع المقاومة". قبل اغتيال الشيخ راغب حرب بأربعين يوماً اختلف حسين علي عباس مع بعض اهالي بلدته جبشيت. كان مثل بقية المتعاملين النافذين مع اسرائيل يقرصن في قرى الجنوباللبناني من دون اي رادع. واثناء الشجار الذي دار بينه وبين بعض اهالي القرية سحب حسين سلاحه الرشاش وبدأ بأطلاق النار عشوائياً، فأصاب الشاب هاني مصطفى شكر 21 سنة وارداه، بحسب رواية اهل جبشيت. تروي والدة الشاب هاني ان ابنها "كان مسالماً ويتجنب الخلافات مع اهل القرية. كان يومها يعمل في احدى ورش القرية فقرر فجأة ان ينزل في فترة بعد الظهر الى مسجد القرية الذي كان يساهم في بنائه، لكنه عاد الى البيت جثة هامدة. فحسين عباس الذي لا يعطي اهمية لارواح البشر قتله وهو يبني بيت الله". اختفى حسين علي عباس من قرية جبشيت ودخل الى عمق قرى الشريط الحدودي حيث كان معروفاً لدى ابناء تلك القرى ببطشه. ينفي حسين ان يكون هو من قتل هاني مصطفى شكر، ويقول: "اختلفت وقتذاك مع مناصرين للشيخ راغب حرب فاشتبكنا وقتل هاني شكر برصاص جماعة الشيخ". الا ان اهل القرية يجمعون على ان حسين كان يطلق النار لوحده يومذاك واصاب هاني شكر برصاصة قاتلة. تقدم اهل هاني شكر بدعوى الى القضاء اللبناني، ويقول والد الضحية: "راجعت ملف القضية في مدينة صيدا منذ مدة فتفاجأت ان الملف ضائع". ويعرب والد هاني شكر عن غضبه للاهمال الذي لاقاه من السلطات اللبنانية. استمر حسين علي عباس في ممارسة سلطته في قرى الجنوباللبناني حتى عام 1989، ثم نقلته اسرائيل في العام نفسه الى الاراضي الفلسطينية المحتلة. يشرح حسين ان سبب نقله الى اسرائيل اتى بعد ان شارك في عملية امنية اخرى لا تقل خطورة واهمية عن عملية اغتيال الشيخ راغب حرب. فحسين يعترف انه شارك في عملية اختطاف الشيخ عبدالكريم عبيد. اختطف الشيخ عبدالكريم عبيد فجر الجمعة 28/7/1989 من منزله في قرية جبشيت التي كانت قد تحررت من الاحتلال الاسرائيلي. اعترفت اسرائيل وقتذاك ان وحدة اسرائيلية اعتقلت الشيخ عبدالكريم عبيد واثنين من معاونيه. يقول حسين: "عندما اخذت اسرائيل القرار في عملية عبيد كان الكلام معي في 1989، وعندها احضرت شخصاً من خارج الحزام الامني لمساعدتي في جلب المعلومات عن عبيد الخائن". ويضيف حسين انه بعد اجتماعات استمرت اشهراً مع "طيارين اسرائيليين وعناصر من جهاز الاستخبارات تمت عملية عبيد في 1989. على ما اتذكر، اننا نفذنا العملية في ساعات الفجر، دخلنا على عبيد الذي لم يشاهدني منذ سنة 1985 وكان شعر ذقني طويلاً لذا لم يتعرف إليّ". يدعي حسين ان اسرائيل قررت اختطاف الشيخ عبيد بعد ان فقدت الامل في التعاون معه فهو "كان على علم بعملية اغتيال الشيخ راغب حرب وشارك في الاجتماعات التي تمت بيننا وبين الاستخبارات الاسرائيلية وكان من المفترض ان يتسلم مكان حرب في قرية جبشيت ليتعاون مع اسرائيل. الا انه بعد ان شارك في اربعة اجتماعات عقدت في ثكنة مرجعيون مع الاستخبارات الاسرائيلية انقطع نهائياً عن اسرائيل. ضمير عبيد صحا وقرر العمل من قلبه ضد اسرائيل. فهو كان يطمع بأن يحل مكان حرب في جبشيت، ولكن بعد ان ساعدته اسرائيل للوصول الى المنصب انقلب عليها، لذا اخذت اسرائيل القرار في اختطافه". ويشير حسين الى ان "الاجتماعات التي شارك فيها عبيد مسجلة وصوته واضح فيها. وتوجد نسخ عن تلك التسجيلات عند المكتب الثاني في بيروت". يقول حسين انه بعد ان شارك في خطف الشيخ عبيد نقلته اسرائيل الى داخل الاراضي الفلسطينية حفاظاً على سلامته. واستخدمته اسرائيل في الضفة الغربية في عمليات امنية تشبه التي كان ينفذها في لبنان، ولكن "بعد وقوع خلاف مع المسؤولين الاسرائيليين الذين كانوا يمدونني بالاموال قررت المغادرة الى الخارج. حصلت على جواز سفر مزور باسم محمود عطوي وغادرت الى اسبانيا ثم الى الارجنتين وبعدها الى الدنمارك". اسس حسين علي عباس النادي الدنماركي الدولي ويشير الى ان اعضاء النادي معظمهم من عناصر سابقة في جيش لبنانالجنوبي وفلسطينيين ومغاربة". ويشرح أن للنادي نشاطات مختلفة، ولكن اعتمادهم في طريقة التمويل على المخدرات والصفقات التي تعقد مع "ملائكة الجحيم و"بانديدوس" في الدول الاسكندينافية"، وهي عصابات اجرام من الطراز الاول. لكنه على رغم ابتعاده من الساحة اللبنانية يقول انه على اتصال مستمر مع جهات امنية تعامل معها في لبنان. ويشرح ان "عناصر المكتب الثاني الذين كنت اتعامل معهم ابان احتلال اسرائيل للبنان، انا على اتصال مستمر بهم". ويضيف انهم "اتصلوا بي قبل سنوات وطلبوا مساعدتي للكشف عن مقتل ضابط في الجيش اللبناني، الا انني اشترطت عليهم ان يساعدوني للعودة الى لبنان قبل ان اعطيهم اي معلومات. لكنهم قالوا لي ان الوقت غير مناسب للعودة الى لبنان في الوقت الراهن". يقضي حسين علي عباس عقوبة ثماني سنوات سجناً في الدنمارك بعد ان ثبت انه يتاجر ويهرب المخدرات. ويشرح "اعترفت بتهمتين من تلك الموجهة ضدي، ولكن حُكمت ب35 تهمة". ويضيف: "كنت متهماً ب12 كيلوغراماً ولكن حُكمت على ثلاثة كيلوغرامات بالسجن 8 سنوات. اعتقد انني اخذت عقوبة اعلى من الآخرين الذين شاركوا معي في تهريب المخدرات لأنني مسلم. من بعد الذي رأيته في حياتي لا يوجد افضل من لبنان، لا الدنمارك ولا اي دولة في العالم افضل من لبنان". بالنسبة الى العميل عباس بدر الدين الذي شارك في عملية اغتيال راغب حرب، وذلك بحسب اعترافات حسين علي عباس، فيعتقد اهل قريته انه هاجر الى المانيا. وبالنسبة لنبيل شكيب حيدر فهو تعرض لعملية عسكرية من قبل المقاومة اللبنانية وبترت ساقه ويقول اهل قريته ان زوجته انفصلت عنه ولا يعرف عنه اي شيء. اما فؤاد فحص فيقول حسين علي عباس "عام 1986 او عام 1987 صدر امر من الاستخبارات الاسرائيلية الى حسين عبد النبي وعقل هاشم والجلبوط واحمد شبلي بتصفية فؤاد. كنت انا وفؤاد في قرية بنت جبيل عندما هاجم بعض المسلحين سيارتنا في الليل. اصيبت السيارة بأكثر من 60 طلقة. قتل فؤاد واصبت انا بجروح في تلك العملية. بعد مرور نحو ستة اشهر اكد لي حسين عبد النبي وعقل هاشم والجلبوط واحمد شبلي أنهم نفذوا العملية للتخلص من فؤاد فحص الذي كان ينافسهم على الزعامة في الجنوباللبناني". اليوم توجه له المحكمة الدنماركية تهمة مجرم حرب بعد ان اطلعت على اعترافاته التي أدلى بها خلال المراسلات. ولكنه يدافع عن نفسه قائلاً: "انا كنت انفذ اوامر الجيش الاسرائيلي، ولم اتصرف من تلقاء نفسي. انهم شعب مجنون، يريدون محاكمتي على امور حصلت قبل 20 عاماً". السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا اختار حسين علي عباس ان يدلي بهذه المعلومات بعد مرور 19 عاماً على عملية اغتيال الشيخ راغب حرب وفي هذا الوقت بالذات؟ هل الغرض منها خلق بلبلة على الساحة اللبنانية؟ ام انه يخاف من ان يرحل من الدنمارك الى لبنان؟ يقول حسين علي عباس: "لا اعتقد بأنني اريد العودة الى لبنان، وانا لست خائفاً من "حزب الله" او من اي طرف آخر. ولكن السبب في طرح هذه المعلومات خلافي مع السفارة الاسرائيلية في الدنمارك. انا ارسلت الى السفير الاسرائيلي هنا ليساعدني في الخروج من السجن، ولكنه لم يعطي لطلبي اي اهمية. فقررت ان افضح كل شيء. انا اوقفت تعاملي مع اسرائيل منذ ان وصلت الى الدنمارك". ويضيف حسين انه ليس نادماً على ما فعله في لبنان. ويقول: "لا يمكن اتهام احد بالعمالة اذ ان الواقع في الجنوب كان يفرض نفسه. كان هناك احتلال ولا يوجد مخرج آخر للسكان في الجنوب الا التعامل مع الاحتلال للبقاء". ويضيف: "حزب الله قتل والدي، وأنا لن أغفر لهم ذلك". يظهر حسين كرهاً شديداً للدولة العبرية وأجهزتها الأمنية وينصح كل المتعاملين مع اسرائيل: "التوقف عن التعامل، وأنصحهم بأن يخرجوا عن صمتهم ويفضحوا كل الأوراق الاسرائيلية. فلينظروا الى كل من تعامل معها وما حصل لنا. اسرائيل خانتنا، وانطوان لحد خان الجيش، وهو كان على علم بالانسحاب الاسرائيلي من لبنان لكنه لم يكشف ذلك". ويقول حسين انه لا يتعامل حالياً مع أي جهاز استخباراتي "فأنا أوقفت تعاملي مع اسرائيل. أنا لبناني".