تسارع الايقاع في زمن الانترنت والهاتف الخلوي وقلبت ثورة الاتصالات معاني المكان والزمان والمسافة محطمة حواجز كانت تفصل بين العشاق، وأعفت اجهزة الخلوي الشباب من الوقوف اسفل النوافذ طمعاً في نظرة أو ابتسامة ومن ثم لقاء غرامي. الانترنت اختزلت المسافات بين القارات، فأصبح من الممكن ان يجلس الشاب أو الفتاة كل في غرفته في أي مدينة وينقر ازرار جهاز الكومبيوتر باحثاً في مواضيع المحادثات ليلتقي بأمثاله أو مثيلاتها أو لتحديد مواعيد غرامية. وجاءت الرسائل القصيرة لتزيل المصاعب التي كان الشباب يواجهونها في ترتيب المواعيد العاطفية من دون الحاجة الى كتابة خطاب، فالخلوي حل المشكلة للأبد. "الحياة" استطلعت آراء عدد من الشباب والفتيات في تأثير ثورة الاتصالات في مراسيل العشاق وترتيب المواعيد الغرامية. لولا بهجت 28 سنة: "اختزل الخلوي الوقت وسرعان ما اصبح البريد الالكتروني "فاكس الغرام" لترتيب المواعيد أو التحدث عبر الشاشات. ولم يعد الحب يخضع للظروف وتبدلت الرسائل الغرامية بين المحبين الى "ايميلات". واختلفت طريقة الزواج وصار في إمكان الشاب او الفتاة التعرف إلى زوج المستقبل من خلال شاشة الكومبيوتر. وتتيح السماعات الملحقة بكل جهاز اجراء حوارات توفر للبعض منهم فرصة تعميق المعرفة ومن ثم بداية الشعور بالحب، وتأتي بعد ذلك الرغبة في اللقاء متوجة بالاتفاق المتبادل على الزواج". وترى نهلة محمود 23 عاماً ان رسائل الخلوي تفي بالغرض ويمكن الاعتماد عليها لإيصال خبر او تحديد موعد مع الطرف الآخر. وتضيف: "عندما أريد ان آخذ ميعاداً من خطيبي او توصيل معلومة استخدم الرسائل القصيرة، وحلت هذه الرسائل مكان الهاتف المنزلي الذي قد يفضح أمري عندما يتلصص علينا أحد من أهل المنزل". ويقول عماد محمد حسين 30 عاماً إن الكومبيوتر سهل الامور بين المحبين "فعندما أختلف مع صديقتي احل المشكلة من خلال رسالة ابعث بها تحمل همس الحب مثل: "ناجيتك في جوف القلب خبيتك، بكل حواسي حبيبتك" وسرعان ما تزول المشكلة. النفوس الضعيفة وترى عبير عادل 22 عاماً ان الانترنت تستغل من بعض الشباب والشابات من اصحاب النفوس الضعيفة لتكوين علاقات مرحلية مبنية على معلومات وهمية عن شخوصهم يخدعون بها بعضهم بعضاً متسترين بالشاشات البلورية لفترة وجيزة، وتبدأ العلاقة بالسلام ومن ثم الكلام وتبادل الارقام وتحديد مواعيد للغرام. ويبدأ الخداع بحلو الكلام وغالباً ما يكون الطرف المخدوع الفتاة، لأن الشابات غالباً ما يتعاملن بعواطف جياشة مع الكلمات المعسولة التي يقولها الشاب وتقع الفتاة في براثن ذلك الشاب بعد أيام. وفجأة يسدل الستار وتنتهي العلاقة تاركة في النفوس ذكرى مؤلمة. تأخر سن الزواج يقول ماجد رشاد 28 عاماً إن شباب اليوم لا يتزوجون قبل عقدهم الثالث لذا تكون المواعيد الغرامية الملاذ الوحيد لديهم لتفريغ تلك الطاقة. ويدفع الفراغ القاتل الشباب الى التسكع في الشوارع والذهاب الى أماكن المواعدة اذا توافرت المادة. الوسامة والمواعدة "لم ابذل مجهوداً في اخذ مواعيد غرامية من الفتيات بل ان بعضهن وربما اكثرهن يبادرن بذلك اذا وجدوا الشاب وسيماً او خفيف الظل"... هكذا بدأ احمد محمود 26 عاماً كلامه، وأضاف: "ذات مرة كنت اوصل شقيقتي الى المدرسة فرأتني احدى صديقاتها فقالت لها "ياي... اخوك بيجنن" فأسرعت شقيقتي الى اعطائها رقم هاتفي الخلوي واتصلت بي ثم جرى التعارف بيننا وتوثقت علاقتنا". وقالت ايمان محمود 23 عاماً: "معظم الفتيات اللواتي يقبلن بالتعارف قبل الزواج يطلبن مصلحة ما، إما لتضييع الوقت أو للهدايا الامر الذي يولد مشكلات لا حصر لها، فالمواعيد الغرامية سواء اقتصرت على المكالمات الهاتفية ام الخروج توضع في قالب "قناع الحب الزائف" الذي يخلف فساداً ودماراً اسرياً وأخلاقياً. وقال جابر أحمد 38 عاماً: "حتى السنوات العشر الاخيرة كان الموعد الغرامي بمثابة عقدة رئيسة امام المحبين والشغل الشاغل لهم. وأزعم انني عندما حصلت على أول موعد مع فتاتي استغرق الوقت نحو شهر ما بين نظرات مستمرة وموقتة في الشارع ووسائل المواصلات، حتى انني واصلت السير وراء محبوبتي الموقتة لمعرفة اين تقطن وكأنني حصلت على الخيط الأول لترتيب اللقاء، وأعقب ذلك بأسبوعين أن تجرأت بالحديث الهامس، ثم اسبوع آخر بالحديث الثنائي تمهيداً للقاء كان بطله "السكون التام" لدقائق اعقبه إفصاح كامل عن مكنون ما في قلبي لمحبوبتي، وهي كذلك". والآن تغير الأمر تماماً، فبات الهاتف وسيلة لترتيب اللقاءات من دون معرفة الطرفين ببعضهما بعضاً. فهي مجرد معاكسات تنتهي بترتيب لقاء، وبالتالي يستغرق هذا الامر ساعات وأحياناً دقائق ما يؤكد أن الاختلاف ما بين اليوم والأمس في المواعيد الغرامية هو استحواذ الأول على العواطف شبه الصادقة اما الثاني فهو عاطفة طائرة تزول بمجرد انتهاء اللقاء، وقد تكون نتيجتها غير سوية.