اعلن رئيس الحكومة المغربية ادريس جطو ان المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني العالمية زادت ثقتها في الاقتصاد المغربي، ما يقوي من جاذبية البلاد للمستثمرين الدوليين ويمكّن الحكومة من الحصول على رؤوس اموال من الاسواق الدولية بكلفة منخفضة ويعزز ثقة المستثمرين والدائنين الدوليين في الامكانات التي يتيحها الاقتصاد المغربي. قال رئيس الحكومة المغربية ان النجاح الذي حققه الاقتصاد المغربي خلال الاسابيع القليلة الماضية، من بيع اسهم الدولة في "شركة التبغ" بمبلغ 1,5 بليون دولار واصدار سندات سيادية بمبلغ 400 مليون يورو في اسواق المال الدولية "يقوي مصداقية البلاد ويوسع استقطابها للاستثمارات الخارجية المقدرة بنحو بليوني دولار... ويقابله تحسين تصنيف المغرب في ترتيب وكالات التصنيف الائتماني العالمية لجهة تقليص المخاطر على الاستثمار" التي وضعت المغرب في مرتبة "" ب أ 1" وهو افضل تصنيف لمخاطرالاستثمار والاستدانة في المغرب تصدره "موديز" و"ستاندارد آند بورز" منذ نحو 20 عاماً. وأضاف جطو، في خطاب مكتوب، استعرض فيه حصيلة عمل حكومته بمناسبة اختتام الدورة البرلمانية الربيعية الاسبوع الماضي، ان المغرب سيواصل برامج الاصلاحات الماكرواقتصادية لتأمين رؤية متوسطة وطويلة الامد للاقتصاد ولتخفيف المخاطر المرتبطة بعملية الاستثمار، التي بلغت حصيلتها نحو 800 مليون دولار في النصف الاول من السنة الجارية، من خلال التحكم في التضخم عند حدود اثنين في المئة وحصر عجز الموازنة بمستوى ثلاثة في المئة من اجمالي الناتج المحلي وتقليص المديونية الخارجية المقدرة بنحو 13,5 بليون دولار وزيادة الادخار العام الى 20.9 في المئة والاستثمار العام الى 23 في المئة، وتحقيق فائض في ميزان المعاملات الجارية بنسبة ثلاثة في المئة الى بليون درهم ورفع الاحتياطي النقدي لدى المصرف المركزي الى قرابة 11 بليون دولار. وأكد ان السيطرة على المؤشرات الماكرواقتصادية قابله اعتراف وتقدير من المؤسسات المالية الدولية واكبر وكالات التصنيف العالمية، ما سمح للمغرب بالعودة الى اسواق المال الدولية من دون ضمانات خارجية. وتطمح الحكومة السنة الجارية الى تحقيق نمو تزيد نسبته على سبعة في المئة في اجمالي الناتج بفضل الموسم الزراعي الجيد وعدم تضرر القطاع السياحي، على رغم الحرب على العراق واحداث 16 أيار مايو الارهابية في الدار البيضاء. وقال جطو ان النجاحات باتت ملموسة في نسبة البطالة التي تراجعت الى 11,9 في المئة في النصف الاول من السنة الجارية من 12.5 في المئة عام 2002، كما زادت الاستثمارات الاجنبية الخاصة 7,4 بليون درهم في قطاعات الصناعة والسياحة والتجارة والنسيج والملابس والتقنيات الحديثة للاعلام. واعتبر رئيس الحكومة ان الاستثمارات تتطلب توفير مناخ اعمال سليم وتجهيزات اساسية ذات جودة عالية مماثلة للمستويات المعتمدة في دول الاتحاد الاوروبي الذي يرتبط معه المغرب باتفاق شراكة سيؤدي الى منطقة تجارة حرة، يتفاوض المغرب حالياً على توسيعها لتضم الولاياتالمتحدة الاميركية في مطلع العقد المقبل. وتعتقد الحكومة المغربية ان كسب رهان تحرير الاقتصاد والتجارة يحتاج الى تقوية القدرات التنافسية للشركات المحلية وتوافر نسيج كثيف للبنيات التحتية الاقتصادية الاساسية، من الطرق السريعة والمواصلات البرية وسكك الحديد والموانئ والمطارات وشبكات الكهرباء والمواصلات السلكية واللاسلكية والمناطق الحرة والاقطاب التكنولوجية. وتقدر كلفة المشاريع الاستثمارية المقترحة في المغرب للسنوات المقبلة بنحو 20 بليون دولار، وتتوقع الحكومة ان يشارك فيها القطاع الخاص المحلي والاجنبي بقسط وافر. وتحدث رئيس الحكومة المغربية عن مشاريع ضخمة تنجزها المملكة المغربية، منها بناء ميناء تجاري دولي على البحر الابيض المتوسط بكلفة تزيد على 1,2 بليون دولار وتحديث مطارات طنجةوالدار البيضاء والحسيمة وتشييد ملاعب رياضية في عدد من المدن، لتعزيز فرص المغرب في الترشح لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم سنة 2010، بكلفة بليون دولار، ومد شبكة سكك الحديد واقامة مناطق لوجستية وتجارية وصناعية حرة وتوسيع موانئ الجرف الاصفر والعيون والعرائش وتحديث اساطيل الصيد البحري والملاحة التجارية وتشييد طريق بحري على البحر المتوسط يمتد الى الحدود الجزائرية على مسافة 530 كلم بحلول سنة 2007، ومضاعفة الطاقة الايوائية للفنادق المغربية لاستقطاب عشرة ملايين سائح، اضافة الى مشاريع اجتماعية في مجالات الاسكان التي تشمل بناء 100 الف وحدة جديدة سنوياً بكلفة اربعة بلايين دولار. وقال جطو ان انعاش الاستثمار ورفع مستوى النمو الاقتصادي يتطلب تحرير الدولة للانشطة الانتاجية وانهاء وضعية الاحتكار وتحرير الطاقات والمبادرات وفتح المجال امام المنافسة في قطاعات اقتصادية جديدة مثل التكنولوجيا والتحفيز على التعاون بين الشركات المغربية والاجنبية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للسكان واعتماد ادارة حديثة تعتمد على التواصل عن بعد وتطوير الادارة الالكترونية وتحرير قطاع النقل الجوي والبحري والبري وسكك الحديد وفتح رأس مال المؤسسات العمومية امام الاستثمار الاجنبي وتعميم تجربة تفويض تدبير الخدمات البلدية للقطاع الخاص في مجالات توزيع الماء والكهرباء والتطهير والنقل الحضري ومعالجة النفايات. كما قررت الحكومة تخفيض الحد الاعلى للضرائب على الدخل الى 41,5 في المئة والغاء الرسوم المفروضة على انواع الطاقة ومنح امتيازات لشركات التصدير والتقيد بمعايير الجودة وحماية البيئة والخضوع لشروط المنافسة الدولية، حيث سيتم انشاء صندوق بقيمة 61 مليون يورو لدعم الشركات الصغرى الراغبة في التأقلم مع شروط الجودة العالمية. وأشار جطو الى ان المغرب من خلال مجمل الاصلاحات والمشاريع المعروضة يتهيأ للتقيد ببنود اتفاق منطقة التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي والاعداد للمنطقة الحرة مع الولاياتالمتحدة، اذ ان "الانفتاح المتزايد لاقتصادنا على محيطه الاقليمي والعالمي لم يعد من الآفاق البعيدة بل اصبح حقيقة ملموسة". ويعتقد المحللون ان المغرب قرر "السير من دون رجعة" في خطة التحرير الكامل للاقتصاد، اعتقاداً منه بانها الطريق الانسب لاجتذاب استثمارات اجنبية يحتاجها لتطوير بعض المجالات التي تحتاج الى رؤوس اموال ضخمة. ويعتبر تعيين ادريس جطو، وهو تكنوقراطي ورجل اعمال ناجح، على رأس الحكومة قبل ثمانية شهور رهاناً من الجهات الرسمية على اعطاء الاولوية للبعد الاقتصادي والاستثماري.