يلتقي اليوم أبناء الملوك الذين حكموا العراق بين 1921 و1958، في لقاء نادر لم تشهد العاصمة العراقية مثله منذ خمسة وخمسين عاماً، وسيرفرف علم العراق الملكي للمرة الأولى منذ ذلك الحين على سارية القصر الذي يقيم فيه الشريف علي بن الحسين في حي الجادرية على الضفة الشرقية من بغداد، وسيتجمع المواسون والمعزون في الصالة الرئيسية للقصر التي تتوسطها جدارية كبيرة لآخر ملوك الهاشميين فيصل الثاني بن غازي الأول الذي قتل برصاص العسكر فجر الرابع عشر من تموز يوليو 1958 ليقرأوا الفاتحة على روحه وأرواح أفراد العائلة المالكة الذين قتلوا معه، في استعادة لمأساة تؤرخ لمسيرة الأحداث الكبيرة التي شهدها العراق طيلة العقود الخمسة الأخيرة. وسيكون على رأس المستقلين الشريف علي بن الحسين، راعي الملكية الدستورية الذي يطمح لتبؤ عرش العراق إذا ما أقر غالبية العراقيين رغبتهم في عودة النظام الملكي، عبر استفتاء شعبي يقول صادق الموسوي مسؤول العلاقات لدى الحركة ان جماعته تدفع باتجاه تنظيمه في نهاية الفترة الانتقالية التي قد تستمر سنتين ليحدد الشعب خياره بين الملكية والجمهورية. وعلى بعد ثلاثة كيلومترات فقط من المكان الذي تتم فيه هذه الاحتفالية "الملوكية" يجتمع، في مفارقة لافتة انصار النظام الجمهوري من الديموقراطيين والقاسميين نسبة الى الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم الذي حكم أول جمهورية عراقية في التاريخ المعاصر وذلك في مبنى نادي العلوية، وهو المبنى نفسه الذي وطأته أقدام ملوك ورؤساء وزارات وقادة عسكريين وشخصيات نافذة على امتداد العقود الماضية. وسيقيم المتجمعون احتفالاً بذكرى اقامة جمهورية عبدالكريم قاسم التي دامت أربع سنوات ونصف السنة، وانتهت بمقتل زعيمها على يد البعثيين الذين قادوا انقلاب الثامن من شباط فبراير 1963. ويقول العقيد الركن المتقاعد قاسم أمين الجنابي، المرافق الشخصي للزعيم قاسم طيلة حكمه، والذي ارتبط به بصلة وثيقة ومباشرة على مدى سنوات طويلة، في أول حديث صحافي له بعد صمت دام أربعين عاماً انه "على رغم مرور هذه الحقبة الطويلة من الزمن فإن الأفكار والمبادئ التي آمن بها عبدالكريم قاسم ودافع عنها مناصروه ظلت باقية في قلبه وفي ذهنه كما هي باقية في قلوب وأذهان العراقيين جميعاً"، مضيفاً ان "الذين يريدون اليوم بناء عراق ديموقراطي يتذكرون جيداً، ومن غير شك، ان قاسم كان قد وضع أول خطوات العراق على هذا الطريق". ويعتقد الجنابي بأن الوقت متاح الآن لوضع أفكار قاسم ومبادئه موضع التنفيذ، لكنه ينفي أن يكون ف ي نيته شخصياً الإعداد لتشكيل حزب سياسي قاسمي قائلاً: "لن استطيع القيام بمهمة كهذه لكبر سني، لكنني أدعم كل الوطنيين والديموقراطيين والذين يؤمنون بالجمهورية".