تحمل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية جورج تينيت المسؤولية عن معلومات خاطئة اعلنها الرئيس جورج بوش في معرض تبريره الحرب على العراق، أكد فيها ان النظام العراقي السابق سعى الى شراء يورانيوم من النيجر، واقر بأن هذه المعلومة خاطئة. وكافأ بوش تينيت على معالجة هذه الورطة السياسية، مؤكدا ثقته به وبالوكالة، ،معتبرا ان الملف أغلق. غير أن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الذي كانت بلاده مصدر هذه المعلومة الخاطئة دافع أمس عنها على رغم انهيار الدفوع في اميركا. واقر سترو بأن الاستخبارات الاميركية ابدت تحفظات عن المعلومات البريطانية، لكنه اعتبر انها لم تقدم حجة مقنعة، وزاد أن بلاده لم تكشف بعض معلوماتها لاميركا. قال الرئيس الاميركي جورج بوش في ابوجا أمس، ان لديه "ثقة" في رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي اي اي جورج تينيت بعد اقراره بمسؤوليته عن الادعاء الخاطئ في شأن برنامج العراق النووي والذي ضمنه بوش في خطابه عن حالة الاتحاد في كانون الثاني يناير الماضي. وجاء دعم بوش لتينيت في تصريحات ادلى بها اثناء لقائه مع الرئيس النيجيري اولوسيغون اوباسنجو في محطته الاخيرة من جولته الافريقية التي شملت خمس دول. واقر تينيت بمسؤوليته عن ذلك الادعاء، في خطوة تهدف الى تخفيف الانتقادات التي يواجهها بوش بسبب الادعاء الخاطئ بأن النظام العراقي السابق كان يسعى الى الحصول على اليورانيوم من النيجر لصنع قنبلة نووية. وكان بوش تحدث عن هذا الامر في خطاب سنوي في كانون الثاني يناير الماضي في اطار جهوده لتبرير الحرب على العراق التي وقعت بعد ذلك بشهرين. واعلن تينيت مساء الجمعة مسؤوليته الكاملة عن السماح بتضمين ذلك الادعاء في الخطاب. ورفض بوش في حديث الى الصحافيين في اوغندا الجمعة تحمل مسؤولية الادعاء الخاطئ، وقال ان "سي اي اي" اقرت الخطاب قبل القائه. واثارت هذه القضية اسئلة محرجة للادارة الاميركية في شأن الطريقة التي طرح بها بوش قضية شن الحرب ضد العراق. وقال بوش: "اثق في جورج تينيت. اثق في الرجال والنساء الذين يعملون في الاستخبارات المركزية. واتطلع للعمل معهم". ورد بوش بالايجاب لدى سؤاله عما اذا كان يعتبر الجدل في هذا الموضوع انتهى. وقال اري فلايشر المتحدث باسم البيت الابيض للصحافيين أثناء زيارة بوش مستشفى في العاصمة النيجيرية "تجاوز الرئيس الامر واعتقد بصراحة ان معظم البلد الولاياتالمتحدة تجاوز الامر ايضا. الرئيس يثق في تينيت. ويثق في الاستخبارات المركزية الاميركية". واعترف البيت الابيض هذا الاسبوع بأنه لم يكن ينبغي وضع هذا الاتهام في الخطاب لأن الوثائق الخاصة التي استند اليها ثبت انها مزورة. وقال تينيت في بيان يمثل احدث تحول في الجدال المحيط بالحكومتين البريطانية والاميركية في شأن ادعاءات البلدين في شأن تسلح العراق بأسلحة دمار شامل التي قادت الى تبرير الحرب للشعبين: "انني مسؤول عن عملية الموافقة في وكالتي". واضاف: "كان لدى الرئيس كل الاسباب التي تجعله يعتقد ان النص المقدم له سليم. لم يكن يتعين ابدا ادراج الست عشرة كلمة تلك ضمن النص المكتوب للرئيس". وقال بوش في خطابه إن "الحكومة البريطانية علمت ان صدام حسين سعى أخيرا الى الحصول على كميات ملموسة من اليورانيوم من افريقيا".واصدر تينيت بيانه بعد ساعات من اعلان بوش أن "اجهزة الاستخبارات الاميركية وافقت على اتهام العراق بأنه حاول شراء يورانيوم من افريقيا. وقالت كوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي الاميركي ان الصياغة الدقيقة للنص وافقت عليها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية. وقال تينيت ان اجزاء من مسودة خطاب حال الاتحاد ارسلت الى وكالة الاستخبارات المركزية للتعليق عليها قبل فترة وجيزة من القاء الرئيس الخطاب. واضاف انه في ذلك الوقت لم يكن تم بعد تحديد ان صفقة اليورانيوم المزعومة بين النيجروالعراق ملفقة، لكن لدى مسؤولي الوكالة مخاوف مع زملائهم في مجلس الامن القومي من "الطبيعة الناقصة" لمعلومات الاستخبارات. وقال إن "بعض اللغة تغيرت. ومما نعرفه الآن فقد اتفق مسؤولو الوكالة في النهاية على ان النص في الخطاب سليم بشكل واقعي". واضاف ان النص كان سليما في ان البريطانيين قالوا ان العراق يسعى للحصول على يورانيوم من افريقيا. واضاف: "لم يصل هذا الى مستوى اليقين المطلوب في كلمات الرئيس وكان يتعين على وكالة الاستخبارات المركزية التأكد من حذفه". سترو مصمم على صحة معلوماته وفي لندن، دافع وزير الخارجية البريطاني جاك سترو في رسالة موجهة الى احد النواب نشر نصها أمس، عن الطرح الذي عرضته حكومته بأن العراق سعى للحصول على اليورانيوم من النيجر، على رغم شكوك الولاياتالمتحدة في هذا الشأن. واقر سترو بان وكالة الاستخبارات الاميركية أبدت تحفظات على تأكيدات اجهزة الاستخبارات البريطانية في هذا الموضوع. وكتب: "اوردت وسائل الاعلام ان سي اي اي عبرت لنا عن تحفظاتها في شأن هذا العنصر" الوارد في الملف عن اسلحة الدمار الشامل المنسوبة الى نظام صدام حسين الذي نشرته الحكومة البريطانية في ايلول سبتمبر الماضي، مؤكدا ان "هذا صحيح. الا ان تعليق الاميركيين لم يكن يستند الى تفسير والمسؤولون البريطانيون كانوا واثقين من ان الملف يقوم في تأكيداته على معلومة موثوقة لم نتقاسمها مع الولاياتالمتحدة واتخذ القرار بالاحتفاظ بها". وقدم سترو هذه التوضيحات في رسالة وجهها الجمعة الى النائب العمالي دونالد اندرسون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني التي تحقق في الاتهامات الموجهة الى الحكومة البريطانية بتضليل الرأي العام من اجل تبرير الحرب على العراق. ونشرت وزارة الخارجية نص الرسالة أمس.