أربعة أجيال متعاقبة في "آرارات" تجسّد الواقع الأرمني الذي لم تضمد جروحه بعد. فيلم "آرارات" ليس تحديداً عن "الإبادة الأرمنية" بقدر ما هو انعكاس لهذه الإبادة على الأجيال المتلاحقة على مرّ التاريخ... انه فيلم مشبع بتساؤلات مخرجه، فيلم عن الحاضر، لا عن الماضي. أبطاله يعيشون الألفية الثالثة من دون نسيان ما تكبده أسلافهم من ألم وكره وما يتكبدونه هم أنفسهم يومياً من اصرار على الاستمرار في النكران وكأن سيئاً لم يحصل. حكايات متعددة تتقاطع وتتشابك في كثير من الأحيان ويبقى الرابط واحداً: الذاكرة التي تأبى النسيان. شخصيات ورثت في بحثها عن الهوية الوجع الذي حملته اليها الذكريات: الرسام ارشيل غوركي بعد عشر سنوات من نجاته يحاول طوال هذه الفترة انهاء رسم "بوتريه" والدته انطلاقاً من صورة فوتوغرافية أخذت لهما سنة 1914 أي قبل سنة من افتراقهما، هذه الصورة التي لا تلبث ان تطالعنا في شكل مستمر في سياق الفيلم كله. غير ان محاولة احياء الصورة وعدم تمكن غوركي من التخلص من ذكرياته المؤلمة دفعاه الى الانتحار. ولهذا تحاول "آني" أرسينيه خانجيان استاذة الفن تحليل تاريخ هذه اللوحة لتهرب من تاريخها الشخصي. ابنها "رافي" شاب يبحث عن جذوره مولع بحب "سيليا" ابنة زوج أمه. سيليا بدورها لا تترك فرصة من دون ان تقدم الدلالات على قتل "آني" لوالدها الى درجة انها لا تتردد لحظة في تحطيم رسم غوركي المهتمة به "آني" أو الاعتراض على محاضرة تلقيها زوجة أبيها عن تلك اللوحة، الأمر الذي دفع ذلك المخرج المشهور الى اسكاتها. أما سارويان شارل أزنافور فيصور فيلماً عن الإبادة الأرمنية ولا يخشى إعادة رسم ذلك الماضي الأليم وتحوير بعض ما جاء فيه. وتكثر الشخصيات من "مارتن" مفتش الجمارك العجوز الذي يقضي يومه الأخير في العمل قبل ان يُحال الى التقاعد في محاولة اكتشاف عالم جديد لم يسبق له ان دخله من قبل، عالم "رافي" وشعبه المقهور... و"علي" ذلك المهاجر التركي الذي يلعب دور الشرير في فيلم "سارويان"، يعيش الحاضر ولا يبالي بالماضي وأحداثه. فضلاً عن "أشير" طبيب البعثة الأميركية في فان والشاهد على تلك الإبادة. شخصيات متنوعة، فيلم داخل فيلم، واقع مؤلم يصوره ايغويان بالتقاطه بعضاً من جوانب الماضي واضعاً نصب عينيه هدفاً واحداً: العدالة وانصاف القضية الأرمنية.