لم يمضِ وقت على المقابلة الاذاعية للمغني راغب علامة، التي قال فيها ان هناك "كلاماً سخيفاً" في عدد كبير من الأغاني القديمة، ومع ذلك عاشت تلك الأغاني حتى يومنا هذا. وقدّم "برهاناً على الكلام السخيف "القديم" أغنية "الحلوة دي" لسيد درويش! وهذا ما لم يرتكبه راغب علامة وحده، بل يرتكبه كل يوم عدد من "نجوم" الغناء في العالم العربي كان آخرهم المغني عمرو دياب الذي شنّ هجوماً في السنة الماضية على كبار في الاغنية العربية، ثم تراجع عنه بعد حملات اعلامية نقدية حقيقية واجهته ف... تذكّر انه أخطأ! مشكلة راغب علامة كمغن حصد "نجومية" بالمعنى الشعبي لا بالمعنى الفني الغنائي لدى الجمهور العربي، وكذلك مشكلة عمرو دياب كمطرب يكاد يكون "الأوّل" بالمقياس الشعبي نفسه الذي يقاس به راغب علامة وغيره من الاسماء الشهيرة، هي مشكلة الجيل بكامله، وتحديداً الاشخاص الذين كوّنوا صيتاً ذائعاً من هذا الجيل من دون تكوين ثقافة هادئة ورائية وبعيدة المدى، ويريدون ان يدلوا بدلوهم في ما لا يعرفون أو في ما لا يستطيعون ادراكه من الابداعات الفنية الغنائية او الموسيقية التي تركها الكبار. لكن... أليس خطراً فوق العادة ان يضيّع بعض "نجوم" الغناء البوصلة فلا يفرّقون بين "ابداعهم"، والابداع الذي أسس للفن العربي في مختلف انواعه؟ أليس عجباً ان يقارنوا بين ما فعلوه هم وما فعله ذلك الرعيل الذي خلدته اعماله؟ أسئلة كثيرة تتدحرج على الورق امام كلام انفعالي يهدف الى "اخفاء السموات بالقبوات" كما يقول المثل الشعبي اللبناني، والى اخفاء بعض الفنانين عوراتهم ب"اعطاء" بعض العورات الى بعض الفنانين الذين يشكلون رموزاً تاريخية طبقاً لنظرية "من ساواك بنفسه ما ظلمك" اي ان بعض الجيد الجديد يساوي نفسه ببعض الجيد القديم في العورات كما في النجاح والتأثير والقوة والحضور! من المؤكد ان راغب علامة مثلاً لا يعرف ان اغنية "الحلوة دي" هي مشهد من مسرحية عرضت عام 1918. ومن الصفاقة اعتبارها تنقل "كلاماً سخيفاً"، لأن كل مسرحية ينبغي ان تلتزم المضمون الانساني الذي تتحدث عنه. اما ان يأتي فنان بعد ما لا يقل من مئة عام من انطلاق تلك الاغنية ليصفها بالكلام "السخيف" فذلك أغرب من الخيال.