تتزايد المخاوف في واشنطن من تحول المقاومة العراقية الى حرب عصابات تذكّر بما حصل في فيتنام، وعلى رغم نفي وزير الدفاع دونالد رامسفيلد إمكان حصول هذا التحوّل إلا أن كل المؤشرات تدل على تزايد المقاومة واتساع نطاقها، فقد عُثر امس على جثتي الجنديين المفقودين من ثلاثة ايام، وقتل جندي آخر في بغداد، وأُصيب اربعة من زملائه، وتعرضت قافلة اميركية في الفلوجة لإطلاق نار. في غضون ذلك استعادت القوات البريطانية سيطرتها على قرية المحجر الكبير في العامرية. عثرت القوات الاميركية امس على جثتي جندييها المفقودين اللذين خطفا مع عربتهما المدرعة قبل ثلاثة ايام في المناطق الزراعية شمال بغداد. وقال الكولونيل مارتن كومبتون: "تم العثور اليوم على جثتي الجنديين المفقودين منذ 25 حزيران يونيو" على بعد حوالى 35 كيلومترا شمال غربي بغداد. واوضحت وزارة الدفاع الاميركية بنتاغون ان العسكريين هما السرجنت غلاديمير فيليب 37 سنة من لنكولن نيوجرزي والجندي كيفن اوت 27 سنة من كولومبوس اوهايو. وهما من الكتيبة 18 للمدفعية. وكان الجيش الاميركي ذكر ان الجنديين اعتبرا الاربعاء "مفقودين من موقع لتدمير الصواريخ قرب بلد". وفي المطار الصغير السابق في الضلوعية على بعد 75 كيلومتراً شمال بغداد، على الطريق المؤدي الى تكريت معقل الرئيس السابق صدام حسين، اكد جنود اميركيون في وقت سابق امس استمرار عمليات البحث عن العسكريين. وقال السرجنت جيفري نيوبي ان "الاميركيين اللذين اعلن انهما فقدا مع عربتهما خطفا"، مشيراً الى ان وحدته "تساعد في عمليات البحث". وذكر سكان ان المنطقة كانت قاعدة لحزب "البعث" وان الكثير من سكانها كانوا عناصر في "الحرس الجمهوري" السابق. وقال حميد حسين علي انه لا يشعر بالتعاطف مع الاميركيين مع انه لم يكن يوماً عضواً في "البعث". واضاف: "كلنا مع صدام ونأمل ان يتم خطف جنديين اميركيين كل يوم. لقد أصبحنا بسبب الاميركيين من دون ماء ولا كهرباء ولا امن كما فقدنا كرامتنا". غير ان قائد شرطة القرية عبيد عمر أكد ان الوضع هادىء وان التعاون مستمر مع القوات الاميركية. وكانت ناطقة عسكرية اميركية ذكرت الجمعة انه تم اعتقال ثلاثة عراقيين على صلة بعملية الخطف، واشارت الى ان اجهزة الاستخبارات الاميركية قالت ان المدرعة المخطوفة يمكن استخدامها في هجوم على القوات الاميركية. وفي مركز المراقبة في بلد جنوب الضلوعية حيث ارسل الجنديان في مهمة، عثر الجيش الاميركي على آثار دماء. وفي بغداد أعلن ناطق عسكري اميركي امس ان جندياً قتل وجرح اربع آخرون الجمعة في هجوم بالقنابل على قافلتهم. واوضح السرجنت باتريك كوميتون ان مترجماً عراقياً أصيب ايضاً في الهجوم من دون ان يعطي تفاصيل اضافية. وقال مسؤول اميركي آخر: "كان هجوماً بالقنابل اليدوية. وعثرنا على واحدة منها" مضيفاً ان الضحايا من عناصر الفيلق الثاني خيالة المدرع. وبمقتل الجندي ارتفع الى 21 عدد الاميركيين الذين قتلوا في العراق منذ مطلع ايار مايو تاريخ اعلان الرئيس الاميركي جورج بوش نهاية المعارك الاساسية في العراق. ومنذ بداية الحرب على العراق في 20 آذار مارس قتل 198 من العسكريين الاميركيين بينهم 134 في عمليات قتالية و64 في حوادث ووفيات غير مرتبطة بالمعارك. في الفلوجة افاد شهود ان مجهولين اطلقوا النار ليل الجمعة السبت على آلية اميركية مصفحة قرب جسر على بعد 50 كلم غرب بغداد. واضافت المصادر ذاتها ان قذيفتين مضادتين للدروع اطلقتا على المركبة مما ادى الى احتراقها. وهرعت سيارات اسعاف على الفور لنقل المصابين الذين تعذر التعرف الى عددهم بسبب الطوق الذي ضربه الجنود الاميركيون على المكان. وتعذر صباح امس الوصول الى موقع الهجوم بسبب الحواجز التي اقامتها القوات الاميركية على الطريق المؤدي الى مكان الهجوم الذي حلقت فوقه مروحية. وسمع عند الساعة السادسة صباح امس دوي انفجار قوي فيما تصاعدت اعمدة دخان كثيفة من موقع الهجوم وتعذر معرفة السبب. وعادت القوات البريطانية امس الى قرية المحجر الكبير جنوبالعراق بعدما انسحبت منها اثر مقتل ستة من جنودها في اشتباكات مع السكان. وقال ناطق باسم وزارة الدفاع: "يمكنني ان اؤكد اننا عدنا الى المدينة. وقد عاد حوالي 500 جندي، والسلطة المحلية على علم بالامر، واستأنفنا دورياتنا المشتركة مع رجال الشرطة المحليين". واضاف "لم نزد عدد جنودنا. كل ما فعلناه هو العودة الى مكان كنا غادرناه للتو. ان عدد جنودنا لم يتغيّر". الى ذلك شكّك رامسفيلد الجمعة بفكرة تحول الهجمات التي تتعرض لها قواته في العراق الى حرب العصابات. وقال عندما سئل عما اذا كان الاحتلال يواجه حرب عصابات "لا اعرف لن استخدم هذه الكلمة". واضاف انه في حالات كثيرة يكون المهاجمون مجرمين عاديين مشيراً الى قرار الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الافراج عما "يناهز 100 ألف شخص" من السجن قبل فترة وجيزة من الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة في آذار مارس. وقال للصحافيين في الكونغرس قبل اجتماع مغلق مع اعضاء مجلس الشيوخ" هؤلاء الاشخاص طلقاء. انهم يفعلون اشياء غير مفيدة للشعب العراقي". وزاد ان الموالين لصدام ومن بينهم المتعاطفون مع حزب "البعث" المنحلّ يعملون ايضاً لتدمير القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة. وتابع ان واشنطن وحلفاءها يأخذون كل الاجراءات الممكنة للقضاء عليهم. وقال انه مع تزايد افراد قوة الشرطة العراقية المدربين سيمكن التعامل مع كثير من هذه الحالات. واكد ان الجهود الاميركية لتأسيس نواة جيش عراقي جديد ستنجح ايضاً "ولكن ذلك سيستغرق بعض الوقت".