حذّر وزير خارجية المانيا يوشكا فيشر من ان عدم حل ازمة الشرق الاوسط "سينعكس على اوروبا، وهي جارة قريبة، في صورة زعزعة جزئية". واعرب عن قلقه من هذا الامر على رغم قناعته بعزم الرئيس الاميركي جورج بوش على تنفيذ "خريطة الطريق" التي وصفها بأنها "انتاج اوروبي". واوضح فيشر ان الولاياتالمتحدة اصبحت قوة شرق اوسطية بعد حرب العراق، ما يجعلها في موقع اقوى لحل النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني، داعياً في الوقت نفسه الى ضم سورية ولبنان الى مفاوضات السلام. ورأى ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لا يزال رئيساً منتخباً، مشيراً الى خلافه مع اسرائيل حول هذا الامر. واضاف ايضاً انه تعرّف عن قرب الى شخصية "مختلفة عما هو معروف" عن رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون. وقال فيشر في مقابلة مع مجلة "دير شبيغل" ستنشر في عدد الاثنين المقبل ووزعت وزارة الخارجية الالمانية نسخة عنها على الصحافيين امس ،ان على الاميركيين "ان يفعلوا ما هو صحيح وما فيه مصلحة الجميع"، لكنه اعرب في الوقت نفسه عن شكّه في ما اذا كانت لدى الولاياتالمتحدة "قوة التحمل الضرورية لذلك"، مضيفاً انه ينطلق من فرضية "امتلاكهم هذه القوة، وسنساهم نحن ايضاً بأن ينفّذ ما هو صحيح". ورأى وزير الخارجية ان لقاء العقبة الاخير "أدار عجلة قطار الحل من جديد، الا ان من الممكن ان يتوقف مرة اخرى او ينحرف عن مساره". ورداً على سؤال عن قيام واشنطن بتقديم "خريطة الطريق" وكأنها مبادرة منها اكد فيشر ان الخريطة "انتاج اوروبي عدلت من جانب الرباعية، خصوصاً بعد نقاشات مع الاميركيين، الا ان اجزاء اساسية منها عمل اوروبي". ورفض الاجابة عما يقال في اسرائيل من ان "الخريطة" تحمل بصماته هو بصورة واضحة تاركاً ايضاح ذلك الى المؤرخين. وللمرة الاولى تحدث الوزير فيشر بوضوح وتفصيل نسبيين عن علاقاته مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون وتقويمه لهما كما عن رئيس الحكومة الفلسطينية محمود عباس. وقال عن عرفات انه لا يزال الرئيس المنتخب، وانه اجتمع به على رغم اعتراض اسرائيل على الامر، ووصف شارون لذلك ب"الخطأ". واعترف بوجود خلاف مع الجانب الاسرائيلي حول الموضوع، قائلاً ان على المرء "فعل ما يراه مهماً وصحيحاً" لافتاً النظر الى ان محمود عباس "هو الذي مكّن من اعادة الاتصال بعرفات". وكشف انه بعد حادث التفجير في مرقص "دوليفينزيوم" في اسرائيل، اتصل بعرفات ليقول له ان الانتفاضة العسكرية "تقود الى التدمير الذاتي، وانه لا بد من وقف الارهاب والعنف كي يتمكن المرء من طرح مسائل الحدود ومعالجة المشاكل الرئيسية". وعما اذا كان عباس بحاجة الى عرفات قال فيشر انه "يحتاج الى وقوف كل القيادة الفلسطينية خلفه". وهل هو على استعداد للاجتماع بالرئيس الفلسطيني مرة اخرى؟ قال ان الامر "مرتبط بالظروف والشروط التي سيتم فيها الاجتماع، والموقف الاوروبي لا يستبعد ذلك". وعن توقعاته ازاء ارييل شارون قال فيشر انه قضى "اكثر من اي وزير خارجية آخر ساعات طويلة في احاديث محاطة بالثقة مع جميع المعنيين بالنزاع". واضاف انه بعد الهجوم الانتحاري على مرقص "دولفينيزيوم" تحدث مراراً وكثيراً مع شارون، واخذ عنه "صورة مختلفة عما هو معروف، علماً انني لا اريد اعطاء تقويم لشخصيته". وعما اذا كانت هذه تختلف عن الوصف المعروف عنه ك"بلدوزر" و"استراتيجي العنف" ذكر انه "في كل المجالات التي تعاملت فيها معه بثقة سارت الأمور بيسر". وهل شارون كأب للحركة الاستيطانية مستعد فعلاً لعقد سلام عادل مع الفلسطينيين؟ اجاب انه لا يريد "التقليل من اهمية العامل الشخصي، الا انه لا يريد ان يجعله مقياساً ايضاً". وحذّر من ان القوى المعارضة ل"خريطة الطريق" لن تتوقف عن العمل لعرقلتها واسقاطها. ورداً على سؤال عن مدى قدرة الرئيس الاميركي جورج بوش على مواجهة متصلّب مثل شارون في الوقت الذي يريد الاعتماد على اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة وعلى المسيحيين الاصوليين الداعمين لاسرائيل في معركة الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية الخريف المقبل ذكر وزير الخارجية الالماني ان بوش يدعم "خريطة الطريق" التي اقرت في العقبة "وانا انطلق من ان الجانب الاميركي يأخذ التزاماته بجدية". لافتاً الى ان واشنطن "رفضت كل محاولات الجانب الاسرائيلي لتعطيل الخريطة". ولاحظ فيشر انه من اجل اقامة سلام في الشرق الاوسط يتوجب ضم سورية ولبنان الى المفاوضات. وهل اعلان شارون الاخير انه مستعد للدخول في مفاوضات سلام مع سورية من دون شروط مسبقة محاولة لإبعاد الانتباه عن موقفه المتصلّب ازاء الفلسطينيين؟ قال: "ان من يريد حلاً شاملاً، ورئيس الحكومة شارون يعرف ذلك، عليه ان يجد حلاً مع دمشق وبيروت. ولذلك لا اعتقد بأن الامر يتعلق بمناورة". ورأى فيشر ان سورية لم تتحرك بما فيه الكفاية بعد، الا ان اهتمامها بالعملية الجارية واضح. وزاد انه لا يعرف هل ستبتعد دمشق عن "حزب الله" اللبناني.