اكدت مصادر عراقية مطلعة على اجتماعات الأحزاب والقوى السياسية العراقية مع الأميركيين ان اللقاء الأول أظهر صعوبات كبيرة تنتظر الادارة الاميركية للعراق. وتحدثت المصادر عن بوادر أزمة بين الأميركيين والأكراد، خصوصاً "الحزب الديموقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني الذي بدا شديد الحذر حيال الترتيبات التي يعدها الاميركيون للمنطقة الخاضعة للحكم الذاتي في شمال العراق، اذ يرفض بارزاني دمج الميليشيات الكردية مع الجيش كأفراد، ويطالب بأن تشكل وحدات نظامية تكون النواة الأمنية والعسكرية لمنطقة الشمال في ظل نظام فيديرالي. والأكراد مستاؤون من فقدانهم حصتهم من موارد "النفط للغذاء" ما حرم ادارتهم الذاتية من مورد مالي مهم، بعدما خسروا مورداً آخر بعد توقف النفط خلال الحرب وبعدها. ويلاحظ المراقبون في بغداد تراجع حماسة القوى السياسية للنظام الفيديرالي بالإضافة الى ظهور قوى اخرى تعارضه ضمناً او علناً. فالاحزاب ذات الاصول القومية والعروبية، وهي كثيرة في أوساط المعارضة، تعتبر الفيديرالية ضد وحدة العراق. وربما ينسحب هذا الأمر على قوى محلية كانت لها علاقات مع النظام السابق وهي الآن بصدد اعادة تشكيل نفسها وفق تجمعات عشائرية ومدينية. أما القوى الشيعية، خصوصاً تلك التي سبق ان تحالفت مع الأكراد ك"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" في العراق، فهي في التصريح بأنها موافقة على حكم فيديرالي يعطي الأكراد حقوقاً، ولكن من الصعب ان تتحول هذه المسألة الى قضية حاسمة بالنسبة اليهم. فعبدالعزيز الحكيم قال ل"الحياة" ان "المجلس" لا يعارض حكماً فيديرالياً، ولكنه يترك تقرير ذلك للشعب العراقي. أما الأمين العام لحركة الوفاق الوطني إياد علاوي فجدد مخاوفه من ان تمس الفيديرالية وحدة العراق، في حين قال الشريف علي بن الحسين انه لن يتعرض على نظام الحكم الفيديرالي. الى ذلك، قال ضباط عراقيون سابقون ل"الحياة" ان الاميركيين دفعوا لهم مبالغ نقدية تراوح بين 180 دولاراً للرائد وما دون، و250 دولاراً للمقدم وما فوق، وان ذلك تم بعد الضغوط والتظاهرات. وفي البصرة دفع البريطانيون رواتب جميع ضباط الجيش، مشترطين التعاون في حماية المؤسسات الرسمية وضبط الأمن. وفسرت أوساط عراقية هذه الخطوات بأنها محاولة لاجتذاب أعداد من الضباط، اذ ثبت ان وراء الكثير من العمليات ضباطاً "محتجين على تسريحهم".