قدمت الى الولاياتالمتحدة قبل تسع سنوات من بيئة محافظة ارتديت فيها الحجاب منذ طفولتي، وكان ينتابني الخوف والتردد كوني إمرأة ترتدي اللباس الشرعي وهي داخلة الى مجتمع أميركي منفتح معتقدة انني سأظهر بمظهر الغريب عن المألوف. في بداية إقامتي في الولاياتالمتحدة كنت أتردد في الخروج بمفردي تحسباً لنظرات الأميركيين، فحصرت خروجي بصحبة زوجي، وكنت أتلافى الاحتكاك بالأميركيين. مع مرور الأيام وجدت انني لا أستطيع الاعتماد الكلي على زوجي للقيام بما أريد عمله فأصبحت بحاجة الى أن أعتمد على نفسي، عندها أصبحت مضطرة للاحتكاك المباشر بالمجتمع الأميركي... صرت أخرج من بيتي بحجابي الذي أفخر به ومتسلحة بإيمان كامل بأنني أستطيع فرض احترامي على الغير ما دمت مقتنعة بما أقوم به. فوجئت بأن لا فارق بيني وبين أي إمرأة سافرة. كنت أفاجأ بتحيات الغرباء على الطريق لدرجة انني ترددت في الاجابة خجلاً، معتقدة انني غريبة عن المجتمع ولكن في الحقيقة كان هذا إحساسي وحدي. بعد فترة وعندما أتقنت اللغة الانكليزية وصرت أذهب الى السوق وحدي أو بصحبة أطفالي لم أحس يوماً بأن النظرة إلي فيها سخرية أو استغراب. قد يسألني البعض عن سبب ارتدائي الحجاب وعندها كنت أسَرُ لأن هذا السؤال يمنحني فرصة تعريف السائل بما يعني الحجاب للنساء المسلمات، لذا كنت أجيب بكل ثقة ان الحجاب هو اللباس الشرعي للمرأة المسلمة وأن الله أمرنا بالحجاب لأنه يحمي المرأة ويصون كرامتها لئلا يكون مظهرها الخارجي هو ما يميّزها فقط. فأي امرأة تعتز بحجابها لا بد لها من أن تفرض احترامها على الآخرين وذلك من خلال ثقتها الكاملة بأنها تقوم بالشيء الصحيح وتحترم قواعد دينها وأصوله. عندما يسمع السائل هذا الجواب يبدي عادة اعجابه بقناعتي وثقتي بحجابي وتمسّكي به حتى في مجتمع لا يجبرني على ذلك. الآن وبعد مرور نحو تسع سنوات على وجودي في أميركا لم يصادفني أي حادث أحرجني كوني امرأة محجبة حتى بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر التي كان من ضحاياها الكثير من المسلمين. عندما حصل هذا الحادث المؤلم كنت أنا وكل النساء المحجبات اللواتي أعرفهن نخشى الخروج من المنزل في الفترة الأولى خوفاً من ردود فعل الأميركيين الذين تألموا كثيراً لما حصل. ولكن بعد أقل من 15 يوماً كان لا بد لي من الخروج فخرجت وأنا خائفة من ردود الفعل ولكن لم يصادفني أي حادث أو تصرف مختلف عما قبل 11 أيلول. كنت معتادة المشي الصباحي، ولكنني توقفت فترة خشية أن أتعرض لما لا أرضاه، ولكن بالعكس تماماً عندما استأنفت ما كنت معتادة عليه كان المشاة وسائقو السيارات يلقون التحية عليّ من بعيد..... ما جعلني أشعر براحة كبيرة واطمئنان لأنني اعتقدت بعد هذا الحادث انه من الصعب جداً علينا كمسلمات ومحجبات أن نستمر في التعامل مع الأميركيين. وأكثر من ذلك، فإن جارنا الذي لم نعتد زيارته لنا طرق بابنا وفي يده طبق من الحلوى وبطاقة يعرض فيها علينا مساعدته ووقوفه هو وعائلته الى جانبنا في حال تعرضنا لأي مضايقة، الأمر الذي لم يحصل أبداً. عندما بدأت العمل في المدرسة الإسلامية مجدداً تعرفت الى الكثير من المسلمات المحجبات سواء كن عربيات أم أميركيات وقد سألتهن عن رأيهن في هذا الموضوع. وكانت الآراء متفقة على وجود تسامح بين الأميركيين. وأكدت زميلاتي أنهن يشعرن براحة كبيرة ولم يتعرضن لأي ضغط كونهن محجبات. وقامت بعض المنظمات الطلابية في الجامعات الأميركية في ميتشيغن بتشجيع ارتداء الحجاب كل يوم جمعة من غير المسلمات تضامناً مع النساء المحجبات بعد أحداث أيلول. * عربية مسلمة مقيمة في مدينة آن اريون في ولاية ميتشيغن.