بعد أن أعفت إسرائيل نفسها من تنفيذ استحقاقاتها الواردة في "خريطة الطريق" الدولية بداعي أن الكرة الآن في الملعب الفلسطيني، صعّد كبار مسؤوليها اتهاماتهم للحكومة الفلسطينية الجديدة بأنها لا تقوم بأي عمل جدي لوقف النار، متوعدين الفلسطينيين ب"كارثة ستحل بهم" في حال فشلت الجهود لتطبيق بنود الخريطة. كل ذلك قبل ساعات من وصول وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى كل من تل أبيب وأريحا اليوم للقاء رئيسي الوزراء الإسرائيلي والفلسطيني، كل على حدة، وسط تقديرات صحافية بأنه سيمارس "ضغوطاً" على ارييل شارون ليواصل إخلاء بؤر استيطانية "غير مجازة" واطلاق معتقلين فلسطينيين وتخفيف الحصار عن الضفة الغربية وقطاع غزة. اعلن وزير الشؤون الحكومية الفلسطيني ياسر عبد ربه ان الاسرائيليين والفلسطينيين عقدوا امس لقاء امنيا جديدا لم يؤد الى نتيجة وشارك فيه اميركيون. وقال الوزير اثر اجتماعه مع الموفد الاميركي جون وولف في رام الله ان اللقاء عقد عند حاجز "ايريز" الاسرائيلي عند المدخل الشمالي لقطاع غزة. واشار الى ان اللقاء خصص لمناقشة خطة تتولى السلطة الفلسطينية بموجبها السيطرة على بعض القطاعات في قطاع غزة التي ستنسحب منها القوات الاسرائيلية. وقال عبد ربه ان "اللقاء لم يسفر عن نتيجة بسبب تمسك اسرائيل بالسيطرة على الطريق الرئيسي بين شمال غزة وجنوبها"، مشيرا الى ان "الاتصالات ستتواصل". والطريق الذي تحدث عنه عبد ربه هو شارع صلاح الدين الممتد من اقصى شمال قطاع غزة الى اقصى جنوبه. ولم يؤكد الجانب الاسرائيلي حصول الاجتماع. وكلف الرئيس الاميركي جورج بوش، جون وولف، الاشراف على تطبيق "خريطة الطريق". وكان وولف التقى في تل ابيب في وقت سابق وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن موفاز قوله ان الوزير الفلسطيني المكلف شؤون الامن محمد دحلان يتجنب منذ ثلاثة ايام لقاء منسق شؤون الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية الميجور جنرال عاموس غلعاد. وزعم موفاز ان دحلان "يتنصل من تولي اجهزته الامنية المسؤولية في شمال قطاع غزة" الذي يفترض ان ينسحب منه جيش الاحتلال. والتقى غلعاد ودحلان مساء الثلثاء في اطار اللقاءات الامنية الاسرائيلية - الفلسطينية. ونفى موفاز تصريحات الاذاعة الفلسطينية حول احتمال الافراج عن امين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي، وقال ان اسرائيل "لا تتحدث في هذه المرحلة عن تحرير السجناء". من جهتهه قال وزير الامن الداخلي الاسرائيلي تساحي هنغبي ان اسرائيل ستبلغ باول رفضها اي اقتراح بوقف "وهمي" للنار وانها تصر على "استئصال جذور الارهاب" ولن تقدم على اي خطوة في المسار السياسي قبل ان تقوم الحكومة الفلسطينية بهذه المهمة. وكتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن باول يأتي إلى المنطقة بهدف بلورة اتفاق لوقف النار بعد أن يستمع إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون عن "بادرات حسن نية" تجاه الفلسطينيين، طالبه الأميركيون بتقديمها فضلاً عن مطالبتهم بوقف مسلسل اغتيال ناشطين بارزين في "حركة المقاومة الإسلامية" حماس "باستثناء القنابل الموقوتة". وتابعت أن الوزير الأميركي يرغب في التأكد من نية شارون اخلاء المزيد من النقاط الاستيطانية واطلاق معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية ومعسكرات الاعتقال التي أقامها جيش الاحتلال. وزادت انه سيدرس مع كل من مضيفيه الإسرائيلي والفلسطيني احتمالات عقد قمة ثلاثية جديدة تجمعهما بالرئيس الأميركي جورج بوش في واشنطن. ونقلت أوساط صحافية مطلعة عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها، رداً على مقتل إسرائيلي في عملية استشهادية أمس، ان "أبو مازن" ووزيره لشؤون الأمن، لم يستبطنا بعد حقيقة أنه لا يمكن التفاوض مع "منظمات إرهابية" حول وقف النار، إنما ينبغي فرضه عليها بالقوة وعدم انتظار أي تفاهمات في هذا الصدد. وتابعت ان إسرائيل ستواصل نشاطها "ضد الإرهاب والقنابل الموقوتة" طالما لم تقم السلطة الفلسطينية بهذه المهمة، وان ذلك لا يشكل خرقاً للتفاهمات الإسرائيلية - الأميركية الأخيرة بوقف الاغتيالات. وزادت أنه على رغم كل الضغوط الأميركية على الفلسطينيين لانجاز "هدنة" فإن ما حصلوا عليه يوازي نصف هدنة "حتى وقف شكلي للنار لم يتحقق". وأضافت المصادر ان إسرائيل ستطالب باول بضرورة أن يشارك الأوروبيون في الجهود المبذولة ضد "حماس" من خلال ادراج الحركة على لائحة التنظيمات الإرهابية للاتحاد الأوروبي وتجميد أموالها في البنوك الأوروبية "ما سيحول دون قدرتها على تمويل نشاطها ويساهم في منع الإرهاب". وزادت أن المشكلة تكمن في اقناع الأوروبيين بوجوب اعتبار "القيادة السياسية لحماس جزءاً من جهاز القتل". 300 مليون دولار إلى وزارة دحلان ونقلت صحيفة "معاريف" عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير أن الولاياتالمتحدة استجابت لطلب وزير شؤون الأمن الفلسطيني محمد دحلان وحوّلت إلى حساب وزارته 300 مليون دولار لتمكينه من تنفيذ الاصلاحات الأمنية المطلوبة من السلطة الفلسطينية، وأضافت ان دحلان باشر عمله في هذا الاتجاه وانه أقام أخيراً "وحدة خاصة" من ألف من عناصر قوى الأمن الفلسطينية والأمن الوقائي ستخضع لإمرته مباشرة وذلك بهدف تعزيز موقعه وتحصين صلاحياته. وبحسب المصدر ذاته، فإن الدنمارك زودت دحلان سيارات مدرعة وغازاً مسيلاً للدموع، وأن قوات أمن مصرية وأميركية ستشرف على تدريب "الوحدة الخاصة". "معاريف": دحلان يتآمر على أبو مازن! إلى ذلك، كتبت "معاريف" نقلاً عن مسؤول فلسطيني كبير أنه وغيره من قياديي السلطة، وتحديداً القريبين من رئيس الحكومة محمود عباس، يعتقدون بأن دحلان يتآمر ضده ويعد العدة لخلافته في حال فشله في تأدية مهماته. وأشار المسؤول إلى سعي دحلان "لترميم علاقاته" بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "لنيل رضاه"، ولتعزيزها مع مصر والولاياتالمتحدة بعد أن أبدى الرئيس الأميركي اعجابه به ونعته ب"الشاب الصغير". وختمت الصحيفة بالإشارة إلى جهود دحلان لإقناع إسرائيل بتغيير موقفها من رئيس جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة رشيد أبو شباك الذي تعتبره "مطلوباً للعدالة لضلوعه في الإرهاب" ليؤازره في بسط سيطرته الأمنية على القطاع. غالبية الإسرائيليين تؤيد الهدنة إلى ذلك، دل استطلاع للرأي بثت نتائجه الإذاعة العبرية الرسمية أمس ان 56 في المئة من الإسرائيليين بضمنهم العرب في إسرائيل يؤيدون وقف النار بشكل موقت مع الفلسطينيين، لكن غالبية من 49 في المئة أيدت في المقابل مواصلة سياسة اغتيال القياديين والناشطين الفلسطينيين "حتى بعد قبول خريطة الطريق وتحقيق هدنة مع الفلسطينيين".