خلافاً للادعاءات الاسرائيلية الرسمية المتكررة لدوافع قوات الاحتلال الاسرائيلي تنفيذ عمليات اغتيال ضد الفلسطينيين تعللها اسرائيل دوماً بمنع تنفيذ عمليات ضدها، اعترف رئيس اركان الجيش الاسرائيلي موشيه يعلون للمرة الاولى بأن الاغتيالات "اداة" يستخدمها المستوى السياسي في اسرائيل. ويأتي هذا الاعتراف في الوقت الذي تعكف فيه الادارة الاميركية مع مسؤولين اسرائيليين على وضع صيغة "تفاهم" بين الطرفين لوقف شامل لعمليات الاغتيال في اطار "هدنة" موقتة تستمر ستة اسابيع في حال توصل السلطة الفلسطينية وفصائل المعارضة الفلسطينية الى اتفاق لوقف النار. راوحت اللقاءات الامنية بين المسؤولين الفلسطينيين ونظرائهم الاسرائيليين مكانها في ظل المماطلة الاسرائيلية بتنفيذ انسحابات حقيقية في قطاع غزة، وسط تبادل الطرفين الاتهامات بشأن من يتحمل المسؤولية عن فشل هذه الاجتماعات التي ستتواصل في ما يبدو الى ان يصل وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى المنطقة في محاولة اخرى من واشنطن لدفع الطرفين الى البدء في تطبيق خطة "خريطة الطريق" المتعثرة. واعلن وزير الشؤون الامنية العقيد محمد دحلان ان سبب فشل الاجتماع الذي جرى على حاجز "ايرز" الفاصل بين قطاع غزة واسرائيل مساء الثلثاء هو "عدم وضوح الموقف الاسرائيلي"، مشيرا الى انه يستشف من الطرح الاسرائيلي في الاجتماع عدم الرغبة في الانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة. واكد دحلان في تصريحات لصحيفة "القدس" المقدسية: "لقد فهمنا انه لا توجد جدية ورغبة حقيقية لدى الجانب الاسرائيلي للانسحاب من قطاع غزة او اي منطقة في الضفة الغربية". واضاف: "ما زال الجانب الاسرائيلي يتحدث في مثل هذه الاجتماعات عن افكار عامة لم نوافق عليها في حين ان مطالبنا واضحة وصريحة ومحددة بوقف الاغتيالات والتوغلات وفتح الطرق والانسحاب الجدي من بيت لحم وقطاع غزة". من جهته، اشار مسؤول جهاز الامن الوقائي في قطاع غزة رشيد ابو شباك الى ان الاجتماع فشل في تحقيق نتائج ملموسة لأن الجانب الاسرائيلي عرض "انسحاباً تدريجياً" من قطاع غزة بدل الانسحاب الكامل منه. وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان الطرف الفلسطيني رفض طرحاً اسرائيلياً يقضي بسحب قوات الاحتلال من بلدة بيت حانون مع ابقاء السيطرة الامنية على شارع صلاح الدين الرئيسي بيد الجيش الاسرائيلي ما يعني تحكم الجيش الاسرائيلي بتحركات المواطنين الفلسطينيين ومنعهم من التنقل بين قراهم ومدنهم اضافة الى الحصار المطبق المفروض على القطاع والانتشار المكثف لقوات الاحتلال في محيط المستوطنات اليهودية المقامه على ارضه. وعلى رغم فشل هذا اللقاء، اكد ابو شباك ان اجتماعاً امنياً مماثلاً آخر سيعقد مساء الاربعاء وذلك بالتوازي مع لقاءين منفصلين يعقدهما رئيس الوزراء الفلسطيني مع قادة "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"حركة الجهاد الاسلامي" في اطار استكمال الحوار الذي بدأ قبل قمة العقبة. يذكر ان اسرائيل ترفض مشاركة ابو شباك في هذه الاجتماعات وتعتبره من "المطلوبين" لها. وفيما لا تزال اسرائيل ترفض الالتزام بوقف اعتداءاتها على الفلسطينيين، اعترف رئيس اركان الجيش الاسرائيلي للمرة الاولى علناً بأن اهدافاً سياسية تقف وراء عمليات الاغتيال التي تنفذها ضد الفلسطينيين. وقال الجنرال موشيه يعلون في كلمة القاها مساء الثلثاء امام عدد من جنود الاحتياط التابعين لسلاح الجو الاسرائيلي، في اشارة الى الاغتيالات: "هناك حاجة الى الجنون لبضعة ايام لمنع التدهور الى منزلق"، مضيفاً ان "الاغتيالات وفرت للمستوى السياسي اداة لإحداث تغيير في التوجه، وهذه الاداة اثبتت نفسها". وترى اسرائيل ان موجة الاغتيالات التي شهدها الاسبوع الماضي وقُتِل خلالها عشرات الفلسطينيين غالبيتهم من المدنيين هزت موقف "حماس" من جهة، وحملت السلطة الفلسطينية على القبول بما كانت رفضته في السابق، اي تسلم المسؤولية الامنية عن مناطق في قطاع غزة ينسحب منها الجيش الاسرائيلي من دون انسحاب عسكري شامل من القطاع. تصريحات شالوم الى ذلك، قال وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم ان عملية اطلاق النار التي قتلت فيها فتاة اسرائيلية شمال قلقيلية مساء الثلثاء والتي اعلنت "كتائب شهداء الاقصى" التابعة ل"فتح" و"الجبهة الشعبية - القيادة العامة" مسؤوليتهما المشتركة عنها تشير الى ان "السلطة الفلسطينية لم تتخذ قراراً استراتيجياً بمكافحة التنظيمات الفلسطينية وتفكيك بنيتها ومصادرة اسلحتها". وجاءت تصريحات شالوم في اعقاب لقائه مع المبعوث الاوروبي ميغيل انخيل موراتينوس الذي ينهي مهمات منصبه قريباً. وأعادت اسرائيل احتلال كافة المدن الفلسطينية في الضفة الغربية التي كانت تحت سيطرة السلطة الفلسطينية منذ 14 شهراً. "تفاهم رسمي" وينتظر الفلسطينيون والاسرائيليون ما ستتمخض عنه زيارة وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى المنطقة وهي الثانية في اقل من شهر. ومن المقرر ان يصل باول الى عمان اليوم الخميس وان ينتقل الى القدس للقاء كل من رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ووزير خارجيته شالوم ومن ثم رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس قبل ان يعود الى عمان مجدداً الاحد حيث يعقد جولة محادثات اخرى مع وزير الخارجية الاسرائيلي قبل مشاركته في اجتماع اللجنة الرباعية الدولية على مستوى وزراء الخارجية في العقبة. ويتوقع ان يعلن باول في لقاءاته مع المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين عن التوصل الى "تفاهم" خطي مع الحكومة الاسرائيلية يقضي بالتزام الاخيرة وقف ملاحقتها واغتيالاتها للفلسطينيين استجابه لطلب اميركي بهذا الشأن. واكد مصدر عسكري اسرائيلي رفيع المستوى ما تناقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية امس بشأن اتفاق توصل اليه مبعوث شارون الخاص دوف فايسغلاس مع مستشارة الامن القومي الاميركي كوندوليزا رايس الثلثاء الماضي خلال زيارته لواشنطن. وقال المصدر لوكالة "رويترز": "قررنا ان نقصر عمليات الملاحقة والقتل على حالات "القنابل الموقوتة" الواضحة. اما في الحالات المتأرجحة على الحافة اي غير المؤكدة مثل الرنتيسي، فسنوقف نيراننا بقدر المستطاع". ونفى المصدر ان يكون الاتفاق محدداً بفترة زمنية محددة او انه متصل بأداء السلطة الفلسطينية. وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية اشارت الى ان تقريراً اعده فايسغلاس يشير الى قبول اسرائيل بوقف الاغتيالات "لمدة ستة اسابيع" تقيد خلالها اسرائيل عملياتها العسكرية "اذا قبل الفلسطينيون بوقف للنار لإتاحة الفرصة امام حكومة محمود عباس لبسط سيطرتها". واشارت الصحيفة الى ان رايس طلبت من فايسغلاس "ان تفكر اسرائيل مرتين وتبدي حساسية اكثر تجاه محاولات الاغتيال في المناطق الفلسطينية خلال مفاوضات التوصل الى وقف للنار". ونقلت عن مصادر حكومية اسرائيلية ان طلب رايس جاء بناء على اعتقاد بأن التنظيمات الفلسطينية ستتوصل الى اتفاق هدنة. واعتبرت رايس ان محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت عبدالعزيز الرنتيسي "لا تتطابق مع مواصفات القنبلة الموقوتة" التي تتحدث عنها اسرائيل. واوضحت الصحيفة ان الطرفين الاسرائيلي والاميركي يعملان على "وضع صيغة خطية رسمية" لهذا الاتفاق. من جانب آخر، ذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية ان "البيت الابيض سيفحص مع الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي اقتراح السناتور الجمهوري ريتشارد لوغار ارسال قوات اميركية الى المناطق الفلسطينية لمقاتلة المنظمات الفلسطينية"!