الوزير دونالد رامسفيلد في عداد الشعراء الأميركيين "الشباب"

عرفناه وزير دفاع محنّكاً، ذهناً ماكيافيلياً مخططاً لأكثر العمليات العسكرية تعقيداً نال عام 1977 وسام الشرف الرئاسيّ، وهو الوسام الذي يحلم به الطامحون إلى تسلّق سلّم المجد. عرفناه خطيباً بليغاً لا يكلّ له لسان ولا يهدأ له خاطر حتى يفرغ مكنونات صدره، مدراراً معطاءً، ويقنع محاوريه بصوابية رأيه وصحة مزاعمه.
عرفناه وزير حرب اقتحم بيوتنا يومياً بتصريحات طنانة عن تفاصيل الجحافل الزاحفة بعزم نحو بغداد. ولم نكن يومها نعرف أنّ ابن شيكاغو هذا الحائز شهادةً في العلوم السياسية والذي نصّب مسؤولاً عن إدارة عمليات وزارة الدفاع الأميركية التكتيكية ومخططاتها الجهنمية ضدّ الإرهاب العالمي الذي يطارد الولايات المتحدة منذ الحادي عشر من أيلول سبتمبر، فيقضّ مضاجع ساستها وقيادييها. لم نكن نعرف أنّ هذا السبعينيّ الذي تولى في مراحل حياته المختلفة من ريعان الشباب إلى خريف العمر مناصب ريادية عدّة من قائد بحريّ إلى رجل أعمال، إلى عضو في الكونغرس، إلى سفير معتمد، إلى قائد للحرب الأميركية على العراق، إلى تبوّئه عرش أبرز الشخصيات المرموقة في الإدارة الاميركية التي يحسب لها ألف حساب، هذا السياسيّ المحنّك المتعدّد المواهب بات اليوم شاعراً متفوهاً ينطق بالحكمة!
في الحادي عشر من حزيران يونيو، أي قبل أيام معدودة، نقلت وكالة "رويترز" للأنباء أنّ كتاباً لمؤلفه سالي هارت يحمل عنوان: "قطع حكمة: الشعر الوجوديّ لدونالد ه. رامسفيلد" يكشف النقاب عن "جواهر" دفينة لوزير الخارجية الأميركي تمّ التنقيب عنها في غياهب سجلات وزارة الدفاع الأميركية التي يعلوها الغبار. وأفردت المجلات الأجنبية الورقية منها والالكترونية على السواء صفحاتها للإشادة بشعره الذي يحمل في طياته بذور الذكاء وفطنة الحكماء.
هنا مختارات من "قصائد" دونالد رامسفيلد الذي أضحى شاعراً بين ليلة وضحاها:
المجهول
كما نعرف
ثمة أمور نعرفها معروفة
ثمة أمور نعرف أنّنا نعرفها
كما نعرف
ثمة أمور معروفة لا نعرفها
أي
إنّنا نعرف أن ثمة أموراً
لا نعرفها
ولكنّ ثمة أمور أيضاً غير معروفة لا نعرفها
أموراً نجهلها
أمور نتجاهلها
12 شباط - فبراير 2002، مؤتمر صحافيّ في وزارة الدفاع
الثورة الرقمية
يا للسخاء الإلهي
الثورة الرقمية
ما بوسعك شراؤه على الانترنت
بصور جوية!
قرد مدرّب يمكنه تعلّم الكثير
مما يدور في العالم
بمجرّد نقرة على الفأرة
بكلفة زهيدة نسبياً!
9 حزيران - يونيو 2001، بعد سفرة إلى أوروبا
أحداث
سيخبرونكم أموراً كثيرة
سيخبرونكم يومياً أموراً لن تحدث
يبدو أنّ ذلك لا يزعج البشر، لا يزعجهم البتة
إنّها أمور مكتوبة في الصحف
يعتقد العالم أنّ هذه الامور كلّها تحدث
لم تحدث أبداً
الكلّ متعطّش لمعرفة الحدث قبل حدوثه
انّ العالم يتخم باستمرار
بأمور لم تحدث
كلّ ما بوسعي أن أقوله لكم
هو انّها امور لم تحدث
ولكنّها ستحدث
28 شباط - فبراير 2003، اجتماع في وزارة الدفاع
الوضع
لا تحدث الامور بطريقة مستمرة بالضرورة
ويجب ألاّ يصنّف
عدم حدوثها بطريقة مستمرّة على الدوام كفاصل
ثمة أمور يراها البشر
وثمة أمور لا يراها البشر
والحياة تستمرّ
12 تشرين الأول - أكتوبر 2001، مؤتمر صحافي في وزارة الدفاع
اعتراف
من حين لآخر
أكون منكباً على عمل ما هنا
وأتساءل:
"بربّك ما الذي أفعله هنا؟"
يا لها من مفاجأة كبرى
16 أيار - مايو 2001، مقابلة في النيويورك تايمز
وضوح
أعتقد أنّ ما تدركونه
أعتقد أنّ ما تدركونه
مهما كانت المسألة التي نقوم بها جوهرياً
سيكون هناك وضوح شبه تامّ
عمّا هي المسألة
وسيكون معروفاً
وسيكون معروفاً للكونغرس
وسيكون معروفاً لكم
ربما قبل أن نقرّر ذلك
ولكن سيكون ذلك معروفاً.
28 شباط - فبراير 2003، اجتماع في وزارة الدفاع