بعيداً من الرسائل القصيرة عبر هواتف الخلوي أو الرسائل الالكترونية، تدق نجاح أبو هزيم المرشحة الى النيابة عن محافظة البلقاء بيوت الأقارب والمعارف بمرافقة لجان مؤازرة حتى ساعات متأخرة من الليل، معرفة بنفسها في محاولة لحشد مؤيدين لترشيحها. وتعتمد نجاح من مواليد 1965 وأم لثمانية أولاد في شكل كبير على دعم عشيرتها، وهذه سمة منتشرة في أطراف المدن والقرى حيث تعتبر العشيرة قاعدة النجاح. ومع اقتراب موعد انتخابات المجلس النيابي الرابع عشر التي ستجرى يوم الثلثاء المقبل، هناك نوم قليل وزيارات مكثفة ومناظرات جادة ودفتر مملوء بالمواعيد. "لا أنام سوى أربع ساعات في اليوم، هذا وضع غير طبيعي، أنا أشتغل على أكثر من جبهة. أزور البيوت برفقة معارفي أو زوجي أحياناً، وأعرفهم بنفسي وبأهداف حملتي الانتخابية وأعتمد في شكل كبير على دعم عشيرتي"، تقول نجاح. ومنذ اعلان الحكومة عن فتح باب الترشيح الشهر الماضي رشحت 38 إمرأة أنفسهن للانتخابات، وافتتحن الخيم والمقرات الانتخابية، وشكلن لجان دعم ومساندة لحملاتهن. وأصبحن يتصارعن في سباق مع الزمن لكسب أكبر عدد من الأصوات في معركة تحدد مدى نجاح إدخال كوتا موقتة للمرأة في مجلس نيابي لم تنتخب إليه إمرأة غير توجان فيصل عام 1997. وتضمن الكوتا التي أقرت في أوائل العام الحالي للمرأة فرصة تنافس حر وستة مقاعد من بين ال110 المخصصة للنواب. ويؤخذ في الاعتبار عدد المقترعين ونسبة الأصوات التي تحصل عليها المرشحة لتحديد نجاحها. وجود الكوتا شجع نجاح على الترشح الى المجلس النيابي على رغم ان تحضيرها للحملة يعتبر متأخراً إذا ما قورن بتحضيرات المرشحين من الرجال. وعلى رغم انتقاد بعض الناشطات في حقوق المرأة للنسب المتدنية لترشيح المرأة تميزت هذه الحملة بتمثيل المرشحات لعشائرهن أو لأحزابهن وهو ما لم يكن منتشراً، بهذا الشكل، في الحملات الانتخابية السابقة. وتواجه المرأة تحديات من أبرزها قلة الموارد المالية لدعم حملاتها الانتخابية الى جانب عدم قناعة النساء بأهمية دورهن في المراكز القيادية وصنع القرار. أما العالم الاجتماعي في الجامعة الأردنية موسى شتيوي فيرى أن في الأرياف والقرى، تعتبر نسبة الاقتراع عالية عند المرأة بسبب تحالف العشائر ومساهمة المرأة في الحياة العملية في المجتمعات المحلية المغلقة. ويوضح ان ظاهرة العشائرية لا تقتصر على المدن، وانه قد لا تكون هناك تجمعات محلية كما هي الحال في القرى، ولكن في النهاية يرجع المرشح أو المرشحة الى العشيرة والعائلة لجلب الأصوات، إضافة الى ناخبين محتملين من مناطق تقسيم الدوائر الانتخابية. وشكل انتشار الأمية في تلك المناطق عائقاً، إذ كان التصويت يتم في شكل علني ما يعني ان تضطر المرأة الى أن تنتخب ما يمليه عليها زوجها. وفي الطفيلة في جنوبالأردن، اتخذت أدب سعود 33 عاماً المرشحة عن منطقتها مقرين انتخابيين لمؤيديها من النساء والرجال. وتقدم عادة القهوة المرة ومشروبات غازية وتعد المنسف في المناسبات الخاصة للآتين من عمان. ومن مخصصاتها المتواضعة ودعم الأقارب، أطلقت سعود حملتها الانتخابية التي ترتكز أيضاً الى جولات منزلية في الطفيلة وحتى الى زيارات لحي الطفيلة في ضواحي عمان لكسب الأصوات. وتقول أدب "تفاجأت بدعم الرجال لي ولا سيما من عشيرتي، في حين كنت متخوفة من رفضهم لفكرة ترشيحي". وعلى رغم أن الكوتا أثارت جدلاً واسعاً في ما إذا كانت خطوة ديموقراطية في حق المرأة، تعتقد أدب أنها عبارة عن "مرحلة يمكن استغلالها لكي تثبت المرأة جدارته شرط ألا تكون وسيلة دائمة لوصول المرأة الى تحت قبّة البرلمان".