تتطلع المرأة في الأردن إلى خوض الانتخابات النيابية المحتمل تنظيمها الربيع المقبل، آملة بتعديل قانون الانتخاب لإدخال نسبة محددة تضمن لها مقاعد عدة في مجلس لم تنتخب إليه امرأة منذ عام 1997 خصوصاً أن دورها في الحياة السياسية هامشي في مجتمع يستثنيها غالباً من المراكز القيادية وصنع القرار. ويعزو عدد من المراقبين وسيدات ناشطات ذلك الى المفاهيم السائدة عن المرأة وتصنيفها كربة منزل فقط، وعدم الثقة بإمكاناتها، وهي عوامل ساهمت في تدني نسبة مشاركتها في هذا المضمار. إضافة إلى ذلك تواجه المرأة الأردنية تحديات من أبرزها قلة الموارد المالية لدعم حملاتها الانتخابية في مجتمع تسوده العشائرية وعدم قناعة المرأة بأهمية دورها وتقصير وسائل الإعلام في الترويج لأهمية هذا الدور. و"تلاقي المرأة ثلاثة أضعاف التحديات التي تواجه الرجل في الحياة السياسية خصوصاً لأن الرجل لا يتقبل وجود امرأة في هذا المجال" كما تقول النائبة السابقة نهى المعايطة التي انتخبت الى مجلس النواب الأخير المكون من 80 مقعداً العام الماضي لتحل مكان نائب راحل. وتوضح: "انتخبت من النواب لأنهم شعروا بضرورة وجود امرأة تحت قبة البرلمان وخصوصاً بعد حضورهم مؤتمرات واجتماعات برلمانية خارج الأردن، ولكن البعض منهم ما زال متحفظاً على وجود امرأة". ولفتت الى ان "هناك تناقضاً في المجتمع حول قبول المرأة في الحياة السياسية. فهناك من يؤكد ضرورة مشاركتها في الحياة السياسية وفي الوقت نفسه يرفض الكوتا النسبة مشدداً على ضرورة وصولها تحت القبة بقدراتها الذاتية". وشددت المعايطة التي أبدت رغبتها في ترشيح نفسها الى الانتخابات المقبلة، على رغم ان "عمل المرأة السياسي يلقى معارضة على أكثر من صعيد، تمكنت في الانتخابات السابقة من الحصول على آلاف الأصوات" ... "لا أعتبر عدم نجاحها في الانتخابات السابقة فشلاً بل هو بداية تقبل لدور المرأة في الحياة السياسية. نتأمل أن يكون هنالك كوتا للمرأة لتصل الى تحت قبة البرلمان". هذا وانتقد تقرير التنمية البشرية الذي صدر بداية العام الحالي العالم العربي على عدم أو ضعف تمثيل المرأة في الحياة البرلمانية: وبعد سبع سنوات من مؤتمر بيكين الذي طالب الحكومات بإشراك المرأة في الحياة السياسية وصنع القرار، لم تنتخب امرأة إلى مجلس النواب الأخير في الأردن. ومنذ بداية العام أعلنت 16 مرشحة عن رغبتهن في خوض الانتخابات النيابية، ومن بينهن النائبة السابقة توجان الفيصل التي انتخبت عام 1993. وقالت الفيصل التي كانت أول امرأة تنتخب منذ أن قام الأردن بأول انتخابات نيابية عام 1989: "لقد استطعت أن أقنع مجتمعاً ذكورياً تقليدياً أن ينتخبني لمنصب قيادي سياسي، أي ان الذكور قبلوني كشيخ عشيرة لهم. ولو كنت في دولة فيها انتخابات رئيس وزراء لرشحت نفسي". وكانت الفيصل أوقفت في مطلع العام الحالي بعد الحكم عليها بثمانية عشر شهراً سجناً بتهمة افتراء ونشر معلومات كاذبة من شأنها المس بهيبة الدولة، ثم أطلق سراحها بعفو ملكي خاص في شهر حزيران يونيو. وترى الفيصل أن شعبيتها ازدادت، وترشيح نفسها هو واجب وطني ومعيار إلى مدى نزاهة الانتخابات، "أنا لا أعتقد أن هناك عائقاً لدى المرأة في الحياة السياسية إلا إذا كان نابعاً من داخلها. فأنا أمارس عملي بثقة وأعتز بأنوثتي". وتعتقد المحامية أسمى خضر رئيسة "ميزان" وهي هيئة غير حكومية معنية بحقوق الإنسان أن هناك تطوراً لدور المرأة في المجتمع ولكن الظرف العام لا يساعد على تقدمها. وشهد الأردن في ظل أحداث 11 أيلول سبتمبر تقييداً لأشكال الحريات العامة. وحل الملك عبدلله الثاني مجلس النواب 1997-2001 في منتصف العام الماضي. وكانت هناك تكهنات حول موعد الانتخابات المحتمل في صالونات عمان السياسية. وتحتاج المرأة في الحياة السياسية إلى إطار عام مؤاتي وإلى زمن من أجل تعميق تجربتها وتذليل العقبات الاجتماعية والاقتصادية. وهذا لا يمكن أن يحصل بقرار، بل يحتاج إلى جهود منتظمة ومستمرة لإحداث التغيير... وترسيخ القناعة بأنها مؤهلة وقادرة ولها حق في الحياة السياسية.