فازت مجموعة "بويغ" الفرنسية للانشاءات بعقد بناء التجهيزات البحرية الاولية لميناء طنجة المتوسطي التجاري الدولي بقيمة 2,4 بليون درهم 250 مليون دولار، تمثل الشطر الاول من اعمال انشاء الميناء الذي تقدر كلفته بنحو 1,2 بليون دولار وينتظر ان يكون جاهزاً للعمل بحلول سنة 2007. واشرف الملك محمد السادس في اغادير اول من أمس على حفلة توقيع عقود العروض الخاصة بالاعمال الاساسية في ميناء طنجة المتوسطي بين وكالة تنمية الميناء، التي يمثلها صندوق الايداع والتدبير المغربي، ومجموعة شركات انشاءات تتقدمها "بويغ" الفرنسية، التي وقع رئيسها مارتان بويغ العقد في حضور رئيس الحكومة ادريس جطو ووزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح سالم الصباح الذي تمول بلاده جزءاً من المشروع. وتفوقت "بويغ" على منافساتها الايطالية "سوشييتا ايطاليانا بير كوندوتي داكوا" و"فنتشي" ومجموعة "دايو" الكورية الجنوبية، بينما انسحبت من المنافسة مجموعة "بكتل" الاميركية. وهذه المرة الثانية التي تفوز فيها "بويغ" بعقد بناء لميناء طنجة بعد نقل موقعه من المحيط الاطلسي الى البحر الابيض المتوسط. وكان العجز المالي للشركة في نهاية التسعينات حال دون تنفيذ المشروع. وحسب بنود الاتفاق، تتولى "بويغ" انجاز اعمال الحفر وتشييد الارصفة والموانع البحرية في فترة لا تتجاوز 36 شهراً، على ان يتم الاعلان في وقت لاحق من سنة 2005 عن مناقصة جديدة لانجاز الشطر الثاني من الاشغال التي تشمل المخازن والتجهيزات الارضية للميناء والبنى التحتية المرتبطة بها. ويساهم في تمويل المشروع صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية 200 مليون دولار وصندوق ابوظبي للتنمية 350 مليون دولار والصندوق الكويتي للتنمية 400 مليون دولار والحكومة المغربية 200 مليون دولار، اضافة الى مساهمة القطاع الخاص المغربي. وكان الملك محمد السادس اعطى الضوء الاخضر لانطلاق الاعمال في الميناء في شباط فبراير الماضي. وقال مستشار الملك مزيان بلفقيه ان الميناء سيكون احد اكبر الموانىء في غرب البحر الابيض المتوسط وسيلعب دوراً كبيراً في تعزيز التجارة والمبادلات الدولية والعربية، خصوصاً في اتجاه اسواق الاتحاد الاوروبي والمنطقة التجارية الحرة التي تتفاوض الرباط في شأنها مع الولاياتالمتحدة ومنطقة اعلان اغادير التي تضم مصر وتونس والاردن والمغرب. وحسب مصادر اسبانية، باتت مدريد تنظر بعين الرضا الى مشروع ميناء طنجة المتوسطي وهي تدعم المغرب في امتياز ميناء دولي كبير على البحر الابيض المتوسط، خلافاً للوضع الذي كان قائماً قبل نحو عام اثناء أزمة جزيرة ليلى. وقالت المصادر ان التغييرات الدولية الاخيرة والاحداث الارهابية التي هزت الدار البيضاء والموقف من الحرب على العراق والتقارب مع الولاياتالمتحدة ساهمت في تبديد الخلاف الاسباني - المغربي الذي توج بزيارة رئيس الحكومة ادريس جطو واجتماعه مع رئيس الوزراء الاسباني خوزيه ماريا اثنار مطلع الشهر الجاري في طليطلة. ويقع الميناء التجاري في شرق مدينة طنجة على بعد اميال قليلة من مضيق جبل طارق وبمحاذاة مدينة سبتة التي تحتلها اسبانيا في شمال المغرب. وكانت مدريد تتخوف على مصير المدينة التجاري بعد دخول ميناء طنجة حيز العمل، اذ تصدر المدينة ما قيمته ثلاثة بلايين دولار سنوياً من السلع الى المغرب وبقية شمال افريقيا، غالبيتها سلع مهربة. وسيتولى الميناء التجاري المتوسطي في طنجة عمليات التفريغ وإعادة التوزيع على طريقة تجارة الفنيقيين، اذ ستوجه السلع المستوردة المختلفة الى بقية شمال افريقيا وغربها وخصوصاً القمح والمنتجات الصناعية والغذائية. وسيرتبط الميناء، الذي يتوقع ان يحقق ارباحاً سنوية مقدارها 150 مليون دولار، بشبكة مواصلات برية وسكة حديد الى داخل المغرب وفي اتجاه الحدود الجزائرية. وسيمول صندوق ابوظبي للتنمية منطقة تجارية حرة في جوار الميناء تبلغ كلفتها 36 مليون دولار. وستقام مرافئ خاصة باليخوت وتجهيزات سياحية وترفيهية بكلفة 400 مليون دولار. وتتفاوض الرباط مع دول عربية اخرى وخصوصاً مصر وسورية والامارات لتأسيس شركة شحن عربية خاصة لكسر احتكار الاوروبيين للتجارة البحرية العربية ولربط ميناء طنجة مع ميناء الاسكندرية والموانئ السورية وميناء دبي ومنطقة جبل علي الحرة في الامارات. وترجح مصادر مطلعة في طنجة ان تسند خدمات الميناء بعد تشغيلة الى شركة "مايريكس" الاسكندنافية. وتتوقع دمج بعض الخدمات مع "ميناء الجزيرة الخضراء" المقابل في الضفة الاخرى على بعد تسعة أميال، وهو الممر المائي الذي يثير المخاوف الاميركية من هجمات ارهابية، اذ تعبر المضيق يومياً نحو 600 سفينة لنقل السلع والافراد.