قدرت مصادر الحكومة العراقية السابقة المتطوعين العرب الذين ذهبوا الى العراق لمقاومة القوات الاميركية - البريطانية بنحو اربعة آلاف شخص، وهو رقم يرى المتطوعون أنفسهم أنه مبالغ فيه، إذ ان العدد لم يتعد بضع مئات جاؤوا من سورية ولبنان ومصر وفلسطين، وعادوا بعد رحلة مقاومة حلموا بها من دون احراز نتائج. والبعض منهم، للأسف، يحمل عاهات جسدية. يروي محمد محام 32 سنة تجربته التي بدأت امام السفارة العراقية في بيروت، فيقول: "تجمعنا امام السفارة للحصول على تأشيرة سفر للعراق، كنا لبنانيين وسوريين ومصريين وفلسطينيين. جمعتنا احاديث الجهاد وحتمية وقف الحملة الاميركية ضد العالم العربي. لم تحصل السفارة رسوم التأشيرة من المتطوعين، لكنها لم تقدم أي تسهيلات او دعم لنا باستثناء تجهيز الحافلات. قالوا لنا بعد تسجيل الاسماء إن علينا الانتظار يومين حتى يتم تجهيز الحافلة والمجموعة المسافرة، ومن يريد الذهاب بسرعة يمكنه الذهاب الى السفارة العراقية في دمشق. انتظرنا حتى أُعدت الحافلة". ويتابع: "وصلنا الى بغداد. لم نُستقبل بمشاعر الحفاوة التي كنا نتوقعها. كانت القوات العراقية على ابواب بغداد. اخذونا الى نادٍِ قريب، وهناك اعطوا كل واحد من المجموعة التي تعد عشرين شخصاً سلاحاً آلياً، وانا لم اتدرب يوماً على حمل السلاح. ثم اخذونا الى طريق مؤدٍ الى أحد الجسور في بغداد، انتظرنا الاميركيين الذين وصلوا الى نهاية الطريق. عندما اشتد القتال وجدت فجأة المتطوعين يهربون الواحد تلو الآخر، لم يكن بجوارنا اي عسكري عراقي فقد ذهبوا جميعاً، ولم أعد اشاهد أي جندي عراقي في الطريق، سمعت من يقول إن قوات الحرس الجمهوري تركت اسلحتها وخلعت ملابسها وذابت وسط السكان. وقعنا بين مطرقة الاميركيين وخيانة العراقيين، ولم يكن امامنا إلا ترك الساحة". اما حسام 35 سنة فله تجربة اخرى: "ذهبنا عن طريق سورية الى بغداد بعد ان حصلنا على تأشيرات سفر، كنا متطوعين بأفكار الجهاد وحتمية الاستشهاد، ولم أكن اتوقع، أنا وزملائي من مختلف الجنسيات العربية، أن نعود الى بلادنا مرة اخرى. وصلنا الى بغداد وبقينا نحو اربعة ايام من دون تدريب، وبعد ذلك اعطونا اسلحة "كلاشينكوف" ووضعونا ضمن القوات التي كانت تدافع عن مطار صدام الدولي. وكانت الدهشة عندما وجدت القائد العراقي يضعنا في مقدمة الصفوف حتى قبل قوات الحرس الجمهوري، وبعد ايام لم نعد نرى هذا القائد أو غيره الذي يبدو أنه اختفى. سقط بحسب علمي 26 شهيداً من المتطوعين خلال عملية مقاومة القوات الاميركية قبل سقوط المطار. فرت القوات العراقية وتركت الساحة، واتذكر جيداً أن أحد الشبان اليمنيين المتطوعين حاول التصويب على طائرة اميركية من طراز "أباتشي" إلا أن أحد القادة العسكريين العراقيين منعه وقال له انها طائرة عراقية. استطعنا الهرب، وبعض منا وقع في اسر القوات الاميركية". ويقول صلاح 28 سنة: "وضعتنا القوات العراقية في احد الانفاق داخل بغداد لعدة ايام للدفاع عنها بالقرب من فندق فلسطين، وبقينا في هذه الانفاق من دون اسلحة او تجهيزات، عشنا في هذه الانفاق بعد ان انقطعت بنا كل صلة بالقادة العسكريين، وعندما ترك الجيش العراقيبغداد وهرب، مات بعضنا داخل الانفاق، والبعض الآخر استطاع الهرب، وكم كان محزنا انتشال الجثث من الانفاق! خلعت سريعا الملابس "الكاكي" واستطعت الهرب".