الناصرة - "الحياة" نقلت اذاعة الجيش الاسرائيلي عن أوساط قريبة من رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون اعتقاده انه ينبغي اعادة النظر في التوقيت الذي اختاره وزير الدفاع بنيامين بن اليعيرز لإخلاء بعض البؤر الاستيطانية التي أقامها مجلس المستوطنات في انحاء الضفة الغربية من دون الحصول على اذن من سلطات جيش الاحتلال. وتابعت ان شارون يربط بين قرار الاخلاء وتنفيذ العملية الانتحارية في احدى ضواحي مدينة تل ابيب صباح امس "ويخشى تفسير القرار بأنه مكافأة للارهاب". ورد قريبون من بن اليعيزر على نية شارون ارجاء تنفيذ الاخلاء بالتأكيد ان لا علاقة بينه وبين العملية الانتحارية، بل ان من شأن توسيع الاخلاء ان يحرر الجنود الذين يحرسون هذه البؤر "للمساهمة في محاربة الارهاب الفلسطيني". واكدت وسائل الاعلام العبرية ان الحديث عن اخلاء نحو 24 بؤرة ثلاث منها فقط تقطنها عائلات قليلة ليس سوى تضليل للرأي العام اتخذه بن اليعيزر أملاً في كسب النقاط في معركته على زعامة حزب "العمل" أمام منافسيه حاييم رامون وعمرام متسناع. وأضافت ان البؤر الأربع التي اخليت في اليومين الأخيرين لم تكن مأهولة، وكل منها عبارة عن مبنى جاهز أو حاوية نقلت على ظهر شاحنة. وتحت عنوان "المسرحية الكبرى" نقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" عن وزراء قولهم ان "عرض العضلات" الذي قام به بن اليعيزر ليس سوى مسرحية اعدها بالتنسيق المسبق مع شارون وقادة المستوطنين وان كلاً من الأطراف حرص على تحقيق مكاسب شخصية، فشارون كسب ود حزب العمل الشريك الأبرز في توليفة الحكومة، وبن اليعيزر عزز موقعه داخل الحزب، فيما تلقى المستوطنون وعداً بعدم الاقتراب من سائر البؤر "غير القانونية"، حسب القاموس الاسرائيلي والبالغ عددها 105. وزادت الصحيفة ان أطراف الصفقة اتفقوا على ان يقوم قادة المستوطنين بإثارة زوبعة اعلامية ومهاجمة بن اليعيزر واتهامه بأنه يستغل منصبه ليحسن مكانته في استطلاعات الرأي عشية الانتخابات لزعامة "العمل". ونقلت الصحيفة عن قريبين من شارون انه لن يسمح بإخلاء أي من النقاط الاستيطانية المأهولة "ومن غير المعقول ان تسمح حكومة يمينية كهذه بإخلاء مستوطنين بالقوة" حتى في حال ابدى بن اليعيزر موقفاً حاسماً بضرورة تنفيذ الاخلاء. وأكد الأمين العام للحكومة جدعون ساعر هذا الاعتقاد عندما قال للاذاعة الرسمية ان شارون هو الصديق الأكبر للمستوطنين "وال اعتقد انه سيقوم بإخلاء مستوطنات مأهولة"، مستدركاً ان رئيس حكومته يدعم اخلاء النقاط الاستيطانية "غير القانونية" وانه سبق للمستشار القضائي للحكومة ان أعلن ان الاخلاء لا يستوجب قراراً حكومياً رسمياً. واعلن مجلس المستوطنات انه سيقاوم "بكل الوسائل الديموقراطية المتاحة" اخلاء بؤر استيطانية مأهولة، وكشف الناطق بلسانه زيف عملية الاخلاء بقوله ان بالإمكان اعادة البؤرة الخاوية الى موقعها خلال اسبوع كما كل عائلة ترغم على الرحيل. من جهتها دعت صحيفة "معاريف" اليمينية رئيس الحكومة الى اتخاذ موقف واضح وحازم ضد المستوطنين الذين يخرقون القانون في المناطق الفلسطينية بإقامة نقاط استيطانية من دون استئذان الجيش، ورأت ان هذه النقاط ترغم جيش الاحتلال على نشر قواته حولها "ما يمس بقدرته على محاربة الارهاب بنجاعة أكبر". وأعادت افتتاحية الصحيفة الى الذاكرة ان شارون هو الذي شجع سوائب المستوطنين على اقامة البؤر الجديدة عندما دعاهم قبل أربعة أعوام، عندما كان وزيراً للخارجية في حكومة بنيامين نتانياهو "الى التحرك بسرعة للاستيلاء على مزيد من التلال وتوسيع سيطرتكم لأن كل ما تسيطرون عليه سيبقى في ايدينا". وتابعت ان شارون قاد مطلع الثمانينات حملة "نحن على الخريطة" ودعا الى تطوير الاستيطان وتعاون الاسرائيليين داخل الخط الأخضر مع المستوطنين. واضافت الصحيفة انه منذ اتفاقات اوسلو عام 1993 أفرخت البؤر الاستيطانية كالفطر بعد الشتاء وان المستوطنين اتبعوا دائماً سياسية فرض الأمر الواقع ولم يستأذنوا يوماً السلطات المخولة ليتصرفوا على هواهم. وبحسب الصحيفة فإن قرار بن اليعيزر اخلاء بعض هذه النقاط يشوبه الشعور غير المريح بأن الحديث عن مسرحية "بل عن سيرك حزبي" وكأن بن اليعيزر أراد ان يثبت لناخبيه انه ليس حملاً وديعاً في مزرعة شارون، انما زعيم حزب له اجندته الخاصة. "أما شارون الذي بعث بالمستوطنين الى التلال في المناطق الفلسطينية فيحمل معه الى واشنطن هدية للرئيس جورج بوش تتمثل بقرار اخلاء المستوطنات". لكن، تضيف الصحيفة، فإن الحديث يدور عن نقطة في بحر يحوي اكثر من مئة بؤرة "وعندما سيطالب بن اليعيزر بإخلاء نقاط مأهولة سيتدخل شارون ويمنعه من ذلك".