"سدايا" تُطلق برنامجًا خاصًا للطلبة الجامعيين وحديثي التخرّج    ليفربول يتعادل إيجابياً مع ضيفه مانشستر يونايتد    زيلينسكي يطالب بتعزيز الدفاعات الجوية    وفدان إسرائيلي وأمريكي بالدوحة غداً.. و«حماس» توافق على قائمة ل 34 أسيراً في غزة    عاصفة شتوية تشل طرق وسط الولايات المتحدة    غدًا.. إنتر ميلان و إي سي ميلان في نهائي كأس السوبر الإيطالي    خطة الاقتراض السنوية: مستحقات أصل الدين 38 ملياراً.. والعجز حوالى 101 مليار    أمير القصيم يزور مهرجان الفقع ويفتتح مبنى بلدية شري    العدالة يتغلّب على الباطن برباعية في دوري يلو    «المرور»: استخدام الجوّال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في الجوف    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة الشيخ فهد الحمري    4.494 حقيبة إيوائية في قطاع غزة    انطلاق عسير الشتوي    سفلتة وإنارة 47 حيا و60 طريقا بالشرقية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الوليد بن طلال    تهنئة الكويت بنجاح تنظيم خليجي 26    "الجمعان" يباشر مهام عمله رئيساً تنفيذياً لنادي النصر    الملك وولي العهد يعزيان العاهل الأردني في وفاة ماجدة رعد    اعتماد لمنشآت التدريب التقني بالرياض    أمطار وبرد ورياح على 6 مناطق    «دوريات المجاهدين» تقبض على شخص لترويجه مادة «الميثامفيتامين»    قرية إرث.. وجهة سياحية وترفيهيه وثقافية في موسم شتاء جازان 2025    الأربعاء.. الإعلان عن الفائزين بجائزة الملك فيصل 2025    حرس الحدود بمنطقة مكة ينقذ مواطنيْن تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر    هيئة التأمين تبين منافع وثيقة التأمين على العيوب الخفية لحماية المشاريع الإنشائية وضمان جودتها    إنقاذ حياة خمسيني بإعادة بناء جدار القفص الصدري الأمامي    جمعية تحفيظ القرآن الكريم بشقراء تكرم الفائزين بجائزة الجميح بأكثر من 100 ألف ريال    جمعية المساجد بالزلفي تُحدث نقلة نوعية في مشاريع بناء المساجد بتطبيق كود البناء السعودي    سعود بن نايف يستقبل سفير جمهورية السودان ومدير جوازات المنطقة الشرقية    نيويورك تايمز: وضع الفلسطينيين «كارثي»    رئيس وأعضاء لجنة أهالي البكيرية يشكرون أمير القصيم على رعايته "يوم الوفاء السابع"    فتح باب التطوع للراغبين في إغاثة الأشقاء بسوريا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل شابين وتداهم منازل في الخليل    مستشفى الشرائع في انتظار التشغيل.. المبنى جاهز    5 تصرفات يومية قد تتلف قلبك    «البرتقالي» يكمل مسارات «قطار الرياض»    «عون الحرم».. 46 ألف مستفيد من ذوي الإعاقة    إسطبل أبناء الملك عبدالله يتزعم الأبطال بثلاث كؤوس    فاتح ينطلق مع الشباب بمواجهتي الفيحاء والأهلي    أرض العُلا    الداخلية أكدت العقوبات المشددة.. ضبط 19541 مخالفًا لأنظمة الإقامة وأمن الحدود    جمعية «صواب» بجازان تسيّر أولى رحلات العمرة ل«40» متعافياً من الإدمان    ما مصير قوة الدولار في 2025 ؟    انطلاق ملتقى دعاة «الشؤون الإسلامية» في نيجيريا    الكذب على النفس    وفاة والدة الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود    «911» تلقى 2,606,195 اتصالاً في 12 شهراً    زيارة وفد الإدارة الجديدة للرياض.. تقدير مكانة المملكة ودعمها لاستقرار سوريا وتطلعات شعبها    مخلفات العنب تعزز علاجات السرطان    القيادة التربوية نحو التمكين    مشكلات بعض القضاة ما زالت حاضرة    المرأة السعودية من التعليم إلى التمكين    تأخر المرأة في الزواج.. هل هو مشكلة !    البرد لم يمنع نانسي ورامي من رومانسية البوب    ظلموه.. فمن ينصفه؟    حركية المجتمع بحركية القرار    مشاعر الذكاء الاصطناعي    كيف تُخمد الشائعات؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أشبه الليلة بالبارحة ! ."حزب الله" على درب "الاخوان المسلمين"
نشر في الحياة يوم 08 - 05 - 2003

حمل وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى دمشق ملفاً بالاجراءات التي تتوقع واشنطن ان ينفذها السوريون كما قيل وفي مهلة زمنية محددة كما نقل عبد الوهاب بدرخان، "الحياة" 3/5، هذه الاجراءات يتقدمها ملف "حزب الله" في لبنان. ونقلت "الحياة" عن كوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي الاميركي قولها إن باول "سيطالب دمشق بحزم شديد بالكف عن تأييد الارهاب ... وبحل حزب الله وإزالة خطر الصواريخ على اسرائيل واغلاق المقار العامة للمجموعات الارهابية في دمشق" "الحياة" 3/5.
ومن الواضح أن هذه الاجراءات جميعاً تصب في مصلحة الكيان الصهيوني وتعمل على إزالة أي تهديد لأمنه أو بقائه أو استقراره أو حتى التقليل من فرص هيمنته وبسط نفوذه على دول الجوار وبقية المنطقة.
وتستعيد الذاكرة فوراً أحداثاً مضى عليها أكثر من نصف قرن ولكنها كانت في السياق نفسه ولتحقيق الاهداف نفسها.
ففي صيف العام 1948 أو خريفه اجتمع سفراء الدول الثلاث الكبرى: بريطانيا وفرنسا واميركا في معسكرات جيش الاحتلال الانكليزي في فايد قرب الاسماعيلية مصر وتقدموا بمذكرة الى الحكومة المصرية تطالبها بحل جماعة "الاخوان المسلمين" ومصادرة ممتلكاتها، وهو ما نفذته حكومة الاقلية برئاسة محمود فهمي النقراشي، في كانون الاول ديسمبر 1948. وتوالت بعد ذلك الاحداث فتم اعتقال الاخوان بخاصة العائدين من حرب فلسطين بعد أن ابلوا بلاءً حسناً شهد به قادة الجيش المصري آنذاك في المحاكمات التي تمت بعد ذلك في قضية "السيارة الجيب"، واغلق المركز العام للاخوان وقبض على مئات منهم وترك الإمام حسن البنا حراً طليقاً من دون أنصار، فكانت التداعيات المأسوية باغتيال النقراشي وتوسيع دائرة الاعتقالات فشملت الآلاف وبداية عصر التعذيب على يد ما عرف ب"العسكري الاسود" في عهد حكومة ابراهيم عبد الهادي، ثم اغتيال حسن البنا وتحول البعض الى التفكير الانتقامي في محاولات لنسف محكمة الاستئناف التي ادانها البنا قبل اغتياله ببيان للناس كان عنوان "ليسوا اخواناً وليسوا مسلمين" ثم توالت الاحداث حتى سقوط حكومة الاقلية بعد أن استنفدت اغراضها وعودة حزب الاغلبية "الوفد" للحكم وحكم القضاء الاداري "مجلس الدولة" بإلغاء قرار حل الاخوان المسلمين وقضى بعودة ممتلكاتهم ومنها المركز العام، وعادت الجماعة بقوة الى الساحة السياسية ولكن تسربت الى تفكير البعض الرغبة القوية في إنهاء هذا العصر كله والقيام بتغيير جذري فكان التعاون والتحالف مع الضباط الاحرار للقيام بالحركة المباركة التي تحولت الى ثورة تموز يوليو وكان اكبر ضحاياها "الاخوان المسلمون".
وقتذاك كان اللقاء في فايد سرياً ولم تتسرب حقائقه إلا بعد أن انقضت المدة القانونية المفروضة كحظر رسمي على الوثائق البريطانية، وعندما فتش الاخوان بعد مرور الاعوام كشفوا أسرار الحل وخفاياه.
السبب الرئيسي كان أولاً الاخوان في فلسطين وكتائب الفدائيين التي تدفقت من مصر وسورية والاردن ولبنان والعراق حوالي عشرة آلاف متطوع وفدائي ومثل هؤلاء التهديد الحقيقي للعصابات الصهيونية آنذاك وكان شعار حسن البنا وقتها أنه لا يفلّ الحديد إلا الحديد ودعا الحكومات العربية الى الاكتفاء بدعم المتطوعين وترك الكتائب الفدائية تصارع العصابات الصهيونية وهي قادرة على دحرها وإنهاكها، ولكن كان قرار دخول الجيوش وما تبعه من خيانات واداء مشين وهدف للتمكين للكيان الصهيوني الوليد من الاستنبات بقرار دولي ورعاية اميركية بريطانية وخذلان عربي للشعب الفلسطيني والاخطر بعزل وتهميش والبطش بقوى المقاومة الحقيقية القادرة على النزال والفداء والتضحية.
واليوم يتكرر السبب نفسه، وتتردد المطالبات نفسها، والعجيب أن العرب زمن الاحتلال كانوا اقوى من العرب زمن الاستقلال الزائف. فبينما كانت المطالبة سرية إذا بها الآن علنية ومتبجحة والتداعيات تنذر بالتداعيات السابقة نفسها، لكنها اليوم ايضاً صريحة، تغيير شامل في المنطقة هدفه منع أي تهديدات للدولة العبرية وإنهاء المقاومة الاسلامية والوطنية في فلسطين ولبنان والرضا بالفتات الذي ستتفضل به دولة الكيان الصهيوني المدعومة اميركياً على الشعب الفلسطيني وبسط هيمنتها على كامل المنطقة العربية التي سينزع عنها سلاحها إذا شكل تهديداً جديداً حتى نصل الى باكستان وايران اللتين يشملهما التهديد والوعيد.
المعطيات تغيرت قليلاً فبينما كان الاخوان لا يتمتعون بأي غطاء حكومي اليوم حزب الله يتمتع بغطاء سياسي قوي من سورية وايران، وله علاقات مع دول غربية تتفهم دوره المقاوم مثل فرنسا وألمانيا.
تسبب استقلال الاخوان وتنافسهم السياسي داخل مصر مع حزب الاغلبية في سهولة الاجراءات، فهل تكون شبكة علاقات حزب الله "بمثابة شبكة أمان للحزب".
وقتها كان التهديد الذي مثله الاخوان خطيراً لأنه كان لحظة الولادة المتعسرة فكان من الممكن القضاء على الجنين والوليد بسرعة، لذلك استمرت الاجراءات العنيفة ضد الاخوان في مصر والعراق وسورية، فكانت السجون والمعتقلات والاعدامات وحظر النشاط طوال اكثر من 20 سنة في مصر وأكثر في العراق ثم كذلك في سورية، حتى سُمح باستئناف النشاط في ظروف مختلفة.
واليوم كان نجاح "حزب الله" في تحرير الجنوب اللبناني ملهماً للانتفاضة الفلسطينية ولقوى المقاومة المسلحة التي رفعت سقف اهدافها الى "دحر الاحتلال" وهو ما يمثل - إن حدث بالقوة والاجبار - تحولاً كبيراً في الصراع مع الكيان الصهيوني واعتبر البعض نجاح الانتفاضة بمثابة تهديد لمستقبل اسرائيل كما عنونت "نيوزويك" الاسبوعية منذ شهور لغلافها. المطلوب اليوم "انهاء المقاومة" أو "حل حزب الله" أو "رفع الغطاء السياسي والدعم عن الحزب" وسورية لديها هامش محدود للمناورة وايران نفسها احدى دول "محور الشر" وتعلم أنها الآن محاصرة من الشرق والغرب والجنوب.
الخيارات ضيقة جداً فإما أن ندخل في نفق مظلم بقرار "حل الحزب" أو ترفض سورية بشكل تام هذا الخيار ويبقى الوضع متأزماً على ما هو عليه.
وإما ان يتم التوصل الى اتفاقات صعبة عبر مفاوضات عسيرة، الطرف السوري واللبناني فيها لا يملك اوراقاً قوية باستثناء "تحرير الجولان" وترك الرهان على الدور السوري القومي العربي وترك لبنان.
المقابل سيكون: نزع سلاح حزب الله وادماجه بشكل كامل في الحياة السياسية كحزب مدني وحل ميليشياته العسكرية، والسؤال: إلى أين تذهب؟ هل الى ايران لضمان الأمان؟ أم الى العراق لاستئناف المقاومة في ساحة جديدة "للانتقام من الشيطان الاكبر"، كما قال الخميني؟ ذلك لأن البقاء في لبنان لمثل هؤلاء الابطال سيكون تحت التهديد الصهيوني الذي يستهدف حياتهم جميعاً فلن ينسوا ما سببوه لهم من آلام وما أذاقوه لهم من ويلات.
وإذا تحول الحزب الى الساحة السياسية وهو قد بدأ ذلك فعلاً فله تمثيل جيد في البرلمان وله مؤسساته الاجتماعية فإن ذلك سيكون تحولاً جذرياً لحزب مقاوم فهل يتحمل لبنان قوة الحزب السياسية أم أنه سيتحول الى حزب لكل القوى الوطنية بديلاً عن المسحة المذهبية.
هناك مخرج يمكن لسورية أن تطرحه وهو "التهدئة لمدة زمنية تسمح للحل الاميركي بالتجربة"، اي ضمان عدم تهديد الكيان الصهيوني لسنة أو أكثر من جانب حزب الله، وذلك اعتماداً على ان الفشل سيأتي من جانب اميركا والكيان الصهيوني وأي هذه الادارة سترحل إذا فشلت في الانتخابات القادمة في اميركا أو ستأتي بقوة أكبر تجعلها تفرض شروطاً صعبة على الكيان الصهيوني الذي سيرفض ذلك ويفجر المنطقة فتكون سورية وحزب الله في حل من الالتزام.
المستقبل ممتلئ بالمخاطر إلا أنه يحمل فرصاً أخرى يمكن اقتناصها.
* نائب سابق في البرلمان المصري عن "الاخوان المسلمين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.