يكشف إعلان الولاياتالمتحدة ان تنظيم "القاعدة" كان يسعى الى تفجير قنصليتها في كراتشي بطائرة مفخخة، ان "ولع" تنظيم أسامة بن لادن بالطائرات لم يخبأ على رغم كل الضربات التي تعرّض لها منذ سقوط نظام حركة "طالبان" في أفغانستان في نهاية 2001. ثمة "ولع" لهذا التنظيم بكل ما هو "مفخخ": "انتحاريون" مفخخون قتلة أحمد شاه مسعود، شاحنات وصهاريج مفخخة تفجير السفارتين في نيروبي ودار السلام، وباص الفرنسيين في كراتشي، والكنيس اليهودي في جربة، زوارق مفخخة تفجير المدمرة "كول" والناقلة "ليمبورغ" في اليمن. لكن "الولع" الأكبر لهذا التنظيم يظل في الطائرات. ولا يجب ان يكون هذا مصدر استغراب. فعبره حققت "القاعدة" أشهر عملياتها في ذلك الثلثاء من أيلول سبتمبر 2001 عندما ضربت طائرتان مخطوفتان برجي مركز التجارة في نيويورك وطائرة ثالثة مبنى وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون قرب واشنطن في حين سقطت الرابعة في بنسلفانيا قبل وصولها لضرب مبنى الكابيتول هيل في العاصمة الأميركية. وإذا كانت هجمات 11 أيلول هي الأكبر في عمليات "القاعدة"، فإنها ربما ما كانت لتمثّل ذلك الحدث الكبير لو قُدّر للتنظيم النجاح في خطة كان يعمل عليها قبل ذلك بسنوات. كان ذلك في العام 1995. جلس خالد شيخ محمد، رئيس العمليات في "القاعدة"، يُخطط مع قريبه رمزي يوسف صاحب فكرة تفجير مركز التجارة عام 1993 لإسقاط 11 طائرة أميركية دفعة واحدة خلال وجودها في الجو فوق المحيط الهادئ. جلس الرجلان وقتها في غرفة في فندق في مانيلا يدرسان من على شاشة كومبيوتر محمول لاب توب توقيت الرحلات ومواعيد الإقلاع والهبوط. أرادا، على ما يبدو، ان يحصل تفجير الطائرات عندما تكون كلها في الجو دفعة واحدة. سبق لهما ان جرّبا ذلك بوضع شحنة ناسفة انفجرت في طائرة يابانية. بدآ بخلط المواد الكيماوية لتكون العبوة أقوى مفعولاً. لكنهما زادا المادة أكثر من اللزوم، فشب حريق في غرفتهما في الفندق واضطرا الى الفرار بسرعة. وهكذا انكشفت الخطة. لم ييأس خالد شيخ محمد، على ما يبدو. بل ربما زاده اعتقال الأميركيين قريبه، رمزي يوسف في باكستان، اصراراً على مواصلة عملياته ضد الولاياتالمتحدة. ولم يعد سراً اليوم انه كان "العقل المدبّر" لهجمات 11 أيلول. لكن خالد شيخ محمد ليس وحده "المولع" بالطائرات. فعبدالرحيم الناشري أبو عاصم المكّي، المسؤول الأكبر ل"القاعدة" في الخليج، اعتُقل في الإمارات خلال تدرّبه على الطيران. وراج وقتها ان الولاياتالمتحدة احبطت هجمات كان يُخطط لها لضرب قطع حربية أميركية في الخليج وأيضاً سفن مدنية كناقلات النفط. وتشير أنباء أميركية اليوم الى ان إحدى خطط "القاعدة" في استخدام طيارين من جنسيات غير عربية للوصول الى اربع طائرات صغيرة وملئها بالمتفجرات والإنطلاق في مهمة انتحارية تستهدف إحدى حاملات الطائرات الأميركية في الخليج. ولا بد من الإشارة هنا أيضاً الى ان "القاعدة" كانت تسعى منذ فترة طويلة الى تدريب طيارين لاستخدامهم في مهمات مختلفة لنقل قادة التنظيم واسلحته، وليس بالضرورة للقيام بعمليات تفجير. فهناك الطيار الحسين خرشتو، المغربي الذي تحوّل شاهد إثبات لمصلحة الحكومة الأميركية بعد خلافه مع المحيطين بأسامة بن لادن "القاعدة" طلبت منه في 1993 تعلّم الطيران في كينيا ليصبح يوماً يوماً طياراً لإبن لادن. وهناك زكريا موسوي الفرنسي المغربي الأصل الذي اعتُقل خلال تدربه على الطائرات في أميركا قبل 3 أشهر من هجمات 11 أيلول اشتبه به المُدرّب لأنه لم يكن مُهتماً بتعلّم الإقلاع والهبوط، بل فقط بالتحكم بالطائرة في الجو. وهناك رمزي بن الشيبة الذي حاول جاهداً وفشل في الالتحاق بمدرسة لتعلّم الطيران في أميركا ليشارك في هجمات 11 أيلول. وهناك البريطاني ريتشاد ريد المُدان بتهمة محاولة تفجير طائرة بين باريس وميامي ب"حذاء مفخخ". ويُمسك الأميركيون منذ سنوات بأميركي من أصل مصري إ. ع. كان يعمل طياراً ويُشتبه في انه كان يخطط لعملية ضد شخصية مصرية خلال زيارتها دولة خليجية.