"مرة أخرى يقف الجمهور في اسرائيل عاجزاً وقد أعيته الحيلة. موجة انتحاريين جديدة يقول القائد العام للشرطة انها لم تبلغ ذروتها بعد". بهذه الكلمات افتتحت اذاعة الجيش الاسرائيلي برنامجها الاخباري صباح أمس لتعكس الأجواء العامة في الدولة العبرية حيال ارتفاع وتيرة العمليات الاستشهادية. وشهدت الصحف العبرية حشداً من المقالات التي وجهت انتقادات مباشرة لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون و"سياسته المبهمة" أو "المأزق الذي يعيشه"، ليختم المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس" ألوف بن مقاله بتوجيه السؤال المباشر لشارون: "قل لنا الى أين المسير؟". ويسخر أبرز كتّاب الأعمدة في "يديعوت احرونوت" ناحوم برنياع من اعلان شارون "انه لن ييأس" ويكتب ان اليأس بدا جلياً على محياه "فموجة العمليات الحالية تكشف عجزه عن تقديم الاجوبة. الخيارات العسكرية استنفدت جميعها تقريباً وأمامه أحد خيارين، اما أن يتبنى عمليات أكثر تطرفاً لا يؤمن بنجاعتها أو أن يفعل ما نفعله نحن جميعاً. العض على النواجذ وتلقي الضربات وامتصاصها". ويلوم الكاتب رئيس حكومته على عدم التمهيد لاستقبال حكومة أبو مازن عبر اجراء تغييرات ملموسة في سياسة الاحتلال "وقد حرص شارون والرئيس الفلسطيني عرفات، كل بطريقته، على أن تكون حكومة أبو مازن مخصية". ويتطرق الكاتب الى تواتر التهديدات الاسرائيلية بابعاد الرئيس عرفات من وطنه ويكتب أن بمقدور شارون أن يتخذ قراراً كهذا في حكومته اليمينية "لكنه لا يرغب بذلك لأنه لن يبقى من تتهمه اسرائيل بالمسؤولية عن العمليات التفجيرية". ويتابع ان الوقت حان "ليقرر شارون خريطة الطريق الحقيقية لاسرائيل هل تريد البقاء كدولة احتلال، الى الأبد أم تهتم بالديموقراطية وضمان الغالبية اليهودية... على شارون أن يواجه المعضلة: هل يكون رئيساً وقائداً لدولته أم يكون اسفنجتها". وينضم المعلق السياسي البارز في صحيفة "معاريف" بن كسبيت الى زميله في التهكم على شارون ويكتب انه في غياب عرفات عن المنطقة سيجد المسؤولون الاسرائيليون صعوبة في ايجاد مشجب يعلقون عليه مبرراتهم لتردي الأوضاع. وتحت عنوان "شارون محاصر" يكتب كسبيت ان السؤال الملح الآن هو ما العمل، اما الاجابة فمبهمة: "الارهاب يحاصر شارون منذ سبعة شهور لم يغادر خلالها البلاد. والموجة الارهابية الحالية تؤكد ان من غير الممكن قتل الارهاب والقضاء عليه". ويتساءل عن جدوى الاجراءات الاسرائيلية و"التقليعة" الجديدة - القديمة المتمثلة بترحيل عائلات الانتحاريين. ويختم قائلاً ان حمام الدماء لن يتوقف بل سيتصاعد "وشارون يدرك انه لا يملك حلاً يسيراً وأن من سينتصر في هذه المعركة هو من سيصمد في النهاية، لكن السؤال يبقى كم عدد الذين سيبقون على قيد الحياة حتى يحظوا برؤية النهاية". ويرى المحلل السياسي في "هآرتس" ألوف بن ان الاحباط الذي يكتنف المسؤولين الاسرائيليين جراء العجز عن اجهاض العمليات الانتحارية دفع بهم الى "إحياء الدعوات" لابعاد الرئيس الفلسطيني وجعل وزراء اليمين يتسابقون في استنباط المعادلات الخلاقة لإخفاء هذا "الشيطان" من رام الله. وينتهي بالقول: "اليوم يلتقي شارون السفير الأميركي في تل أبيب العائد للتو من واشنطن ليبحثا معاً في السؤال الذي تكرر مرات عدة: الى أين ننطلق من هنا. الى أين المسير؟".