لم يكن إحجام كتّاب الأعمدة في الصحف الاسرائيلية عن اطلاق تحليلاتهم لخطاب رئيس الحكومة ارييل شارون اول من امس من قبيل الصدفة بل اعترفوا، في حديث بعضهم الى الاذاعة العبرية امس، انهم بحاجة الى مزيد من الوقت لسبر غور هذا الخطاب واستقراء الرسالة الصحيحة منه. وفضّل ناحوم برنياع، ابرز المعلّقين في صحيفة "يديعوت احرونوت" عقد لقاء شخصي مع شارون، مساء امس قبل ان يطلق العنان لقلمه، وتساءل زميله شمعون شيفر عن اسباب امتناع شارون عن التصريح، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده، عن وقف النار من جانب واحد اسرائيل وهل أنجرّ ليعلن ذلك بعد انتهاء المؤتمر، واعترف انه يعجز عن تقديم الاجابة عن هذا التساؤل. لكن المعلّقين بغالبيتهم اتفقوا اولاً على ان اعلان شارون سجّل له نقاطاً مهمة في المعركة الاعلامية التي تديرها اسرائيل، وبخاصة في الولاياتالمتحدة واوروبا بهدف كسب ودهما وتعاطفهما، ولفتوا الى ترحيب الرئيس الاميركي بهذا الاعلان ودعوته الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الى اطلاق دعوة مماثلة لوقف النار. وفي حديث ل"الحياة" قال برنياع ان الهدف الاساس من تصريح شارون هو استمالة الاميركيين "لقد قام شارون بخطوة تكتيكية ذكية فهو يعلم جيداً ان الفلسطينيين لن ينطلي عليهم هذا التكتيك الذي لا يتعدى كونه وهمياً". واضاف انه على رغم الغموض الذي اكتنف التصريح فإن شارون عملياً ضمّن اعلانه مواقف تتنافى وما وعد به الاسرائيليين قبل انتخابه وبعده. وتوقف برنياع عند التأييد الذي ابداه الوزير الاكثر تطرفاً في الحكومة الاسرائيلية رحبعام زئيفي ووزراء العمل لتصريح شارون، وقال ان هذا الاجماع ناجم عن المكسب الاعلامي لاسرائيل من هذا التصريح. وزاد ان زئيفي يرى فيه اطلاق العنان للجيش لمواصلة دكّ الفلسطينيين فيما يرى وزراء العمل انه قد يعيد اسرائيل الى طاولة المفاوضات. واختتم برنياع بالقول ان من غير المستبعد "ان يقود تصريح شارون الى اتجاهات لم يقصدها مثلما حدث لسياسيين سبقوه" في اشارة الى احتمال عودة المفاوضات السلمية اسرع مما يخطط له شارون.