تحاول اسرائيل منذ سنوات إلصاق تهمة "الارهاب" بالفلسطينيين والعرب والمسلمين وكأنها عذراء بريئة من آثام الارهاب وجرائم الحرب والمذابح. وكلما عرض الفلسطينيون هدنة عليها، سارعت الى افتعال سبب ما لاستدراجهم الى سلسلة جديدة من سلاسل الفعل ورد الفعل الحتمي الدموي باغتيال ناشط بارز من هذا الفصيل أو ذاك في تلك المدينةالفلسطينية أو تلك، وهي تدرك تماماً أنها تمزق بذلك، عمداً، أي هدوء محتمل وتبدد فرص التقدم نحو السلام الذي ينشده الفلسطينيون ويتوقون اليه بأمل ان يستطيعوا العيش في أمان ضمن ما تبقى لهم من وطنهم التاريخي المغتصب. لقد قتلت اسرائيل في السنوات الاخيرة، وبعد أن اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بحق الدولة العبرية في الوجود وشطبت بنوداً كثيرة من الميثاق الوطني الفلسطيني كانت تل ابيب تعتبرها معادية لها، آلافاً من الفلسطينيين وجعلت حياة مئات الألوف منهم في الضفة الغربية وقطاع غزة حياة صعبة للغاية تولد مشاعر اليأس والسخط والاستعداد للانتقام من دولة الاحتلال بعسكرها ومستوطنيها المعتدين ومواطنيها "المدنيين" الذين يندر ان يكون اي منهم لم يؤد الخدمة العسكرية، وبالتالي يمكن استدعاؤه في الاحتياط ليقتل فلسطينيين أو يشارك في اذلالهم، او لم يشتر بيتاً او شقة بسعر رمزي في مستوطنة يهودية ما على ارض فلسطينية مغتصبة. ان الواقع التاريخي الموثق يبين ان اسرائيل قامت من اساسها على الارهاب الخالص الوحشي الذي مارسته العصابات الصهيونية بارتكابها مجازر ضد مدنيين عزل تماماً مثل مجزرة دير ياسين. ولا يحق لدولة مارست وما زالت تمارس الارهاب وترتكب جرائم الى يومنا هذا، يومياً، ان لا تتوقع رداً من ضحاياها الذين تصادر اراضيهم وتقطع ارزاقهم وتقطع اشجارهم وتمعن في اذلالهم مستخدمة جبروتها العسكري المدعوم من قوة شر كبرى تتمثل في الولاياتالمتحدة التي بات المحافظون الجدد، اي الصهاينة الليكوديون في قلب ادارة بوش، يقودون سياستها الخارجية. ان استهداف المدنيين، سواء الفلسطينيين او الاسرائيليين، أمر غير مقبول وينبغي ان يتوقف من اجل توفير فرصة لتحقيق السلام. وقد قبل الفلسطينيون "خريطة الطريق"، وهي خطة سلام اميركية المنشأ بصياغة مفصلة من الرباعية الدولية، لكن اسرائيل اعلنت رفضها لها في شكلها الحالي وطلبت من الاميركيين ادخال تعديلات عليها من شأنه أن تجعلها في النهاية خطة اسرائيلية تناسب أهداف حكومة ارييل شارون التي ترفض وقف الاستيطان وينادي بعض وزرائها، مثل وزير السياحة بنيامين ايلون، جهاراً نهاراً بطرد الفلسطينيين عنوة من بلادهم وبايجاد دولة فلسطين في الاردن! ولقد نادى ايلون بذلك، ليس في اجتماع لعتاة اليمينيين في تل ابيب وانما في قلب الكونغرس الاميركي وفي لقاءاته مع انصار اسرائيل من المسيحيين الاصوليين اليمينيين في اميركا. ويبدو ان حتى وزير الخارجية الاميركي كولن باول الذي كان يعد من الجناح المعتدل في ادارة بوش انضم الى الصقور اخيراً، اذ اكد امس ان واشنطن لن تمارس ضغطاً على اسرائيل لحملها على تنفيذ "خريطة الطريق". ان الارهاب يحارب بإزالة اسبابه، وممارسات الاحتلال الاسرائيلي التي تتسامح واشنطن تجاهها بل تشجعها هي من أكبر تلك الاسباب.