ألمحت الحكومة الاسرائيلية الى نية وزير خارجيتها سلفان شالوم ارجاء زيارته لواشنطن المقررة الخميس المقبل، وذلك في اطار مواصلة سياسة التسويف والمماطلة في اعلان رفضها خطة "خريطة الطريق" الدولية لحل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي. تزامن ذلك مع الاعلان عن انشاء "قسم خاص" في جهاز الاستخبارات المركزية الاميركية سي اي اي سيضطلع بمهمة تنفيذ ومراقبة تنفيذ بنود الخطة من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على الارض بالتعاون مع بقية اعضاء اللجنة الرباعية. وبعد ساعات على اعلان الحكومة الاسرائيلية توصلها الى اتفاق مع الادارة الاميركية على إرجاء الاعلان عن "خريطة الطريق" الى ما بعد انتهاء الحرب الاميركية - البريطانية على العراق، اشارت الاذاعة الاسرائيلية الى ارجاء زيارة وزير خارجيتها لواشنطن الخميس حيث كان مقررا ان يلتقي نظيره الاميركي كولن باول من اجل وضع جدول زمني محدد لبدء تنفيذ الخطة. وبدا ان القرار الاسرائيلي بتأجيل الزيارة جاء على خلفية حصول تل ابيب على تقارير من الولاياتالمتحدة تشير الى بدء "سي اي اي" بانشاء "قسم خاص" تكون مهمته الاشراف ومتابعة تنفيذ الخطة، ما اعتبرته اسرائيل مؤشرا جديدا الى جدية واشنطن في المضي قدما في هذه الخطة كما هي من دون ادخال تعديلات اسرائيلية عليها كما يطالب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. ووفقا لهذه التقارير، فان هذا القسم سيترأس آلية تنفيذ الخطة بمشاركة الاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة واطراف اخرى بمن فيها بريطانيا التي ترغب الولاياتالمتحدة باعطائها دورا اكبر مكافأة لها على موقفها المؤيد للحرب على العراق. وكشفت مصادر صحافية اسرائيلية ان مدير "سي اي اي" جورج تينيت قام بزيارة سرية الى تل ابيب قبل اسبوعين ونصف الاسبوع اجرى خلالها اجتماعات مع شارون اطلعه خلالها على الخطوات الاميركية المقبلة في شأن "خريطة الطريق" وآليات التنفيذ التي وضعها. وستشمل "آليات التنفيذ" اربع لجان متخصصة في شؤون الامن، والاستيطان، والاصلاح المدني الفلسطيني، والشؤون الانسانية. وستشرف "اللجنة الامنية" على اعادة تنظيم الاجهزة الامنية الفلسطينية واستئناف التعاون والتنسيق الامني بينها وبين الاجهزة الاسرائيلية ومراقبة عمل الجانب الفلسطيني في مقاومة "الارهاب" وانسحاب الجيش الاسرائيلي من الاراضي الفلسطيني التي اعاد احتلالها. اما اللجنة الثانية والتي اطلق عليها "لجنة خاصة"، فستتابع تجميد النشاطات الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية واخلاء البؤر الاستيطانية "غير القانونية" التي اقيمت خلال السنوات الاخيرة واعادة فتح المؤسسات الفلسطينية التي اغلقتها اسرائيل في مدينة القدس، فيما ستراقب اللجنتين الثالثة والرابعة تطور خطوات الاصلاح المدني. واظهرت محافل صنع القرار في اسرائيل قلقها مما اسمته "تشبث" الفلسطينيين ب"خريطة الطريق" التي يعتبر البند الايجابي الوحيد فيها من وجهة النظر الفلسطينية هو الوعد القاطع باقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة مع نهاية العام 2005، الامر الذي ترفضه الحكومة اليمينية القائمة في اسرائيل والتي دخلت في سباق مع الزمن لقطع الطريق امام امكان تطبيق هذا الوعد. وفي هذا السياق، عدلت الاجهزة الاسرائيلية خططها الخاصة باقامة "الجدار الفاصل" الذي قضم حتى الان الاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية الحدودية شمال الضفة يصل عمقها في داخل الضفة الى 20 كيلومترا، بما يضمن من جهة ضم الكتل الاستيطانية الضخمة في هذه المناطق، ومن جهة اخرى يستولي على اكبر قدر ممكن من الاراضي بأقل عدد ممكن من سكانها. وتوالت اعلانات المؤسسات والشركات الاستيطانية المختلفة في شأن اقامة مزيد من الوحدات الاستيطانية وتوسيع المستوطنات القائمة مثل "بسغات زئيف" التي اعلن اخيرا اقامة نحو 700 وحدة سكنية اخرى فيها والمستوطنات المقامة على اراضي قضاء نابلس ورام الله بما يتوافق مع خطط شارون القديمة التي وضعها اوائل الثمانينات وطرحت في المحادثات التي جرت بين الفلسطينيين والاسرائيليين في كامب ديفيد وطابا قبل اندلاع انتفاضة الاقصى. واعرب الفلسطينيون عن تخوفهم من ان تشهد الايام والاسابيع المقبلة، في ظل الحرب المندلعة على ارض العراق، موجة اخرى من حرب "احتلال التلال" الفلسطينية على غرار ما جرى عام 1996 عندما طالب شارون نفسه المستوطنين باحتلال تلال الضفة واقامة بؤر استيطانية فوقها لقطع الطريق امام احتمالات اقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا في الضفة. وجاء التخوف الفلسطيني بعد ان قام عدد من المستوطنين بالاستيلاء على اراض في مدينة الخليل محاذية لمستوطنة "كريات اربع"، في ما اعتبر موجة جديدة من الاستيطان. ورغم اخلاء الشرطة الاسرائيلية هذه النقطة الاستيطانية عاد المستوطنون امس اليها في مشهد ذكر الفلسطينيين بمسرحية "الاخلاء والعودة" التي ميزت سياسة وزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعيزر. والتي افضت الى توصل الحكومة الحالية الى ايجاد "مسوغات قانونية" تمنع اخلاءها وتبقي عليها بدعم كامل من وزير الدفاع الاسرائيلي الحالي شاؤول موفاز وباقي اقطاب الحكومة الاسرائيلية التي تعرف ب"حكومة المستوطنين".