شدد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على انه "لن يسمح بوجود فكر ضال يشجع الارهاب ويغذيه ولو حاول هذا الفكر التظاهر بالتدين". وأكد الاستمرار في طريق الاصلاح السياسي والاداري وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية وفتح آفاق اوسع لعمل المرأة في اطار تعاليم الشريعة الاسلامية. وطالب بصدور قرار لمجلس الامن حول "خريطة الطريق" كي تكتسب الصدقية اللازمة. وفي كلمة افتتح بها امس اعمال السنة الثالثة من الدورة الثالثة لمجلس الشورى، بحضور الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني، والامير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران، ندد الملك فهد بالممارسات العدوانية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وبظاهرة الارهاب، مؤكداً العمل لمجابهتها، وأعرب عن الامل بأن يخرج العراق سريعاً من محنته. وكان الملك فهد بدأ كلمته بتأكيد رفض الشعب السعودي الارهاب بكل صوره واشكاله، وقال في معرض تنديده بالهجمات التي استهدفت ثلاثة مجمعات سكنية في الرياض: "شعبنا السعودي النبيل من منطلق ايمانه بثوابته الاسلامية وقيمه العربية، يرفض الارهاب بكل اشكاله وصوره، ولن يسمح لفئة من الارهابيين المنحرفين بأن تمس الوطن وسلامة ابنائه والمقيمين فيه". وشدد على انه "لن يُسمح بوجود فكر ضال يشجع الارهاب ويغذيه، ولو حاول هذا الفكر التظاهر بالتدين"، مشيراً الى ان الدين الاسلامي براء من الارهاب وفكره. كما شدد على تكاتف الشعب السعودي في القضاء على كل مظاهر آفة الارهاب، وقدرته على تحقيق ذلك. كما شدد على استمرار مسيرة الاصلاح في المملكة العربية السعودية موضحاً ان هذه المسيرة تأتي في اطار المراجعة الذاتية، وانها "ليست استجابة لضغوط خارجية"، وجدد رفض بلاده التدخل في شؤونها. وعدد جوانب من الخطوات الاصلاحية التي نفذتها الدولة، بعيداً عن اي ضغوط خلال السنوات الماضية، والتي كانت آخرها اعادة الهيكلة الحكومية التي بدت واضحة في التشكيلة الجديدة لمجلس الوزراء، اضافة الى الانظمة الجديدة للتقاضي والاجراءات الجنائية. كما اعلن صدور الموافقة على قيام جمعية أهلية لحقوق الانسان، قال انه سيتبعها انشاء مؤسسة حكومية لهذا الغرض ايضاً. وعرض الملك فهد المبادرات الاصلاحية التي قامت بها الدولة لتحرير الاقتصاد من العوائق الروتينية وتشجيع الاستثمار المحلي والاجنبي، وتوجهات تخصيص القطاعات الاقتصادية التي تملكها الدولة، وعزمها على العمل على مواجهة مشكلتي البطالة والفقر. وأكد على الاستمرار في طريق الاصلاح السياسي والاداري، ومواصلة مراجعة الانظمة والتعليمات واحكام الرقابة على اداء الاجهزة الحكومية، وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية، وفتح آفاق اوسع لعمل المرأة في اطار تعاليم الشريعة الاسلامية، واعطاء مجلس الشورى دوره الكامل في تحقيق الاصلاحات المنشودة. وحدد ملامح المنهج الاصلاحي الذي تعتمده الدولة قائلاً انه الذي يتم بالتدرج والسلاسة وتقبل عليه الامة طائعة لا مسوقة ويتسم بالصدقية التي تقوم على الفعل لا القول. وشدد على مسؤولية كل فرد في موقعه، سواء كان مواطناً او مسؤولاً، وقال: "لم يعد هناك وقت للتواكل ولوم الآخرين والتشكيك في صدق من يريد الاصلاح ونزاهته". وطالب المرأة السعودية بأن تأخذ دورها في صنع المستقبل، مؤكداً مسؤولية التعليم والاعلام. ودعا المواطنين الى مواجهة ضيق الافق والاقليمية والفرقة الاجتماعية، مشدداً على ان الاصلاح لا يمكن ان يثمر الا في جو من الوئام الاجتماعي، القائم على الوحدة الوطنية ولافتاً الى ان الوحدة الوطنية تتعارض مع الطروحات المتطرفة، وتتطلب اجواء صافية من الحوار الاخوي الهادئ. وحمّل العلماء مسؤولية في تبني الخطاب الوسطي المعتدل ونشر التسامح الذي تمتاز به الشريعة السمحة، وفي انقاذ الشباب من شر الافكار المدمرة التي تبث الغلو والكراهية، ولا تنتج سوى الخراب والدمار. واكد الملك فهد بن عبدالعزيز أهمية الحفاظ على العقيدة الاسلامية وضمان الوحدة الوطنية، والتعاون في حمل المسؤوليات لمواجهة التحديات التي تفرضها التحولات في النظام العالمي الجديد. واعلن ان السعودية "لن ترضى الجلوس في مقاعد المتفرجين"، وان عليها "ان تكون أهلاً للتحدي كونها قلب الامة الاسلامية ومهد العروبة". وتابع الملك فهد: "ان المناهج الهادفة الخيرة هي التي تغرس الافكار والقناعات في الاذهان الغضة والنفوس البريئة، لما فيه خير الامة وصلاحها، كما ان الخلل في التعليم لا سمح الله سبب رئيسي لأي انحراف فكري او اخلاقي او عجز عن العمل والمشاركة. واقول للاعلاميين والمثقفين ان الاعلام ليس ترويجاً وان الثقافة ليست وجاهة وان الوحدة الوطنية والحضور على المستوى العالمي مرهونان بإعلام مسؤول وحركة ثقافية مبادرة ومتنوعة". الى ذلك، أعرب خادم الحرمين الشريفين عن الألم لما اصاب العراق، وعن أمله بأن يخرج سريعاً من محنته "وان يعود وطناً عربياً مستقلاً مزدهراً، يعيش بسلام مع جيرانه". ونوه بالموقف المسؤول للشعب السعودي خلال الحرب على العراق، وبالمساعدات التي يقدمها هذا الشعب لاشقائه العراقيين. كما اكد ان "القضية الفلسطينية لا تزال تشكل قاعدة اساسية للسياسة الخارجية للمملكة". واشار الى مساندة السعودية كل المبادرات الرامية الى احياء عملية السلام في المنطقة، بما في ذلك "خريطة الطريق" التي طالب بضرورة "ان يصدر قرار في شأنها من مجلس الامن كي تكتسب الصدقية اللازمة"، كما طالب بوقف "الاعتداءات الاسرائيلية والممارسات العدوانية التي تمارسها اسرائيل في الاراضي العربية المحتلة"، وبتوفير الحماية للفلسطينيين من هذه الاعتداءات ليتمكنوا من القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم. ودعا المجتمع الدولي والولايات المتحدة والدول الاوروبية خصوصاً في حال استمرار هذه الممارسات ورفض اسرائيل "لخريطة الطريق" الى بذل كل ما يمكن لثنيها عن التمادي في اتخاذ هذه المواقف المتصلبة.