تترقب الأسر المصرية الاجازة الصيفية مع ارتفاع حرارة الجو التي زاد من الاحساس بها موسم الامتحانات وبات الجميع متلهفاً لقضاء اجازة ترفيهية على قدر المستطاع. وساهمت اعلانات الصحف وشركات السياحة والنقابات المهنية عن برامجها لرحلات الصيف في تأكيد هذه الرغبة والتخطيط لتنفيذها. والواقع ان المرحلة التعليمية للابناء تحدد الى حد كبير موعد قضاء الصيف، فالأسر التي لديها اطفال في مرحلة الحضانة او في سنوات النقل في المراحل المختلفة وليسوا في الشهادات العامة تستطيع ان تبدأ نشاطاتها الصيفية الترفيهية بدءاً من حزيران يونيو الذي يميزه أمران اساسيان هما هدوء الشواطئ واعتدال المصاريف. هذه الفئة من الأسر بدأت فعلاً حجز رحلاتها الى حيث الهدوء والتكلفة المخفوضة. ومن الفئات المحظوظة ايضاً تلك الأسر التي انهى ابناؤها مراحلهم الدراسية وربما اصبحت لهم اسرهم المستقلة، أو بلغوا سن التقاعد، فلا التزامات ولا مسؤوليات عمل. هؤلاء يستطيعون الانطلاق بحرية الى المصايف في أي توقيت يختارونه وربما يفضلون ايضاً الشهور الهادئة، وخصوصاً حزيران وأيلول سبتمبر. وما لم تمتلك الأسرة شاليهاً او شقة على احد الشواطئ، فغالباً ما تتقلص الاجازة الى اسبوع واحد طوال الاجازة الصيفية، وربما تفضل بعض الأسر مصيف اليوم الواحد على الشواطئ المتنوعة ما يتيح لها قضاء اجازات نهاية الاسبوع على شواطئ متنوعة خلال الاجازة الصيفية. وتوضح سيناريوات الاعداد للاجازة الصيفية في البيت المصري ان الام والابناء الصغار هم الاكثر إلحاحاً وطلباً للخروج، بينما غالباً ما يعتبر الآباء ذلك عبئاً متزايداً عليهم، اما الأبناء في عمر الشباب فيفضلون رحلات الاصدقاء على رحلات الأسرة. تقول السيدة منال عاصم ان وجود احد الابناء في الثانوية العامة يجبر الاسرة أن تختار مصيفها في تموز يوليو، خصوصاً إذا كان ذلك الابن مقبلاً على الثانوية العامة او في المرحلة الاولى منها، فالامتحانات تنتهي في اوائل تموز بينما يعاود الابن الارتباط بالدروس الخصوصية والاستعداد للعام الدراسي التالي في بداية آب اغسطس. وتضيف عاصم أنه مهما كلّف الأمر، تحتاج الأسرة في النهاية الى ذلك الاسبوع الذي تنسى فيه همومها وترتاح فيه من الأعباء. ويقول المهندس صالح العبد إن النقابات المهنية تساهم الى حد كبير في تسهيل امر المصايف لاعضائها، إذ غالباً ما تكون تلك الرحلات مدعومة كما انها تحقق تنوعاً كبيراً ليناسب الظروف الاقتصادية المختلفة للأسر المصرية. وبينما ترتفع تكاليف الرحلات الى الساحل الشمالي وشرم الشيخ والغردقة تصبح الرحلات الى رأس البر وجمصة والاسماعيلية في متناول الكثير من الاسر، علماً أن رحلات النقابات تحتاج الى حجز مبكر، اذ يبدأ حجز معظمها منذ أيار مايو. وقد لا تكون الاسرة وقتئذٍ حددت ظروفها في الاجازة وظروف ابنائها، خصوصاً لجهة نتائج الامتحانات التي لا تكون اعلنت، فتعثر احد الابناء في الدراسة او رسوبه يعسّر الرحلة على بقية الأفراد. المراهقون والشباب لا تعجبهم برامج الترفيه الاسرية في موسم الاجازة، ويفضلون الانطلاق مع اصدقائهم في رحلات جماعية. هذا ما أكده أحمد خالد الطالب في المرحلة الجامعية، وقال ان المصايف في احضان الاسرة تفرض الكثير من القيود وتطرح الكثير من الانتقادات، ولذلك فهو يفضل الرحلات التي تنظمها الجامعة في شهور الصيف وتكون بأسعار رمزية وبرامج ترفيهية متنوعة. وتفضل الزوجات قضاء المصايف في تجمعات عائلية تجمع الاهل والاخوة، ويعتقدن بأن جمال المصيف يكون في الصحبة، وإن كانت النسبة الغالبة من الزوجات تفضل ان تكون هذه الصحبة من عائلتهن وليس من عائلة الزوج خصوصاً الحماة. وفي الغالب يخضع الزوج لرغبات زوجته حتى لا تعكر عليه صفو الرحلة. أما من يمتلكون شققاً او شاليهات على الشواطئ فموسم الصيف مفتوح امامهم، ويجدون مرونة كبيرة في تحديد المواعيد والفترات التي يقضونها على شواطئ البحر في الاجازات، فإذا كانت الزوجة لا تعمل فغالباً ما تصطحب اطفالها الى المصيف حيث يقضون شهراً كاملاً ويتردد عليهم الزوج أيام اجازته. وإذا كانت الزوجة تعمل فيترددون على شقتهم في المصيف في اجازة نهاية الاسبوع طوال اشهر الصيف، ولا يصبح الاعداد للاجازة الصيفية، يمثل عبئاً لديهم. ويرى علاء سيد الاب لطفلين ان مشكلة تدبير مصروفات المصايف لا تكمن فقط في تكاليف الرحلة والاقامة، وإنما في نفقات الترفيه اليومية بخاصة مع وجود اطفال يحتاجون الى الخروج والتنزه وارتياد الملاهي. وربما تفوق تلك النفقات نفقات الرحلة ذاتها. وهو ما يعمل له ألف حساب قبل تحديد فترة المصيف. واللافت للانتباه ان الاستعداد للاجازة الصيفية مرتبط في ذهن النسبة الغالبة من الاسر المصرية بقضاء المصيف على الشواطئ، بينما تحتل الرحلات الثقافية مثل زيارة المتاحف والآثار مرتبة متأخرة في البرنامج الصيفي لدى الاسر المصرية. من جانب آخر، لا يرحب سكان المدن الساحلية بموسم المصايف، وهذا ما اكدته السيدة نادية انور من سكان مدينة الاسكندرية، فتقول ان موسم الصيف والاجازات يمثل ازمة لهم إذ تزدحم المدينة الى حد الاختناق وترتفع الاسعار، ويشعرون بأن شهور الصيف هي شهور طوارئ. وعلى رغم انهم سكان الاسكندرية، فهم لا ينزلون الى شواطئ البحر القريبة من منازلهم، بل اكثر من ذلك يخططون لقضاء اسبوع سنوياً على شواطئ مرسى مطروح بسحرها وهدوئها. وينتهزون الصيف والاجازات لزيارة اقاربهم في القاهرة والمنصورة. أما الامهات فيشعرن بالهم والتوتر من قدوم الاجازة الصيفية، ومعظمهن يقول ان اليوم يفقد نظامه ويتحول المنزل الى ساحة للشجارات المستمرة بين الابناء، ويعانين من استسلام ابنائهن للتلفزيون والكومبيوتر طوال الاجازة.