قدمت الفنانة فردوس عبدالحميد خلال أكثر من 30 عاماً، اعمالاً فنية متميزة تحمل قيماً للجمهور وتفيده بقدر ما تمتعه، وبلغ عدد الاعمال التي قدمتها نحو 35 مسلسلاً للتلفزيون و11 فيلماً و18 مسرحية وما لا يقل عن 25 مسلسلاً اذاعياً. "الحياة" التقتها وسألتها عما تحب من الاعمال التي قدمتها، فأجابت: "اعتز بالكثير من الاعمال التي قدمتها. فمن الافلام هناك "طائر على الطريق" لمحمد خان، "الطوق والاسورة" لخيري بشارة، "ناصر 56" و"كوكب الشرق" لمحمد فاضل، ومن المسرحيات اعتز بمسرحية "الاسكافية العجيبة" و"لوركا" و"ماكبث" لشكسبير اخراج شاكر عبداللطيف، كذلك المسرحية الغنائية الاستعراضية "عجايب" التي كتبها الشاعر احمد فؤاد نجم وأخرجها محمد فاضل، ومسرحية "الحسين ثائراً" لكرم مطاوع. اما المسلسلات فهي جميعاً تمثل لدي شيئاً ما وأعتز بها كلها. إذا عدنا الى الوراء، كيف كانت بدايتك مع الفن؟ - كانت بدايتي مسرحية. فأنا اساساً خريجة معهد الفنون المسرحية - قسم التمثيل وكذلك خريجة معهد الكونسرفتوار - قسم اصوات. وأنا اساساً ممثلة في المسرح القومي، وفعلاً بدأت بمسرحية "الحسين ثائراً" عام 1974 ثم تلتها اكثر من مسرحية كانت السبب في معرفة المخرجين والناس بي، فرآني المخرج كمال الشيخ في احد الاعمال المسرحية وأعطاني بعدها دوراً في فيلم "على من نطلق الرصاص" مع سعاد حسني عام 1977، وهذا الفيلم كان سبباً في لفت انتباه المخرجين إليّ، فلم انتظر فترة طويلة لأعمل بل جاءتني الفرص سريعاً الواحدة تلو الاخرى. بعد هذا الفيلم جاءت فرصة البطولة وكانت مع المخرج ابراهيم الصحن، وقدمت مسلسلات عدة، ولكنها كانت في معظمها انتاجاً خاصاً وتعرض خارج مصر، واعتز جداً منها بمسلسلي "أم العروسة" و"الغريب"، ثم بعدها قدمت بطولات في مسلسلات عرضت في القاهرة وبدأتها بمسلسل "حكايات ميزو" مع سمير غانم عام 1978 ومن خلاله رآني الجمهور المصري وكان بالنسبة إليّ انطلاقة كبيرة، خصوصاً ان جمهور التلفزيون كبير والممثل الذي يحصل على فرصة مهمة في التلفزيون ينال شهرة سريعة وتتالت بعدها الاعمال. ما آخر اعمالك الفنية؟ - في التلفزيون كان آخر عمل لي هو مسلسل "بيت من قطعتين" للمخرج احمد السبعاوي، وعرض على الفضائيات الصيف الماضي، أما في الافلام فكان فيلم "كوكب الشرق" منذ سنتين، والمسرحيات كانت آخرها عام 1995 وهي مسرحية "عجايب" على مسرح البالون. حلم الغناء المسرحي ما الادوار التي تتمنين تقديمها؟ - حتى الآن لم اقدم ما يكفيني للمسرح الغنائي، فأنا لدي الامكانات ومؤهلة لذلك، ولهذا السبب دخلت الكونسرفتوار بعد تخرجي في معهد الفنون المسرحية، ذلك أنني اعشق المسرح الغنائي ولكن لأنه مكلف جداً فهو لهذا السبب غير موجود الآن، ولكن على رغم ذلك أنا لن انسى طموحي هذا في أن أقدم مسرحية غنائية استعراضية. هذا يقود الى سؤالك عن رأيك في المسرح الآن؟ - للأسف ما يقدم في المسرح الآن ليس هو ما يرضي طموحي ولا ما اتمناه، وأقصد هنا طبعاً المسرح العام لأنني لن اتحدث مطلقاً عن المسرح الخاص حالياً لأن معظمه تجاري، ولذلك أتكلم عما له قيمة والمفترض أن يكون في مسرح الدولة الذي اجده فاتراً لا يقدم اشياء تستفز الفنان بحيث تتولد لديه الرغبة ليشترك في اعماله لأن مسرح الدولة الآن يقدم مسرحيات على سبيل تأدية الواجب. إذا كان هذا هو رأيك في المسرح فماذا عن السينما؟ - الحديث عن الفن لا ينفصل. سينما ومسرح وتلفزيون كلها وحدة واحدة. لو كان المناخ صحياً وفيه تقدم وازدهار، ينعكس هذا على كل عناصر المجال الفني وتصبح جيدة، وناهضة والعكس صحيح. فأنا لا استطيع أن اقول ان هناك نهضة في الكتابة والتمثيل مثلاً في حين الاخراج سيئ؟! او العكس... لا... كل العناصر مكملة لبعضها بعضاً، وكل المجالات الفنية مرتبطة ببعضها بعضاً، فمن يكتب في مجال يكتب في الآخر، ومن يمثل هنا يمثل هناك، وبالتالي فلن يقوى جانب فني وحده. ولذلك أنا أعتقد أن هناك الآن تراجعاً كبيراً وحال المسرح لا تختلف عن حال غيره من المجالات الفنية الاخرى. ليس الجمهور من يريد هل ترين ان ما يقدم في السينما هو تلبيه لرغبة الجمهور الذي يقبل على هذه الافلام؟ - لا... لم يكن ابداً هذا ما يريده الجمهور، وخصوصاً في الشعوب النامية ولا احب ان اقول إننا شعب نام وأرفض هذا المسمى تماماً لأننا شعب نملك حضارة عمرها 7000 سنة، لكن الظروف التي يمر بها الناس هي ظروف صعبة ومتغيرة وسببت مشكلات تحضر وفكر! وهذا ما يجعل المسيرة تتراجع لأن هناك الآن جمهوراً طفلاً، انت تُملي عليه ما يجب ان يراه، هذا الجمهور الذي تحاصره مشكلات امية وتعليم واقتصاد ليس جمهوراً واعياً الوعي الكامل، ولذلك يجب على المسؤولين عن الفن والفكر أن يملوا عليه ثقافته لأنك لو ظللت تلح عليه بالرديء سيعتاد عليه ومن ثم سيطلب الرديء، لكن لو الححت عليه بالجيد سترتفع بذوقه وعندها سيحب الاشياء الجميلة وخصوصاً في السينما... جمهور السينما جمهور خاص جداً فهو حالياً الشبان الصغار وليس الكبار الفئة العمرية من 15 الى 25 سنة هذه السن لها متطلبات معينة، حتى على المستوى البيولوجي، منها أنها تريد ان ترى نفسها على الشاشة، ولذلك نلاحظ ان الجنس مهم جداً في ما يقدم، ذلك أن هذا الشباب يريد ان يرى فتيات مغريات ويحب أن يسمع نكتة يرددها بصرف النظر عن المضمون، ولانه لا يوجد تخطيط للارتقاء والارتفاع بمستوى ذوق الجمهور ككل تجدين النظرة التجارية البحتة والوقتية البحتة التي تسيطر على الانتاج السينمائي الحالي، فالمنتجون يرون ما الذي يريده هؤلاء الشباب ومن ثم يقدمونه بالمنطق نفسه الذي ساد وقت ظهور الاغاني الشبابية التي انتشرت بصرف النظر عما يغني هؤلاء المطربون؟ وربما أيضاً لا يعرف من يسمعونهم من هم هؤلاء الذين يغنون. هذا في حد ذاته مشكلة كبيرة. هذا يختلف تماماً عن الجيل الذي عاصرته أنا في الستينات، كان هناك وقتها تخطيط للارتقاء بمستوى الفكر عند الشباب، كان هناك 12 أو 15 فرقة مسرحية أقامتها الدولة لتقدم وجبات فنية قيمة ومتنوعة لمختلف شرائح الشعب المصري، كل من يريد فناً مميزاً يناسب ذوقه يجده: مسرح عالمي ومسرح شباب ومسرح كلاسيكي ومسرح حديث ومسرح كوميدي... وكانت الدولة تقدم مجموعة مسرحيات تدعم ثمن تذاكرها حتى تصبح في مقدور فئات الشعب البسيط لئلا تحرم من الفن الممتع والراقي، مؤسسة السينما أخرجت كل أجيال المخرجين والممثلين والمصورين والكتاب الذين ظلوا على الساحة 40 سنة. يجب ان يكون هناك اهتمام من الدولة بالفن والثقافة والفكر لا ان تصبح كما هي الآن اقتصاداً حراً لا يتبع الدولة. ما رأيك بسينما الشباب؟ - هذه "هوجة" وستنتهي، وارتبطت بظروف اقتصادية حالية يمر بها الناس. فالجمهور حالياً يريد الضحك للخروج من مشكلاته. لهذا يقبل على الافلام الكوميدية، ولكن اتوقع أنه بعد عامين سينصرف الناس عن هذه الافلام لأنها ليست إلا موضة نبعت من الحال الاقتصادية والظروف المتأزمة الحالية والموجودة في العالم كله وليس فقط في مصر. وهل رأيك هذا نابعاً من مشاهدتك للأفلام السينمائية الحالية؟ - أنا لا أرى هذه الافلام إلا بالصدفة البحتة، لكن لا أتعمد ان اذهب الى السينما لأراها لأنني متأكدة أنه لا يوجد بينها شيء فيه عمق، هذا لا يعني أن الفنانين الشباب هم السيئون او أن كلامي هذا يمسهم. أنا أقصد بكلامي الظروف المحيطة بهم، لأن هذا الشباب لا بد من أن يوجد في كل الاعمال الفنية، فالشباب أهم شريحة، لكن يجب ألا نستخدم هذا الشباب في الاعمال المسطحة ونقول هذه اعمال شبابية. طالما ان الكلام لا يقصد به الفنانون الشباب، من هم الذين يعجبونك من بينهم؟ - الحقيقة لا أحفظ أي اسم منهم وهذا شيء غير متعمد، ولكن ما حدث مع الممثلين الشباب الآن يذكرني بما حدث مع الاغنية الشبابية، فهم كثيرون ويشبهون بعضهم بعضاً لا تستطيع ان تعرف من هذا وماذا يقول. غير راضية خلال مشوارك هل شاركت في عمل وانت غير راضية عنه؟ - طبعاً ولهذا أسباب فأشارك في اعمال لئلا أكون بعيدة عن الساحة الفنية لفترة طويلة وأضطر الى ان انتقي من المعروض افضل السيئ بحيث لا ابتعد كثيراً، ذلك أن الغياب الطويل يضر بالفنان. هناك ملاحظة على أدوارك التي معظمها، ان لم تكن كلها، تقدم المثل والمبادئ ولم تقدمي أدواراً عكس ذلك لماذا؟ - ان عنصر الاختيار لهذه الأدوار ليس أنا بقدر ما هو المخرج الذي يختار الممثل للدور وليس العكس، ولأنني قدمت هذه النوعية من الأدوار أخذت عني هذه الفكرة فأصبحت غالبية المخرجين تضعني في هذا الإطار، ولأن ليس لدي خيارات عدة ومتنوعة في النصوص بحيث اقبل هذا وأرفض ذاك، فأنا أؤدي ما يعرض علي طالما أنه جيد، فلو توافرت لدي خيارات كثيرة عندها ستتنوع الأدوار، ولكنني احب هذه الأدوار واتسمت بها لأنني أجد فيها عنصر الايجابية، ونحن في مجتمعات نحتاج فيها الى ان نقدم المثل الاعلى الذي يقتدي به الجمهور لأن مجتمعنا ليس مجتمع الانسان الذي عنده وعي وثقافة ويستطيع ان يحلل العمل وعناصره. ما الذي حدث لفيلم "كوكب الشرق"؟ - قضية "كوكب الشرق" لن استرسل فيها الآن. هناك وقت سيأتي واقول فيه كل شيء. هناك مؤامرات حدثت وتفاصيل لا يسمح الوقت الحالي بسردها، ولكن يكفي أننا عملنا فيلماً سيظل في مكتبة السينما، أما الذين لهم اغراض فسينتهون ولا يبقى وقتها غير الفيلم والقيمة الفنية، الجميل في الموضوع انه فيلم وليس أي شيء آخر فالفيلم مثل الوثيقة، مثل الكتاب لا يموت.