بعد الملابس والالوان والموسيقى والمأكولات، هل يصبح الكومبيوتر مؤشراً جديداً الى شخصية صاحبه؟ يبدو ان الامر كذلك. ويميل بعض المحللين النفسيين، الى الحديث مثلاً، عن اختلاف بين المرأة والرجل في تعاملهما مع الكومبيوتر. ويشمل ذلك أيضاً اختيار الوان شاشته والمناظر الموضوعة على "سطح المكتب"، ديسك توب، والاشكال المفضلة في اختيار "حافظ الشاشة"، سكرين سيفر وما الى ذلك. ويبدو ان شركات الكومبيوتر لم تراع بعد أذواق الجنس الناعم بالدرجة الكافية. وقفت انتظر دوري في أحد المصارف. ووقع نظري على جهاز كومبيوتر لا يجلس امامه احد. وظهر على الشاشة "سكرين سايفر" screen saver، تألف من مجموعة حيوانات مفترسة. بدت كأنها ستلتهم من يقترب منها. تساءلت في نفسي: ترى هل يمكن أن يكون الموظف العامل امام هذه الكومبيوتر الا رجلاً؟ وبعد دقائق صح اعتقادي، وبرز امام عيني شاب مديد القامة، يجر الكرسي الموضوع امام الكومبيوتر في عنف، وجلس ثم حرك "الماوس"، وظهر "سطح المكتب" ملوناً بلون اسود قاتم. نزاع بين الجنسين وأظهرت لقاءات مع شبان مصريين من الجنسين، وجود فوارق كبيرة في النظرة الى الكومبيوتر بين الجنسين. واشارت داليا خلف 21 سنة، طالبة جامعية الى انها في نزاع مستمر مع اخيها بسبب الكومبيوتر. ويدور خلافهما على اختيار لون الشاشة، وصور "الديسك توب". تقول: "أنا أحب صورة قطة ترضع صغارها. ويفضل اخي ان تكون هذه الصورة لأسد مفترس يفتح فمه ويشهر انيابه. ويفزعني هذا المنظر عند فتح الكومبيوتر. انا افضل ان يكون لون الشاشة ازرق سماوياً فاتحاً لأنه يريح عيني وأعصابي. ويحب اخي اللون الرمادي، وهو لون يشعرني بالجفاء والرتابة والخمول". والحال ان صور الحيوانات المفترسة مفضلة لدى الشبان، لا ينازعها سوى صور الفتيات الفاتنات. ويصرح وائل سليم 22 سنة، طالب جامعي بأن صورته المفضلة على "سطح المكتب" هي صورة شاكيرا. ويميل الى جعل لون الشاشة برتقالياً مائلاً الى الاحمرار، اذ يعطيه شعوراً بالحرارة والنشاط والتفاؤل. ويضيف سليم: "لم نصل في مصر بعد الى أن يكون لكل فرد في الاسرة كومبيوتره الخاص به. وغالباً ما يكون جهازاً واحداً يستعمله كل افراد الاسرة. فلا أجد حرية في وضع ما أحبه من الصور، لأنني أعلم ان اختي ستفتحه وتغيِّر فيه. وانا مثل اصدقائي اميل الى الصور التي تعطي انطباعاً بالقوة والسيطرة والتحكم". وتشرح رانيا فوزي 23 سنة، خريجة كلية الحاسب الآلي انها تعشق منظر الغروب خصوصاً على شاطئ البحر. "هذا المنظر الهادئ الذي يثير خيالي أضع صورته على الديسك توب، واحياناً ابدله بصورة لنهر النيل واشعة الشمس التي تحوله الى سطح فضي لامع. الا انني اميل الى تغيير هذه الصورة من آن لآخر حتى أشعر بالتجدد. اغير لون "سطح المكتب" من آن لآخر. وأميل الى الالوان الهادئة والفاتحة مثل السومون والاخضر والازرق السماوي. ولا اطيق الالوان الصارخة كالفوشيا او الاحمر، ولا الباهتة كالرمادي". المرأة أكثر تنظيماً وترى السيدة اسماء حسن ان المرأة منظمة في استخدامها الكومبيوتر اكثر من الرجل. "لاحظت ان هناك فروقاً بيني وبين زوجي عند استخدام الكومبيوتر. فأنا حريصة دائماً على تغطية الجهاز الCover الخاص به بعد انتهاء الاستخدام حتى أحميه من الاتربة. وأواظب على تنظيف "الماوس" باستمرار، واشتريت أخيراً "الماوس" الذي ينظف ذاتياً بالليزر. وأحرص دائماً على مراجعة الFiles المخزنة في الكومبيوتر لأتخلص مما احتاج اليه حفاظاً على سرعة الجهاز. اما زوجي فلا يلتفت الى هذه الأمور. وغالباً ما يعبث بترتيب الايقونات icone الموضوعة على "ديسك توب". وأصرت مجموعة من الرجال على ان الفارق في التعامل يتعلق بشخصية كل فرد، وليس بالجنس. واشار وليد السيد مدرس ثانوي الى ان بعض الدراسات عن الاختلافات بين الجنسين في التعامل مع الكومبيوتر تؤكد ان المرأة لا تجيد الابحار عبر مواقع الانترنت، وتضيع وقتاً طويلاً في التصفح على صفحاته، على عكس الرجل تماماً. وتعتبر بعض النساء أن برامج الكومبيوتر لا تراعي الذوق النسوي عموماً، خصوصاً لجهة اعتمادهن الالوان الصريحة، وعدم مراعاة ميل النساء الى الالوان التي تتداخل فيها المربعات او الدوائر او المثلثات. ولاحظن أيضاً ان صور المطربين تتصدر "سطح المكتب" لفئة الشباب من الجنسين. ويفضل كل جنس استخدام صور الجنس الآخر. فالشابات يفضلن وضع صور عمرو دياب وايهاب توفيق وغيرهما. وأما الشبان فيميلون الى وضع صورة لطيفة وجواهر وشيرين. وتعكس بعض السيدات غريزة الامومة وعاطفتها نحو الابناء. وتؤكد السيدة نوال حسني ام لطفلين انها تحب ان تضع امامها صور ولديها عندما كانا طفلين. "كنت اضع هذه الصور في براويز فوق المكتب. وتبدل الامر راهناً الى وضع صور طفلي على الديسك توب على شاشة الكومبيوتر حتى ان احد زملائنا الرجال قال: كفاكم رومانسية". وتضيف حسني أن احدى صديقاتها التي اصبحت جدة أخيراً، تضع على "الديسك توب" صورة تجمع بينها وبين ابنتها وحفيدتها الرضيعة. ويبدو ان العاطفة الاسرية غالباً ما تسيطر على المرأة حتى لو كان في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة. كما لوحظ ان الرجال المتزوجين متحفظون أيضاً في استخدامهم اختيارهم هذه الصور لئلا يثيروا المشكلات الزوجية. وهم يتجنبون وضع صور المطربات او الممثلات، خصوصاً من الجيل الجديد، ويرتضون ما تختاره الزوجات من الصور و"السكرين سيفر" والالوان. من جهة اخرى تؤثر هوايات الانسان وثقافته في اختياراته الكومبيوتر. ويضع المراهقون المولعون بالرياضة صور ابطالها، ويفضل المغرمون بالرسم والفنون وضع اللوحات الفنية على اجهزة الكومبيوتر.