أعلن وزير الداخلية اللبناني الياس المر مساء أول من أمس انه سيتحمل مسؤوليته في الغاء الجنسية لآلاف الفلسطينيين ولغيرهم ممن استحصلوا عليها "من دون حق"، فيما دعا رئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص وزارة الداخلية الى "عدم استسهال إبطال جنسية الذين منحوا إياها فعمدوا الى تكييف حياتهم وظروفهم تبعاً لذلك". وبذلك بدأت تداعيات قرار اعادة النظر في ملف المجنسين تتكثف سياسياً وقانونياً، بعدما قرر مجلس شورى الدولة في لبنان إحالة ملفات الحاصلين على الجنسية اللبنانية منذ العام 1994 الى وزارة الداخلية. وسيعلن المر الأسبوع المقبل تشكيل لجنة لدرس ملفات الجنسية التي منحت لفلسطينيين أو لمن تقدموا بوثائق مزورة لتقدم تقريراً له "خلال شهور لا سنوات" كما قال، فيما تفاوتت الآراء بشأن الصيغة القانونية لنزع الجنسية عن البعض. وإذ رأى مسؤولون ان القانون يخول دوائر الأحوال الشخصية اقتراح شطب قيد أي اسم بموافقة الوزير المختص في حال اكتشاف تزوير للمستندات، اعتبر آخرون ان نزع الجنسية يفترض أن يتم بمرسوم يوقعه الوزير المختص ورئيسا الجمهورية والحكومة، كما قال المر ايضاً، كذلك وزير العدل بهيج طبارة الذي أوضح انه يعود أيضاً لصاحب العلاقة من تنزع منه الجنسية ان يطعن بأي قرار أمام مجلس شورى الدولة بدوره. وكان المرسوم منح الجنسية لنحو 160 ألف شخص قبل تسع سنوات. ورأى الحص ان "قرار مجلس الشورى يعني ان الحكومة التي اتخذت قرار التجنيس ارتكبت خطأ فادحاً وربما خطيئة". وسأل "من يحاسب المسؤولين عن هذا الخطأ؟ هل نترك ذلك للتاريخ وهؤلاء ما زالوا يصادرون الحاضر والمستقبل في الساحة السياسية؟". ورحب الحص بقرار مجلس الشورى، لكنه اعتبر ان "مرسوم التجنيس اوجد واقعاً جديداً لعشرات الألوف تترتب عليه نتائج لا يمكن الغاؤها من دون التسبب في كثير من المعاناة للمعنيين، إذ ان منهم من تملك بيتاً او عقاراً بصفته لبنانياً، ومنهم من التحق بوظيفة عامة او خاصة، ومنهم من تزوج وانجب اولاداً بهذه الصفة، وأكثرهم مارس حق الاقتراع وكان لأصواتهم تأثير في الانتخابات"، سائلاً: "أما كان في امكان مجلس الشورى ان يتخذ قراره في هذا الشأن قبل سنوات؟". وقال وزير البيئة فارس بويز انه كان يفضل ان "يلغي مجلس الشورى مرسوم التجنيس برمته بسبب غلبة الاخطاء فيه على الايجابيات وبسبب الكمية الكبيرة من المخالفات التي ضربت صدقيته، لتعود الدولة في هدوء الى درس كل ملف على حدة". واعتبر ان "هناك بعض الغموض في قرار مجلس الشورى". وأبدى خشيته من "ألا تتمكن وزارة الداخلية من اعادة التدقيق في كل الاخطاء الحاصلة وأن تستغرق المسألة وقتاً طويلاً ويبقى المجنسون في انتظار التأكد من وضعهم". وقالت مصادر رسمية أن إبطال الجنسية التي منحت الى فلسطينيين سيستند الى الفقرة ط من مقدمة الدستور اللبناني التي تنص على "لا توطين". وتمنى ممثل حركة "حماس" في لبنان اسامة حمدان رداً على سؤال ان "تكون هناك سياسات واضحة في دعم الموقف الفلسطيني المتمثل في حق العودة". وقال ان "قرار مجلس الشورى والتجنيس في حد ذاته شأن سيادي لبناني داخلي وحركة المؤسسات الدستورية والقانونية هي التي ستؤدي الى وضع الامور في نصابها وستحدد من يحصل على الجنسية ومن لا يحصل عليها". وأضاف: "نحن مقتنعون بأنه حتى لو حصل بعض الفلسطينيين على الجنسية، فإن ذلك لن يحل مشكلة اللاجئين ولن يلغيها لأن الحصول على جنسية لا يسقط حقاً آخر في فلسطين".