دخلت القوات الاميركية بغداد وسيطرت بسهولة على منطقة الكرخ، أي الضفة الغربية لنهر دجلة الذي يقسم العاصمة العراقية الى جزئين. ويمثل توغل القوات، التي كانت مؤلفة من أكثر من سبعين دبابة طراز "ابرامز" وحوالي 50 ناقلة جند مصفحة طراز برادلي "وام - 113" مصحوبة بدعم جوي قريب من طائرات "إم 10" و"ور هوغ" و"إف 16"، دليلاً جديداً لغالبية المراقبين والخبراء الى أن القيادة العراقية لا تملك القدرة على صد الآلة العسكرية الغربية. وحسب مصدر عسكري أميركي مطلع فإن القيادة الاميركية باتت قادرة على قراءة خطط دفاع العراقيين وأساليب قتالهم وهي تتعامل معها بشكل فاعل وحاسم. وأضاف أن القوات العراقية تعمد الى نشر دباباتها ومدافعها بمواقع ثابتة وتنشر حولها فرقاً من المشاة المسلحين ببنادق رشاشة وقاذفات "آر بي جي" المضادة للدروع. وقال أن ما تقوم به القوات الأميركية هو ارسال طائرات هجومية لقصف الدفاعات الأرضية، مثل صواريخ "سام"، من ارتفاعات متوسطة مستخدمة قنابل ذكية، ومن ثم ترسل طائرات "إم 10" المختصة باصطياد الدبابات لتدمير المدرعات والآليات العراقية حيثما تجدها، ومن ثم تتقدم طوابير المدرعات الأميركية والبريطانية لتتعامل مع فرق المشاة والميليشيات العراقية. ولقد اكتشف المقاتلون العراقيون بأن قاذفات "آر بي جي"، والتي كانت بين الستينيات والثمانينات، سلاحاً فتاكاً ضد الدبابات، بأنها لم تعد تؤثر بتدريع الدبابات الحديثة مثل "ابرامز" الأميركية و"تشالنجر 2" البريطانية والتي تتكون من أنواع مختلفة من المعادن الممزوجة بالفولاذ يصعب على الحشوات الصغيرة المتفجرة لصواريخ "آر بي جي" اختراقها. وكانت صواريخ "آر بي جي" ترتد عن دبابات "ابرامز" و"تشالنجر" كطابات التنس في حين كانت هذه الدبابات تدمّر وتقتل ما يعترض طريقها من جنود وآليات. ويتوقع بعض المحللين أن تقدم قوات "التحالف" على احتلال المنطقة التي تحتوي على المباني الحكومية والقصور الرئاسية في منطقة الكرخ في بغداد حتى تثبت للعالم بأنها تملك موطئ قدم في العاصمة العراقية. كما يتوقع المحللون أن تكتفي قوات التحالف بتطويق العاصمة وسد منافذها كافة من دون محاولة اقتحام الضفة الشرقيةلبغداد والتي تحتوي على الأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين ما سيؤدي الى سقوط أعداد كبيرة من الخسائر البشرية. وفي حال استطاع نظام الرئيس صدام حسين أن يصمد ويستمر في الأيام المقبلة، فإن المحللين يتوقعون أن تقدم القيادة الأميركية على اعلان ادارة موقتة للعراق تقوم باستخدام المباني الحكومية المحتلة في بغداد لإدارة شؤون البلاد متجاهلة النظام العراقي. وفي هذا الوقت تستمر فرق مشاة البحرية الملكية البريطانية بتضييق الخناق على مدينة البصرة مستخدمة اسلوب القضم للسيطرة عليها بشكل تدريجي وبأقل خسائر ممكنة. وقد وصلت هذه القوات الى وسط البصرة بعدما لاحظت تراجع حدة المقاومة العراقية وستستمر بعمليات التقدم السريعة حتى تنهار دفاعات المدينة كافة. وباتت قوات "التحالف" تسيطر بشكل تام اليوم على مدن النجف وكربلاء والكوت والسماوة ومعظم الناصرية. وحسب المصدر العسكري الأميركي ستركز القيادة الأميركية جهودها في الأيام المقبلة على الجبهة الشمالية من أجل اتمام السيطرة على حقول النفط ومدينتي الموصل وكركوك. يبقى السؤال لدى غالبية المراقبين الأميركيين عن مكان الرئيس العراقي، وهل لا يزال على قيد الحياة. يعتقد البعض أنه موجود في ضواحي تكريت، مسقط رأسه. وتعمل القوات الخاصة الأميركية على سد منافذ تكريت والطرق التي تربطها ببغداد والحدود مع ايران وسورية بهدف منع الرئيس العراقي وكبار معاونيه من الفرار. ومن غير الواضح للمراقبين حتى الآن ما الهدف الذي يجب تحديده لتعتبر واشنطن أنها كسبت الحرب: هل هو سقوط النظام وقتل رموزه أو اعتقالهم، أم العثور على أسلحة الدمار الشامل وتدميرها، أم استسلام المحاربين العراقين كافة؟ فعلى رغم أن الأهداف العسكرية وسبل تحقيقها توضحت وتم تحقيق معظمها، فإن الهدف الاستراتيجي للحرب لا يزال مبهماً.