جهاز في غرفة الجلوس، وجهاز في المطبخ وثالث في غرفة النوم، ومعظم الاحيان رابع في غرفة الاولاد، ومن المؤكد ان هناك جهاز كومبيوتر يمكن مشاهدة الافلام الحديثة عبره. ربما في هذا الكلام بعض المبالغة، لكن كثيراً من العائلات السويدية يقتني جهازي تلفزة على الاقل في المنزل. ولا تشير هذه الوقائع إلى الرفاهة التي يتمتّع بها المجتمع السويدي فحسب، بل أيضاً إلى الرغبة في تجنب الخلافات بين افراد العائلة. وفي الاوضاع "الحربية" التي نعيشها الآن وفي ظل اهتمام معظم شعوب العالم بالذي يحصل في العراق، يمكن ان تزداد الخلافات بين افراد العائلة، كعائلة ان - شارلوت بيورنستاد، السويدية وزوجها الاردني روجر اللذين يعيشان في العاصمة استوكهولم منذ نحو اربع سنوات. تبدي شارلوت اهتماماً كبيراً في مشاهدة البرامج الوثائقية والرياضية ويعير روجر اهتماماً اكبر للأخبار، وبخاصة الاخبار العربية لمتابعة المستجدات عموماً وفي العراق تحديداً. تقول شارلوت ل"الحياة" "ان المشكلات التي قد تنجم عن تنوع البرامج التلفزيونية بين افراد العائلة، ليست منتشرة كثيراً في السويد بسبب ما نعيشه من بحبوحة اقتصادية. معظم البيوت تملك اكثر من جهاز واحد، وهذا يمكن افراد العائلة من مشاهدة برامج مختلفة. وتشرح شارلوت انها لا تواجه الكثير من المشكلات مع زوجها، فهما يملكان "جهازاً في المطبخ وآخر في غرفة النوم، اضافة الى جهاز صغير خاص بزوجي يضعه اينما يرغب". شارلوت التي عملت لفترة طويلة في السفارة السويدية في الاردن هي ايضاً تهتم بالذي يجري في المنطقة العربية. ولكن من المعروف عن الشعب السويدي أنه شعب يقرأ الصحف بكثرة، اذ ان اكثرية البيوت تشترك في صحيفة يومية واحدة على الاقل، لذا هناك مصادر متعددة لمتابعة الاخبار. ولكن هذا لا يعني ان الخلافات على جهاز التلفزة ليست موجودة، اذ تقول شارلوت ان "وجود اجهزة تلفزة عدة في البيت الواحد يقلل من الخلافات ولكنه لا ينهيها. فأنا احيانا ارغب في ان اشاهد برنامجي المفضل في غرفة الجلوس التي في الوقت نفسه قد يكون يجلس فيها زوجي ويشاهد قناة "الجزيرة" لمتابعة اخبار الحرب. هذا يدفعنا الى مناقشة الوضع والتوصل الى حل يرضي الاثنين. احياناً اتنازل أنا وأذهب الى المطبخ، وأحياناً يقدم هو بعض التنازلات ويجلس في المطبخ". تعتقد شارلوت ان ازدياد القنوات التلفزيونية في الآونة الاخيرة سبب رئيس لخلق خلافات بين افراد العائلة الواحدة، "فأنا اتذكر انه قبل ثورة القنوات التلفزيونية هذه لم يكن في السويد سوى محطتي تلفزة: القناة الاولى والثانية. وهذا طبعاً يقلص من الخيارات المتعددة. اما الآن فإن الاولاد يريدون مشاهدة مباراة هوكي، وأنا اريد مشاهدة فيلم وثائقي عن الحيوانات، وزوجي يريد مشاهدة الاخبار العربية، هذا يجبرنا على التفاوض بعض الاحيان من اجل التوصل الى اتفاق يرضي الجميع". تعتقد شارلوت ان الشعب السويدي يبدي اهتماماً كبيراً بما يجري من احداث في الدول العربية، وتطورات الحرب في العراق اذ ان "ما يحصل في العراق يعنينا ايضاً". وتقول ان هناك علاقات قديمة بين اوروبا والدول العربية كما ان هناك جالية عربية كبيرة في السويد، وفي ظل الظروف التي نعيشها فإن الحروب اصبحت من دون حدود. قتل مدنيين في العراق يؤجج المشاعر عند بعض الناس الذين يتخذون بعض الأحيان العنف طريقة للتعبير عن رفضهم للذي يجري. ويلاحظ انه بعد احداث الحادي عشر من ايلول سبتمبر اصبح المواطن السويدي يتابع نشرات الاخبار باستمرار، ولكن تبقى الاهتمامات الشخصية طاغية بعض الاحيان على اهمية الحدث ويبقى الاطفال يهتمون ببرامجهم، والأم بمسلسلها الشهير والأب بنشرة الاخبار، لذا فإن تعدد اجهزة التلفزة في البيت السويدي الواحد يساهم في حل المشكلة التي تواجهها شعوب العالم الاخرى، وهي الاختلاف على القناة التلفزيونية التي يريد كل فرد في العائلة مشاهدتها.