شهدت مرحلة الدعاية الانتخابية في اليمن التي انتهت امس تنافساً محموماً بين الاحزاب السياسية والمرشحين المستقلين، ومواجهة سياسية واعلامية هي الأكبر عشية الانتخابات النيابية التي تجرى غداً للمرة الثالثة في البلاد منذ تحقيق الوحدة عام 1990. وازدانت شوارع صنعاء وبقية المدن والقرى اليمنية وميادينها باللافتات والشعارات وصور المرشحين، إضافة الى الرموز الانتخابية للأحزاب السياسية التي أخذت حيزاً كبيراً من الدعاية، خصوصاً بين الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للاصلاح الاسلامي المعارض. ففاخر المؤتمريون برمزهم "الخيل" على رمز الاصلاح "الشمس"، باعتبار الجواد جامحاً وقوياً وأصيلاً. فيما يصف الاصلاحيون شمسهم بأنها تعبير عن الوضوح والحقيقة والبهاء. وتحولت صورة جارالله عمر الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي الذي اغتاله أحد المتطرفين الاسلاميين أواخر العام الماضي رمزاً حزبياً لمرشحي الحزب الاشتراكي طغى حضوره في أذهان الناس والناخبين أكثر من رمز الحزب "النجمة الحمراء تتوسط علماً أزرق"، من وحي "البروليتاريا" المنقرضة فكراً والباقية ربما "شعاراً" لا أكثر بالنسبة الى الاشتراكي الذي يشارك بحماسة في الانتخابات هذه المرة بعدما قاطع الدورة السابقة عام 1997. ويتوقع ان يحصل على نتائج "مناسبة" في إطار التحالف القائم بين أحزاب المعارضة. المؤتمر الشعبي العام الحاكم الذي يسعى الى قص أجنحة غريمه الاسلامي، حليفه السابق، التجمع اليمني للاصلاح يتطلع الى استعادة الغالبية المريحة... والمريحة جداً في مجلس النواب المقبل وكسر نفوذ "الاصلاح" في عدد من الدوائر التي فاز بها في انتخابات عام 1997 خصوصاً في محافظات تعز وحضرموت وإب. ودفع "المؤتمر" بمرشحيه في 972 دائرة من أصل 301 تمثل مقاعد البرلمان. ويتقدم "الاصلاح" كأبرز منافس للحزب الحاكم حيث قدم 185 مرشحاً... ويتطلع بأن يثمر تحالفه مع أحزاب المعارضة تحت ما يسمى "أحزاب اللقاء المشترك"، تحقيق نسبة أعلى مما حقق في مجلس النواب السابق 64 مقعداً، حيث نسق مع الاشتراكي الذي دفع بمرشحين في 105 دوائر فقط، ومع التنظيم الوحدوي الناصري وله 63 مرشحاً في عدد من الدوائر التي لا يجد الاصلاح نفسه حاضراً فيها أو مؤثراً بما فيه الكفاية... اما الاشتراكي فيحاول تحقيق مكاسب لاستعادة فاعليته البرلمانية حزباً معارضاً. ويتنافس في الانتخابات 1396 مرشحاً في مختلف المحافظات على 301 دائرة انتخابية مقعد برلماني، بينهم 405 مرشحين مستقلين والباقون يمثلون الأحزاب السياسية التي يأتي المؤتمر الشعبي العام في طليعتها. وأقيم 5620 مركزاً للاقتراع وسط أجواء أمنية مشددة حشدت لها السلطات نحو 70 ألف جندي من قوات الأمن والجيش. وتشارك الاحزاب بنسبة 92 في المئة من اللجان الانتخابية وثمانية في المئة حصة اللجنة العليا للانتخابات فيها. وتميزت مرحلة الدعاية الانتخابية طوال ثلاثة أسابيع بمواجهة ساخنة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة تخللها تبادل اتهامات بارتكاب خروقات قانونية ومخالفات وتهديد للناخبين... مما أثار القلق الشعبي وأجهزة الأمن من حدوث احتكاكات بين أنصار الأحزاب يوم الاقتراع وفرز الأصوات. أما المرشحون فسلك بعضهم كل الطرق للوصول الى جمهور الناخبين مستخدماً كل الوسائل والامكانات بما فيها الكثير من الوعود ب"مستقبل باهر".