تدفق آلاف من الشيعة العراقيين على مدينة كربلاء امس لإحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي، وتستمر اليوم هذه الاحتفالات التي تخللتها هتافات مناهضة للولايات المتحدة. وتوقفت حركة المرور تماماً أمام حشود يجلدون انفسهم ويدمون أجسادهم، وهم يرددون المديح للإمام الحسين. وتوقع زعماء الشيعة مجيء اكثر من مليون شخص الى المدينة التي تبعد 110 كيلومترات جنوببغداد. وكان الرجال يرتدون الملابس البيضاء ويركبون شاحنات مفتوحة ويحملون لافتات من بينها لافتة كتبت بالانكليزية تقول "ثورة الإمام الحسين هي صرخة في وجه الطغاة". وصوراً مرسومة للإمام الحسين وللإمام علي. وحمل بعضهم اعلاماً سوداء حداداً على الحسين وحمل بعضهم الآخر اعلاماً خضراء، بينما جلست النسوة المتشحات بالسواد على جانبي الطريق واخذن يضربن صدورهن. وسار كثيرون حفاة في الطرق الترابية في أجواء حارة ليصلوا الى كربلاء. وما ان يطل المشاركون على مرقد الإمام حسين حتى يبدأ الزحف وصولاً الى الضريح الذي تعلوه قبة مذهبة. وكانت مثل هذه الاحتفالات محظورة في ظل النظام السابق الذي استمر 24 عاماً، وتعرض خلاله الشيعة للقمع وحظر طقوسهم الدينية. وبقي الجيش الاميركي خارج المدينة وعند مشارفها. ويأمل عدد من الشيعة ان يظهروا وجودهم من خلال هذا الموكب، فيما تعطي المناسبة بعداً سياسياً اكيداً. وأفاد مراسل وكالة "فرانس برس" ان هتافات مناهضة للولايات المتحدة اطلقت في "مدينة كربلاء حيث هتف الآلاف ضد الاحتلال والاستعمار"، ورددوا شعارات منها "لا للاستعمار، لا للاحتلال، لا للامبريالية". وراء رجل دين كان واقفاً على شاحنة تتقدم المتظاهرين، كما اطلق الحشد هتافات مناهضة لاسرائيل. وفي الصباح الباكر تجمع نحو ثلاثين شخصاً أمام فندق يقيم فيه الصحافيون الأجانب وصاحوا بالانكليزية "لا لأميركا لا لصدام نعم للاسلام". ودعا المرجع الشيعي السيد محمد سعيد الحكيم المقيم في النجف، في بيان تلقت "الحياة" نسخة عنه ان تكون الزيارة "حسينية خالصة". وقال متوجهاً الى المشاركين: "لا تخرجوا بها عن ذلك الى ما هو اجنبي عنها، بحيث تكون مسرحاً لترويج الاتجاهات المختلفة، والشعارات المتضاربة، ويستعملها ذوو المصالح والأهواء. فإن ذلك يخرجها عن حقيقتها التي أرادها لها أئمتنا، ويشوّه صورتها، بل قد يسير بها ذلك للتناحر والمصادمات التي تكون مبرراً لمنعها، وسبباً للتنصل منها وتحجيمها، أو القضاء عليها، كما رأيناه في العصور السابقة في بعض فترات الصراع الداخلي... لا تخرجوا عن ذلك وتميل بكم الأهواء وتنخدعوا بالشعارات البراقة والدعوات الجوفاء". في واشنطن، اكدت الولاياتالمتحدة انها غير قلقة من التظاهرات التي ينظمها الشيعة العراقيون للمطالبة برحيل قواتها، وترى فيها بالأحرى اشارة الى حرية تعبير جديدة. ورداً على سؤال عن هذه التظاهرات التي ينظمها الشيعة، أعلنت الخارجية الاميركية انها متفائلة للغاية. وقال الناطق باسم الوزارة ريتشارد باوتشر ان "الناس يتظاهرون وبعضهم ضد الولاياتالمتحدة. بعضهم يشكل أحزاباً سياسية وآخرون يصدرون المنشورات، ان الناس يتحدثون وكما لم يفعلوا ذلك أبداً من قبل، انه لأمر رائع". ومن جهة اخرى، قلل مسؤول اميركي فضل عدم الكشف عن هويته من امكان جنوح العراق نحو جمهورية اسلامية على غرار ايران المجاورة. وقال ان "العراق علماني تقليدياً. لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن الشعب العراقي سيقيم دولة عراقية غير علمانية". وأوضح ان واشنطن تتابع بانتباه التظاهرات الشيعية، وأوضح انه لن يفاجأ اذا حاولت ايران التأثير على الشيعة، لكنه اكد ان هذا الأمر لا يزعج واشنطن في الوقت الراهن.