في 24 من نيسان ابريل 1915 من كل عام، يحيي الأرمن ذكرى ضحايا أول مذبحة جماعية عنصرية في القرن العشرين ارتكبتها الدولة العثمانية في حق الشعب الأرمني، وذهب ضحيتها زهاء مليون ونصف المليون من الأرمن، أكثرهم من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب العزّل. ومنهم من قتل بالرصاص غدراً، ومنهم من هشمت رؤوسهم بالصخر، ومن رمي بهم من أعلى الجبل ليلاقوا حتفهم، ومنهم من ماتوا هلاكاً من الجوع والعطش في الصحراء وخصوصاً صحراء دير الزور في سورية. أما النساء فقد تحملن الأمرين. فبعض الفتيات تعرضن للاغتصاب، والحوامل بقرت بطونهن، والجميلات أخذن عنوة هدية للضباط والمسؤولين. وهنالك كثير من النساء والفتيات قتلن أنفسهن حرقاً أو غرقاً. أما أفراد الطبقة المثقفة، من الكتاب والمحامين والأطباء والمفكرين والشخصيات المرموقة في المجتمع الأرمني، فقد جمعوهم في 24 نيسان لتصفيتهم جميعاً. فأصبح هذا اليوم الرهيب يوم الشهداء الأرمن. ومن حالفهم الحظ ونجوا بأعجوبة من المجازر الرهيبة وهم قلة فلجأوا الى البلاد العربية المجاورة، مثل سورية ولبنان والعراق، واستقر أكثرهم فيها، واستقبلوا برحابة صدر، وكرم ضيافة، وحسن معاملة. وكان هذا الاستقبال الرائع، من الشعب العربي، البلسم الذي خفف من آلام المنهكين والمتعبين. ونحن، أحفادهم، نعتبر ذلك ديناً عليناً لا نستطيع إيفاءه، مهما فعلنا وقدمنا للبلاد والشعوب العربية المضيافة والكريمة. وفي المقابل لا ننسى التواطؤ الغربي آنذاك، وذلك استرضاء للدولة العثمانية، حليفتهم في الحرب العالمية الأولى. وعلى رغم أن تدويل القضية الأرمنية أثمر اعترافات مثل اعتراف لجنة فرعية لحقوق الانسان، التابعة للأمم المتحدة، في التاسع والعشرين من آب اغسطس 1985 بحرب الإبادة التي تعرض لها الأرمن، ثم اعتراف البرلمان الأوروبي بها، في 18 حزيران يونيو 1987، واعتراف الجمعية الوطنية الفرنسية، بالإجماع، في 29 أيار مايو 1998، ونص على أن "فرنسا تعترف علانية بحصول عملية إبادة للأرمن العام 1915"، واعتراف أكثر البرلمانات الأوروبية والعالمية ومنها العربية مثل البرلمان اللبناني - ظلت القضية الأرمنية بلا حل، والمجازر وحرب الإبادة بلا اعتراف من الحكومات التركية المتعاقبة وريثة الدولة العثمانية. الكويت - بيرج كينجويان [email protected]