أكدت المملكة العربية السعودية ومصر ضرورة تحقيق الأمن والاستقرار في كل الأراضي العراقية في أسرع وقت ممكن، ودعتا الى تمكين الشعب العراقي من اختيار الطريقة التي يراها لادارة شؤونه. جاء ذلك في ختام محادثات أجراها أمس خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في الرياض مع الرئيس المصري حسني مبارك الذي قام بزيارة قصيرة للعاصمة السعودية، المحطة الرابعة والأخيرة في جولة عربية له شملت سورية والبحرين ودولة الامارات. وفيما شدد الرئيس السوري بشار الأسد على أهمية "أن يقرر الشعب في العراق مصيره بنفسه"، أكد أن سورية "توافق على ما يقبل به الفلسطينيون" في إشارة إلى "خريطة الطريق". وأعربت دمشق عن أملها بحوار "جدي ومثمر" مع واشنطن، مؤكدة "قدرتها على التكيف مع الظروف الجديدة". وأفادت وكالة الأنباء السعودية ان المحادثات مع الرئيس مبارك والتي شارك فيها ايضاً النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز تناولت كذلك الأوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة و"ما يتعرض له الشعب الفلسطيني على أيدي القوات الاسرائيلية"، اضافة الى مستجدات الأوضاع العربية والدولية، وعرض آفاق التعاون بين البلدين. وعلم من مصدر ديبلوماسي في الوفد المرافق لمبارك الذي كان عقد جولة محادثات مغلقة مع ولي العهد السعودي، ان المحادثات تناولت أربعة محاور هي العراق والتهديدات الأميركية لسورية وعملية السلام في الشرق الأوسط وقضايا التعاون بين مصر والسعودية. وأشار المصدر الى ان الجانبين أكدا في الشأن العراقي ما جاء في بيان المؤتمر الاقليمي في الرياض من ثوابت، على صعيد رفض الاحتلال والحفاظ على وحدة العراق، والعمل لتسريع "قيام حكومة وطنية تتفق وارادة الشعب العراقي". وأكد الجانبان في هذا الصدد رفضهما الاعتراف بأي حكم عسكري في العراق، كما رفضا استغلال موارد العراق الطبيعية من دون موافقة عراقية، وضرورة ان تتولى الأممالمتحدة دورها في التعامل مع أوضاع العراق بعد الحرب. وكان مجلس الوزراء السعودي أكد في ختام جلسته التي رأسها أمس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز عدم قبول أي تدخل في الشؤون الداخلية للعراق والحرص على قيام حكومة عراقية شرعية وفقاً لارادة الشعب العراقي ليتسنى للعراق، مواصلة القيام بدوره التاريخي والعيش في سلام وتجانس مع جيرانه. وفي شأن التهديدات الأميركية لسورية، أشار المصدر الديبلوماسي المصري الى أن السعودية ومصر أبدتا ارتياحهما إلى انفراج الموقف بين واشنطنودمشق. كما أعرب الجانبان عن أملهما بتسريع تشكيل الحكومة الفلسطينية تمهيداً لإعلان "خريطة الطريق" لإحلال السلام في الشرق الأوسط. وكان مبارك وصل إلى الرياض آتياً من أبوظبي حيث أجرى محادثات مع رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تناولت الوضع في العراق وتطبيق "خريطة الطريق" بين الفلسطينيين وإسرائيل. وشدد الجانبان على أهمية "وحدة العمل العربي والحفاظ على وحدة العراق وتجنيبه الصراعات الداخلية، والسعي إلى تحقيق الاستقرار وسيادة القانون والحفاظ على تراث العراق وحضارته، وإقامة حكومة عراقية شرعية في بغداد سريعاً". إلى ذلك، رحبت دمشق بتأكيد الرئيس الأميركي جورج بوش وجود مؤشرات "ايجابية" سورية، وشدد الرئيس السوري بشار الأسد على أهمية "أن يقرر الشعب في العراق مصيره بنفسه". وعن مسألة "خريطة الطريق" على المسار الفلسطيني، قال الأسد إن بلاده "توافق على ما يقبل به الفلسطينيون، ومتطلباتها واضحة، وهي في المقام الأول عودة الجولان". وأعرب وزير الخارجية السوري فاروق الشرع عن أمله بأن يكون كلام بوش "بداية لحوار جدي وبناء بين دمشق والولايات المتحدة"، موضحاً أن وزير الخارجية الأميركي كولن باول "سيزور سورية لاجراء حوار، وهو ليس آتياً من أجل املاء أوامر وتقديم مطالب". وذكر أن النقاش مع باول سيتناول كل القضايا ذات الاهتمام المشترك بما فيها "الصراع العربي - الإسرائيلي وعملية السلام وخريطة الطريق وموقفنا منها والقضية العراقية ومستقبل قوات الاحتلال الأميركية - البريطانية، وما هو المخرج من هذه المشاكل، والمشاكل التي تواجهها المنطقة ويواجهها الأميركيون والبريطانيون في العراق". وشدد الشرع على "المبادئ الثابتة" لسياسة دمشق، وأضاف: "قدرتنا على التكيف مع المعطيات والظروف الجديدة معروفة للجميع". وفي عمّان، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أمس أنه ناقش مع المسؤولين الأردنيين "آليات التحرك العربي لعدم قبول أي حكومة مفروضة على العراق من الخارج"، مشدداً على أن "الحكومة التي سيتعامل معها الجميع هي التي تنبع من شعب العراق وبإرادته". وقال في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأردني مروان المعشر، إن الحديث عن استقالته "ليس وارداً الآن، لأن أمام الدول العربية أجندة طويلة من العمل في الشأنين العراقي والفلسطيني، وهناك فرصة للنجاح فيهما". أما المعشر فأكد أن "الأردن الذي سيتعامل مع أي إدارة موقتة في بغداد، لن يعترف إلا بحكومة ينتخبها شعب العراق، تمهد لانسحاب قوات الاحتلال"، من هذا البلد. واعتبر أن "ارسال قوات عربية لحفظ الأمن والسلام في العراق سابق لأوانه في غياب الحديث عن الآلية التي تسمح بذلك، إذ أن الصورة لم تتضح بعد حول المظلة التي ستعمل تحتها مثل هذه القوات".