الإقبال على الأفلام هذه الأيام ليس بحرارة الفترة ذاتها من العام الماضي 23 في المئة أقل، لكن أحداً لا يعرف اذا كانت الحرب العراقية هي السبب، ام أن السبب الوحيد يكمن في نوعية الأفلام ذاتها. لكن ذلك لن يعدّل من برنامج مرسوم وضعته هوليوود لأفلامها المقبلة وبرمجته تمنياً بصيف لاهب آخر ككل صيف، سواء أنتهت الحرب سريعاً أم استمرت هي وتبعاتها. لكن قبل أن تفكر هوليوود في الصيف، عليها أن تفكر - ولو قليلاً - بالربيع، وواجهته الرئيسة هي المهرجان الدولي السنوي الذي يُقام في "كان" من 14 الى 25 أيار/ مايو هذا العام. فالعادة جرت أن تحسب هوليوود لهذا المهرجان حساباً كبيراً. صحيح أن المسابقة الرسمية قلما شهدت فيلماً هوليوودياً نمطياً مشاركاً، لكن الإنتاجات الكبيرة عادة ما تفتتح المهرجان او تختمه. كذلك، تدخل في صلب العروض الرسمية الخاصة خارج المسابقة حاملة نجومها ومخرجيها لتنصبهم أمام الكاميرات. واذا ما أضفت تسلل السينمات المستقلة والأفلام الصغيرة الى تظاهرات المهرجان وجوانبه المختلفة وأضفت مئات السينمائيين من موزعين ومنتجين وصحافيين الذين يأتون خصيصاً من نيويورك وهوليوود للإشتراك في المهرجان الفرنسي وانجاز "البزنس" الذي من المنتظر لهم إنجازه فإنك تكاد تخرج بالصورة الكاملة لعالم زاخر قائم على صرح اقتصادي - تجاري لا مثيل له في أي مهرجان آخر. كل ذلك قد لا يكون في متناول الدورة الجديدة المقبلة، ليس بهذا الحجم على الأقل. وهناك أكثر من سبب في مقدمها الموقف السياسي العالق بين اميركا وفرنسا الى حين آخر وشعور الأميركيين بأنهم مكروهون في العالم وفي فرنسا بالذات. الى جانب الخوف من تلك الجرثومة الغامضة التي لا موطن لها والتي تبدو كما لو كانت تترصد الأماكن المزدحمة بالناس ... ولعلها ليست سوى أعذار لفسخ الشراكة بين هوليوود التي تعبر عن أميركا منعزلة، وبين فرنسا التي تقف ضد الهيمنة. إذا كان من المبكر الحديث عن هذا الموضوع على نحو يتجاوز الإحتمالات المطروحة تلك، فإنه ليس من المبكر الحديث عن جنون العروض السينمائية التي ستنطلق فعلياً في أسبوع انطلاقة الدورة السادسة والخمسين لمهرجان "كان". فعلى خريطة شهر أيار نجد "رجال × 2" الجزء الثاني من الفانتازيا - الأكشن التي تتحدث عن مخلوقات شبه بشرية بقدرات خارقة الذي يقوم ببطولته هيو جاكمان وباتريك ستيوارت. بعده مباشرة يعود كيانو ريفز في الجزء الثاني من "ماتريكس" والجزء الثالث لن يكون بعيداً اذ سينطلق في بدايات الخريف المقبل. "ماتريكس" في اعتقاد الجهاز الإعلامي للشركة المنتجة فوكس هو "البداية المتفجرة" للصيف. في الشهر التالي نجد "العملاق" The Hulk المأخوذ عن المسلسل التلفزيوني القديم، يليه "فريق السادة المميزون" من بطولة شون كونيري وكان تعرض لإشاعات تحدثت عن خلافات بين بطله ومخرجه ستيفن نورينغتون و"ترميناتور 3" مع ارنولد شوارزنيغر في البطولة. وعلى "ترميناتور 3" أن يدافع عن مركزه ضد شيء أسمه "هلدورادو" وهو فيلم جديد من بطولة "ذ روك"، المصارع المتحوّل الى التمثيل والذي قام ببطولة "سكوربيون كينغ" من قبل. والممثلات البطلات يشتركن في ماراثون الصيف. أنجلينا جولي ستعلم الرجال درساً أو درسين في القتال دفاعاً عن مبادئها الإنسانية في "لارا كروفت 2". في الوقت ذاته ستسعى درو باريمور، كاميرون دياز ولوسي لو الى القضاء على عصابة أخرى، لا فرق ماذا تفعل ومع من او ضد من... المهم هو أن "ملائكة تشارلي 2" سيصوغ مغامرة أخرى للممثلات الثلاث اللواتي يضربن ويقهرن ويخاطرن بحياتهن في كل دقيقة ولديهن وقت للإعتناء بجمالهن في الوقت ذاته. شيء أكثر جدية في إطار المغامرات سنجده في فيلم كوينتين تارانتينو الجديد "اقتل بيل". من بطولة أوما ثورمان التي تعلمت لخاطر الفيلم القتال بسيف الساموراي... أمر لم يتوان عنه أيضاً توم كروز في فيلمه الجديد "الساموراي الأخير". هذا كله ليس سوى شريحة من فيض يتصدره ممثلون من صنف راسل كراو وجاك نيكولسون وايدي مورفي وجوني ديب وبول ووكر وهاريسون فورد وانطونيو بانديراس من بين آخرين. الى أن ينطلق الصيف الساخن باكراً كالعادة، تأمل هوليوود في أن يكون فتور الإقبال الحالي عائداً الى نوعية الأفلام المرمية اليوم على الشاشات الكبيرة وليس بسبب الحرب الدائرة على شاشات التلفزيون. اذا كان السبب هو مشاهد الحرب واذا ما استمرت هذه طويلاً بتبعاتها وتأثيراتها، فإن هوليوود في مأزق خطير.