فتح اغتيال السيد عبدالمجيد الخوئي، نجل المرجع الشيعي الراحل ابو القاسم الخوئي، مطلع الاسبوع الماضي، الباب امام جدل كبير داخل الحوزة الشيعية العراقية في وقت يبدو ان الشيعة العراقيين غير جاهزين للخروج في موقف موحد من التحولات السريعة التي يشهدها بلدهم، بعد انهيار النظام. وتظهر مدينة النجف، مقر الحوزة، بشوارعها التي تفتقد الصيانة ومستوى الدخل المتدني لسكانها، بمثابة ضحية نموذجية ليساسة النظام السابق الذي كرّس جهده وموارده لتطوير بغداد، مهملاً الأرياف، والمناطق الاخرى خصوصاً تلك التي لم تظهر له الولاء الكامل. واستنفر اغتيال الخوئي والمضاعفات التي أدى اليها، المراجع الدينية، ودفعها الى بلورة موقف ازاء ما يشهده العراق، خصوصاً بعدما تردد ان الشيعة اتخذوا موقف المترقب من الحرب التي رغبوا بأن تخلصهم من نظام صدام حسين، من دون ان يتكلّفوا عبء مساندة القوات الاميركية. ويلاحظ، عبر جولة في انحاء النجف ولقاءات المسؤولين فيها، ان ثمة نشاطاً لا سابق له لجماعات الشيعة المتنافسة على كسب ود الجمهور، وأولهم "حزب الدعوة" الذي سارع الى فتح معركة امام مقر حزب البعث قسم النجف بهدف الاستحواذ عليه. وينشط "التجمع الوطني الديموقراطي" لتجنيد رجال الشرطة وموظفي الخدمات العامة، في وقت يحاول "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" استقطاب الانصار عبر دعوته الى مهرجان في مدينة كربلاء الاسبوع المقبل، لمناسبة إحياء الذكرى الاربعين لمصرع الامام الحسين. وفي هذا النطاق يأتي رفض آية الله علي الحسين السيستاني الذي يعتبره كثيرون بمثابة زعيم حوزة النجف، كما اعلن نجله محمد رضا ل"الحياة" أول من امس، اي سلطة اجنبية في العراق ليظهر مدى التحول المتسارع في المواقف الصادرة في النجف من الوجود الاميركي والرغبة في ابرازها. وعلى خلفية هذا الوضع المتحول كان سهلاً على المراقبين تأويل النزاع الذي شهدته النجف بين السيستاني وبين مؤيدي مقتدى الصدر، نجل آية الله محمد الصدر المرجع الشيعي الذي اغتاله النظام العراقي في التسعينات، على انه محاولة من الصدر لاستعادة المبادرة على الارض من أتباع السيستاني الذي تبنى مواقف مهادنة من النظام العراقي، ورفض الدخول في اي مواجهة مباشرة. وفي حين يؤكد مكتبا السيستاني والصدر عدم رغبتهما في الاختلاف، يبدو واضحاً ان الرد الشيعي على تطورات الاوضاع يبقى قاصراً عن تشكيل جبهة موحدة في ظل التباين بين المبررات المصلحية التي يستند اليها كل تجمع للاطلالة على النزاع السياسي الذي بدأت ملامحه ترتسم في العراق، بعد انحسار ظل الرئيس صدام حسين الذي مارس سياسة تنكيل مستمرة بحق المرجعيات الشيعية وأجبرها على الصمت تحت طائلة القتل او النفي.