اتهمت مؤسسة الامام الخوئي الخيرية في لندن اجهزة الاستخبارات العراقية باغتيال آية الله الشيخ مرتضى بروجردي. وذكرت في بيان تلقت "الحياة" نسخة منه أمس، "أن النار أطشلقت عليه ومرافقيه" أثناء عودته فجر أول من أمس الى منزله "بعدما أدى صلاة الجماعة في مسجد حرم الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب في مدينة النجف الأشرف". وتعذر الاتصال عبر الهاتف بمنزله، وأكد مسؤول في المركز ل "الحياة" ان موظف البدالة الدولية في بغداد أصر على أن الهاتف المطلوب قطع منذ أشهر "على رغم اننا تكلمنا مع بروجردي شخصياً في منزله قبل أيام قليلة". وبثت "وكالة الانباء العراقية" الرسمية ان "مجهولاً أطلق النار على بروجردي، وأشارت الى ان مرافقيه الاثنين، اللذين لم تذكر اسميهما، اصيبا بجروح ونقلا الى المستشفى. واتهمت الوكالة "مخابرات تابعة لجهة أجنبية" باغتيال بروجردي "بسبب الأفكار الدينية والنهج الصحيح الذي يسير عليه". لكن مؤسسة الخوئي نفت أن يكون بروجردي مارس أي نشاط سياسي وأكدت أن "لا علاقة له أبداً بإيران". وفي طهران استدعت وزارة الخارجية الايرانية القائم بالأعمال العراقي ودانت عملية الاغتيال وطالبت الحكومة العراقية بأن تقدم "ايضاحاً" في شأن الحادث وتتخذ الاجراءات اللازمة للكشف عن الجناة. ووصفت مؤسسة الخوئي المغدور ب "العالم الرباني الكبير" الذي "قضى عمره الشريف الذي ناهز السبعين في خدمة الدين والعلم والانسانية، باحثاً ومحققاً وأستاذاً بارزاً في الحوزة العلمية الدينية في النجف الأشرف". وأضافت انه "من أبرز تلامذة سماحة الراحل الامام أبو القاسم الخوئي" وكان "مقرراً لبحوثه الفقهية" تحت عنوان "مستند العروة الوثقى" التي أصدرها في عشرة أجزاء و"تعد من أهم المصادر الفقهية الحديثة المعول عليها في الحوزات العلمية الدينية في النجف الأشرف وقم المقدسة". واعتبر السيد مجيد الخوئي، وهو نجل آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي، في تصريح الى "الحياة" ان اغتيال بروجردي "تم في اطار تصفية المنافسين المحتملين لمرشح السلطة مرجعاً دينياً أعلى"، وقال إن مرشح السلطة هو السيد محمد الصدر، الذي رأى الخوئي انه "متعاون مع السلطة التي تستغل اسم عائلة الصدر لفرضه مرجعاً مع أنه غير مؤهل" لذلك. وأوضح السيد مجيد ان بروجردي هو زوج إبنة آية الله السيد علي السيستاني الذي تعتبره الأوساط الشيعية الخليفة الأنسب للمرجع الأعلى السابق الامام الراحل الخوئي. وتابع السيد مجيد ان السيستاني "أخذ مكان الخوئي بعد رحيله في مسجد الخضراء في النجف، بينما كان بروجردي يؤم المصلين في مسجد الحرم الذي أغلقته وزارة الأوقاف العراقية في حزيران يونيو 1994 "بحجة اجراء ترميمات". يذكر ان زوج إبنة بروجردي هو ابن السيستاني وكان موجوداً في منزل والده عندما هاجم مسلحون المنزل واطلقوا النار على زواره. ومعروف ان السلطات أجبرت السيستاني على عدم الصلاة في المسجد منذ أربع سنوات فالتزم منزله حيث استقبل زواره الكثر. وقال السيد مجيد إن الحادث "على غرار الاغتيالات والاعتدءات سجل ضد مجهول". ولفت الى ان هذه هي المرة الأولى التي تعلن بغداد رسمياً عن حادث من هذا النوع. وقال ان من بين الحوادث اغتيال السيد محمد تقي الخوئي، نجل آية الله العظمى، في تموز يوليو 1994 واطلاق النار في أيار مايو من العام الماضي على اثنين من موزعي رواتب السيستاني على طلبته ما أسفر عن مقتل احدهما، هو السيد جابر الحلو، وجرح الآخر، الشيخ سالم البصراوي. كذلك أكد السيد مجيد ان بروجردي نفسه تعرض لمضايقات متواصلة واعتدت عليه عناصر المخابرات بالضرب مرتين في الآونة الأخيرة لضغوط استهدفت حمله على الامتناع عن الذهاب الى المسجد. وفي العام الماضي انفجرت قنبلة وهو في طريقه من منزله الى المسجد واصيب بجروح. وأخيراً زاره ممثلون لوزارة الأوقاف وطلبوا منه عدم الذهاب الى المسجد، لكنه رفض إلا إذا وجهت اليه الوزارة كتاباً رسمياً يتضمن هذا الطلب. وأشار السيد مجيد الى ان بروجردي لم يكن يغادر منزله أو يعود إليه إلا مع مرافقين اثنين على الأقل. وأبدى السيد مجيد تخوفه من أن يكون أحد أبنائه بين المرافقين الاثنين اللذين ذكرت "وكالة الانباء العراقية" انهما اصيبا بجروح. وأعرب عن قلقه على مصيرهم "وإلا لماذا لم تذكر الوكالة هويتهما أو اسم المستشفى الذي نقلا إليه"؟" واعتبر بيان مؤسسة الخوئي ان "هذه الوقائع والادلة الدامغة تجعلنا في موقع تحميل النظام الحاكم في العراق مسؤولية الحادث الاجرامي ... ونطالب بتأمين زيارة لجهة محايدة تشرف على سير التحقيق في الحادث لكشف ملابساته التي حاول النظام التستر عليها، عندما نسب الى الشهيد دور السياسي المعارض، خلافاً للواقع ولما هو معروف عن شخصيته وعن بعده عن أي عمل سياسي". الى ذلك ضم السيد محمد بحر العلوم، وهو من أبرز الشخصيات الشيعية العراقية في بريطانيا، صوته الى مؤسسة الخوئي في اتهام النظام العراقي باغتيال بروجردي. ودان بحر العلوم "الاساليب الاجرامية التي تتبعها اجهزة النظام في تصفية علماء الدين" واعتبر انها "تؤكد خطورة الوضع في العراق ... وهذا ما يدعونا مجدداً الى مطالبة المنظمات العالمية لحقوق الانسان، والمتباكين على تأهيل الرئيس صدام حسين من جديد - عرباً وغير عرب - بأن يعملوا على كبح طغيان الحاكم السفاك، وإيقاف إراقة الدماء البريئة ظلماً وعدواناً". أما "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق"، فاستغرب بلسان ممثله السيد حامد البياتي كون بغداد "اتهمت قبل القيام بأي تحقيق في ملابسات الجريمة، وكعادتها، جهات خارجية". ونقل البياتي عن "شهود عيان" أن عناصر امنية نقلت المرافقين الجريحين "الى جهة مجهولة". وأضاف ان "التوتر ساد" النجف وان السلطات نشرت "عناصرها الأمنية والحزبية في الأماكن الحساسة" من المدينة. طهران ونددت إيران باغتيال بروجردي وطالبت الحكومة العراقية بأن تقدم "توضيحات" وتعاقب الفاعلين والمسؤولين عن "الجريمة البشعة". ولم تخف وزارة الخارجية الإيرانية "الأسف الشديد" و"الانزعاج البالغ" من الحادث، ووصفت "وكالة الأنباء الإيرانية" الرسمية القتيل بأنه "شهيد". واستدعي القائم بالأعمال العراقي في العاصمة الإيرانية صالح نوري سمرمد إلى وزارة الخارجية الإيرانية أمس. وندد المدير العام لدائرة الخليج في الوزارة علي أصغر خاجي ب "الحادث المؤسف"، مشدداً على أنه يتحدث "باسم الحكومة والشعب" في إيران، وطالب "الحكومة العراقية بأن تقدم توضيحات في شأن الحادث وأن تعتقل المسؤولين عن هذه الجريمة البشعة والنكراء وتعاقبهم". ودعا السلطات العراقية إلى ان "تتخذ الاجراءات والترتيبات اللازمة للحؤول دون حوادث مشابهة". كذلك أعرب القائم بالأعمال العراقي عن "أسف" حكومته لهذا الحادث "المؤلم"، وأكد أنه سيبلغ حكومته في بغداد مواقف الحكومة الإيرانية في "أسرع وقت" وسينقل نتائج التحقيقات ورد حكومته إلى السلطات في طهران. ولا تخفي الأوساط الدينية الإيرانية أو العراقية في طهران استغرابها لعملية الاغتيال. وقالت مصادر عدة ل "الحياة": "إنها لا تستطيع تحديد دوافع الاغتيال أو تقديرها"، مشيرة إلى ان آية الله بروجردي "معروف في الحوزة العلمية سواء في النجف أو في قم، لكنه ليس من كبار المراجع كما لم يُعرف عنه اتخاذه مواقف سياسية مثيرة أو مقلقة للحكومة العراقية". واية الله بروجردي هو عمّ مساعد وزير الخارجية الإيراني السابق لشؤون آسيا والمحيط الهادئ والممثل الخاص في القضية الأفغانية حالياً علاء الدين بروجردي، وهو نشأ في العراق، ويحمل الجنسية الإيرانية ويحمل اقامة رسمية من السلطات العراقية منذ عهد مرجع الشيعة السابق آية الله الخوئي، وهو من الذين عاشوا في العراق تحت كفالة الخوئي ولم يرحل أسوة ببقية الإيرانيين في العراق. ولم يصدر أمس أي رد فعل في الحوزة العلمية في قم، وأكدت مصادر في المدينة أن الحوزة أغلقت منذ أول من أمس، لأن معظم مرتاديها من المبلّغين والطلاب، "انتشروا داخل إيران وخارجها لمناسبة العاشر من محرم وعاشوراء".